الحرب المباشرة بين إيران وإسرائيل مؤجلة... ماذا عن لبنان؟

05 تشرين الأول 2024 12:03:19 - آخر تحديث: 05 تشرين الأول 2024 12:26:02

تمكن نتنياهو بدهاء كبير من تهيئة الظروف السياسية والعسكرية لنقل الجهد العسكري إلى الجبهة الشمالية، إذ تحولت جبهة غزة إلى جبهة ثانوية بعد أن باتت حماس بنظر معظم القادة العسكريين والسياسيين في إسرائيل، تمثل تهديداً تكتيكياً في ضوء ما ألحقته الآلة العسكرية الاسرائيلية من تدمير في بنيتها العسكرية. وفي المقابل، تحولت إيران وحزب الله بنظرهم أيضاً إلى "تهديد استراتيجي، يجب التعامل معه قبل قيام الجمهورية الإسلامية بإنتاج اول قنبلة نووية. وهذا هو بيت القصيد في كل ما يجري على الجبهة الشمالية من تطورات منذ السابع عشر من ايلول. إذ ما لبثت عملية "سهام الشمال"، التي كانت تهدف إلى إعادة سكان شمالي إسرائيل إلى بيوتهم بحسب المزاعم الاسرائيلية، أن تحولت إلى عملية "النظام الجديد"، التي افتتحت باغتيال امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، وكشف نتنياهو عن اهدافها بتغيير الشرق الأوسط وخلق واقع جديد في المنطقة، يطوق إيران ويجعل من إسرائيل الجسر الذي يربط آسيا بأوروبا. كما كشفت الصحافة الاسرائيلية أن نتنياهو قد اقنع ادارة بايدن (التي تدعي الخلاف معه) أن اضعاف إيران يبدأ باضعاف وكلائها، وقد حصل على الضوء الاخضر بتدمير البنية العسكرية والمالية والاقتصادية لحزب الله، وتفكيك قيادته ونزع سلاحه. وكتب المعلق السياسي "جاكي حوكي"في صحيفة معاريف، إنها "معركة أميركية – إسرائيلية، والجيش الإسرائيلي هو المقاول التنفيذي، لكن واشنطن لها دور مركزي".


فما هي السيناريوهات المتوقعة في المواجهة بين إيران وإسرائيل؟ 
من الواضح أن التفاهم الاميركي الاسرائيلي على هذه الحرب بعنوان الحرب على "وكلاء طهران " لإضعافها يفترض أن تجري بشكل متدرج وأن لا تؤدي في الوقت الحالي لحرب واسعة وشاملة. لذلك ورغم تمكن نتنياهو من استدراج طهران للرد الذي جرى ليل 2 تشرين الاول، بإطلاق مئة وثمانين صاروخاً بالستياً على مواقع عسكرية وأمنية ومطارات عسكرية انتقاماً لاغتيال إسماعيل هنية والسيد نصر الله، ليس متوقعاً اي سيناريو برد اسرائيلي يؤدي إلى حرب اسرائيلية إيرانية بشكل مباشر. الاميركيون يريدون تمرير استحقاق الانتخابات الاميركية بهدوء، لان اي مواجهة بين إسرائيل وإيران، تتعارض مع متطلبات القومي الأمريكي وستؤدي إلى ارتفاع اسعار النفط بشكل كبير، وبالتالي ستنعكس سلباً على حظوظ كمالا هاريس في الفوز بالانتخابات الرئاسية. حكومة نتنياهو من جهتها، تعرف أن الجيش الاسرائيلي غير قادر على أن يخوض حرباً ضد إيران دون انخراط الولايات المتحدة الأمريكية فيها، وكذلك غير قادر على فعلها في الوقت الذي يخوض فيه حرباً ضد حزب الله. والاعتقاد بأن إسرائيل قد استعادت قوة الردع بعد اغتيال نصر الله وقيادات الحزب، ما لبث أن أصبح موضع تساؤل كبير، بعد الرد الإيراني. إذ "أشارت التقارير إلى أن الجزء الأكبر من طائرات F-35 التابعة لقاعدة نيفاتيم الجوية - أكثر من 20 مقاتلة - قد دمرت في الهجوم، حيث تمثل المقاتلات الشبحية واحدة من أكثر الأهداف قيمة في إسرائيل". بالرغم من ذلك، فإنه من المستبعد حالياً أن تقوم إسرائيل باستهداف البرنامج النووي الإيراني، او أن تقوم بتدمير المنشآت النفطية ووسائل الدفاع الجوي الايراني. السيناريو الأكثر واقعية هو أن تقوم إسرائيل بالرد على إيران بالحدود التي لا تضع هذه الأخيرة في الزاوية او تؤدي إلى حرب مباشرة. لكن نوايا إسرائيل بتدمير البرنامج النووي وربما إطلاق حرب اوسع مع طهران ستبقى حالياً مع وقف التنفيذ، لما بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية، وقبل انتاج الجمهورية الاسلامية عدد من الرؤوس النووية المتوقعة في نيسان المقبل. وبالتأكيد، لن تكون حرب مباشرة مع إيران، قبل ان تتضح نتائج الحرب مع حزب الله وباقي أطراف محور المقاومة في سوريا والعراق واليمن. والموقف الإيراني بتفادي الحرب المباشرة واضح، وقد ابلغ وزير خارجيتها عباس عراقجي بعد الضربة الإيرانية رسالة إلى الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا وبريطانيا، مفادها عدم رغبة إيران بالذهاب إلى حرب شاملة. ولكن يبقى السؤال ماذا ستفعل طهران حيال حرب" تصفية حزب الله؟ هل ستقف مكتوفة الأيدي؟ وما هي أشكال الدعم التي ستلجأ اليها؟ وهل تعمد إلى ارسال قوات إلى لبنان لمساعدة حزب الله ومنع تفكيكه؟ أم تلجأ إلى سياسة خفض التصعيد، وتفوض الرئيس بري لسلوك الخيار الدبلوماسي وانتخاب رئيس جمهورية توافقي؟ تصريح وزير خارجية إيران بعد اجتماعه مع الرئيس بري باستمرار ربط جبهة لبنان بجبهة غزة يظهر أن إيران مستمرة بالتصعيد.


لا اجوبة واضحة على هذة الاسئلة، لكن ما هو مؤكد أن المبادرة حالياً هي بيد نتنياهو، ولا أحد يعلم من سيتكفل بانزاله عن الشجرة. وفي غياب أي امل في ادارة بايدن لوقف الحرب وتفعيل الخيارات الدبلوماسية، يظهر أن لبنان عالقاً الان بين مشروع نتنياهو وحربه على حزب الله لتغيير الشرق الأوسط، وإعلان الخامنئي من أن "قتال حزب الله خدمة مصيرية للمنطقة". لكن ماذا عن لبنان، فهل مطلوب ان نبقى مسرحاً كبيراً لهذه المواجهة؟ وهل نستطيع الاستمرار بدفع هذه الكلفة الباهضة على المستويات كافة؟ فماذا سيبقى من هذا البلد بعد نهاية هذه الحرب، إذا انتهت بفترة قصيرة؟.