Advertise here

... ونحن لا نريدك "شيخ العشيرة"!

07 آب 2019 15:09:00 - آخر تحديث: 07 آب 2019 15:37:53

ما كشفه المؤتمر الصحافي لقيادة "الحزب التقدمي الإشتراكي" يتعدّى بأهميته النواحي القانونية التي فضحت الكثير من عورات النظام القضائي وأكدت الإستنسابية السياسية في مقاربة الأمور التي كانت ستكرسها الإحالة المفترضة للمجلس العدلي في مجلس الوزراء. فاضافة إلى الإشكاليات القانونية العديدة التي تعتري هذا الملف، منها عدم صلاحية القضاء العسكري للنظر في القضية إستناداً إلى خلاصات تحقيق شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي الذي أسقط نظرية الكمين كما أسقط نظرية محاولة إغتيال الوزير؛ فثمة إستنتاجات سياسية لا بد من التوقف عندها:

أ- كيف تحول الإتهام السياسي، وبعد أكثر من شهر على وقوع الحادث، من محاولة إغتيال وزير إلى محاولة إغتيال وزير آخر؟ وكيف عطّلت البلاد لأكثر من شهر بسبب شعار، سرعان ما تبين أنه فارغ من أي مضمون قضائي جدي، ثم الآن تطلق إنتهاكات جديدة في السياق السياسي ذاته؟ وبالتالي، هل يمكن القول إن كل المؤتمرات الصحافية التي عُقدت والتوتر الذي تولد كان نابعاً من فراغ؟

ب- كيف يمكن تفسير السعي الحثيث من وزراء العهد، ثم من رئيس الجمهورية نفسه، لإنتاج إتهامات سياسية مناقضة للمعطيات القانونية التي وفّرتها التحقيقات؟ وهل هو ما دفع هؤلاء الوزراء للتدخل السافر غير المسبوق في عمل القضاء، تارةً لتنحية القاضي المناوب في العطلة القضائية واستدعاء آخر من عطلته القضائية وتوليته الملف وطوراً في المجاهرة بالمطالبة "بقاضٍ طيّع"؟

ج- اذا كان رئيس الجمهورية يرفض أن يكون "شيخ عشيرة" ليقوم بالصلح (رغم أن اقتراح المصالحة خرج من بعبدا)، فالأغلب انه يبرر ذلك بأن ثمة مؤسسات دستورية يفترض أن تقوم بدورها، فهل هذا ينطبق على موقفه من خلال إصدار الإتهام السياسي بدل انتظار التحقيقات، تماماً كما فعل وزير دفاعه عندما تبنّى نظرية "الكمين" قبل تكوّن الملف واستكمال المعطيات الميدانية والقانونية؟

ألا يفترض برئيس البلاد أن يكون راعياً لكل المؤسسات وساهراً على حسن سيرها وأدائها؟ وألا يفترض به ان يكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين وتالياً من كل أطراف النزاع؟ ألم يلاحظ رئيس البلاد و"زواره" أن أحد الأحزاب السياسية لم يكتفِ بالامتناع عن تسليم أي من المتورطين، بل أيضا إشترط على القضاء- في سابقة غير معهودة- ان يتم استدعاؤهم كشهود وليس كمشتبهٍ فيهم؟

المشكلة التي قد لا يدركها البعض أن مفهوم العدالة لا يتجزأ، وكذلك مفهوم السيادة، ومفهوم دولة المؤسسات! فمن عطّل 43 جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية كان يتصرف بسلوكيات دستورية أم عشائرية؟ ومن عطّل مجلس الوزراء على مدى أشهر لتعيين مسؤول عسكري كان يتصرف دستورياً أم عشائرياً؟ ومن شل المؤسسات تحت عنوان "الميثاقية" لشهور كان يتصرف وفق البنود الدستورية أم وفق الحسابات الفئوية المصلحية؟ 

يكفي هذا القدر من الإسفاف ومن الإستخفاف بعقول اللبنانيين!

ختاماً، يا فخامة الرئيس، لقد توفرت لك كل الفرص لتكون رئيساً لجميع اللبنانيين، ولا أحد يريدك "شيخ العشيرة"، فهل صحيح أنك تريد أن تعود رئيساً فخرياً للتيار!؟