Advertise here

حادثة البساتين سياسية لا مذهبية... والهدف اغتيال جنبلاط

06 آب 2019 11:34:00 - آخر تحديث: 04 أيلول 2020 12:15:30

يخطئ من يظن أن مفاعيل الإشكاليات الواقعة في جبل لبنان تنحصر ضمنا في البيئة المعروفية للموحدين الدروز. فالأزمة المتشعبة سياسية لا مذهبية، لكن الخيار وقع على تنفيذ الأجندة التخريبية من خلال بث الفتن عبر "دماء لموحدين" لأن أدوات الفتنة تقصد النيل من رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ومن دار المختارة السباقة في طي صفحة الماضي الأليم والحريصة على المصالحة التاريخية والشاهدة على تاريخ يضرب جذوره بعمق التاريخ، في بلدة تحتضن في ربوعها جامعاً باسم أمير البيان شكيب أرسلان إلى جانب الكنيسة العريقة والخلوة لتستحق بمكوناتها وتنوعها لقب "المختارة الوطن".

ويخطئ حقاً من يفصل بين حادثة الجاهلية واستفزازات المواكب في الشوف عشية مقتل محمد ابو ذبياب وقبلها جريمة علاء ابي فرج في الشويفات وحادثة البساتين المؤسفة التي أراقت دماءً في غير مكانها وزمانها لشابين من طائفة اعتادت أن تلم شملها على "حفظ الإخوان".

ويخطئ أيضاً من يحشر هذا التوصيف في زاوية الانحياز لهذه الدار أو الثناء على دورها، لأنه يأتي في سياق الضرورة لتوضيح خيوط اللعبة الوسخة التي يقودها أزلام نظام الوصاية السابقة بأقنعة جديدة تعتمد الأدوات نفسها عبر التلاعب بالمواقع والمناصب وتضرب بعرض الحائط استقلالية القضاء.

كيف لا والفبركة واضحة باقطاع واجتزاء ما يحلو لهم من تحقيق فرع المعلومات الذي سُرّب بغير حقٍ لوزيرٍ سابق لم يتوان عن كشفه عبر الإعلام ليضرب بعرض الحائط مصداقية الأحكام ومصداقية الإعلام؟

كيف لا والإعلام يكاد يتطابق بتشابه أخباره وتحقيقاته وكأنه يوزّع بياناً موحداً لصالح فريقٍ ضد آخر ويستقبل على منابره أزلام الوصاية مراراً وتكراراً بقصد تشويه الحقائق؟

كيف لا وهم يقلبون الوقائع رأساً على عقب ولا يخجلون من تناقضاتهم ورأس الدولة يشارك في البلبة القضائية متدخلا بشكلٍ سافر ومدعياً أن المكمن كان مدبراً لصهره بحسب تسجيلاتٍ مفبركة ومجتزأة يدعون أنها اعترافات بعدما أعلنوا سابقاً أنه مكمن لاغتيال الوزير الغريب؟
كيف لا وهم يقلبون الوقائع ليصوّروا موكباً "لوزير دولة" اقتحم الشعب وكأنه رف حمام يحمل أغصان الزيتون بعد أن خرج من سيارته الملثمين الذين أطلقوا النار؟ 

والتساؤلات لا تنتهي أمام انحياز وزير الدفاع، فهذا العهد يُذكرنا بزمن مدع عام التمييز في زمن الوصاية حيث كانت الملفات تحفَظ أو تُنبَش من الأدراج غب الطلب لتستصدر الأحكام العرفية بحق هذا وذلك في عهد "البوريفاج" و"عنجر" وغيرها من المخافر العرفية لرجال النظام الذين عاثوا فسادا في لبنان قبل أن ينقلبوا على شعبهم طغاة!

أما أدوات العهد فهي الزمرة المنفذة للأجندة تارةً عبر فتنة "فتوش" ومعمل الموت في عيندارة وطوراً عبر الترهيب بمجلس عدلي ثم عبر التلاعب بأحكام المحكمة العسكرية واتهاماتها الصادرة بالقتل عمداً للمدافعين عن أنفسهم بوجه رصاص موكب "وزير دولة" اقتحم الناس بالسلاح!!

ومن يراقب السيناريو المخزي منذ مقتل الشهيد علاء ابي فرج في الشويفات وإخفاء القاتل وتهريبه، مروراً بعقدة الوزير الثالث الذي سهل أمره زعيم المختارة وليد جنبلاط، وما رافقه وتلاه من سيناريوهات، سيقرأ في خارطة الطريق الفتنة المرسومة للإطاحة بزعيم المختارة سعياً للإطاحة بكل القوى الإستقلالية في لبنان.
إنها فعلاً سخرية عبّر عنها رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع بعرضه للحقائق خلال برنامج "صار الوقت" مع الاعلامي مرسال غانم. حيث استعرض لفيديو اغتيال المناضل هاشم السلمان على مرأى القوى الأمنية، سائلاً أليست هذه جريمة تستحق مجلساً عدلياً؟ ولم يفت "الحكيم" أن يشير لعمق المشكلة بتسليط الضوء على الدور السلبي الذي يقوم به رئيس الظل جبران باسيل، ليتضح_ من خلال رسائله الودية للرئيس العماد ميشال عون ومزاحه بعبارة "قوم بوس تيريز"_ أن العهد ينقلب على نفسه بنفسه عبر الصهر بصفته محرّك الأزمات!

أما التوضيح الدامغ لعمق الأزمة، فجاء بتغريدة عضو اللقاء الديمقراطي النائب هادي ابو الحسن الذي كتب: "غربان الوصاية عادوا ليظللوا وطننا بمشهد يعيدنا 15 عاماً الى الوراء ظننا أنه مضى ولن يعود ، وإذ به يطل من جديد بنسخته اللبنانية ليصبح عندنا جماعة النظام المحلي الذين يقتبسون الأساليب نفسها بتركيب الملفات من خلال إستدعاء قضاة من عطلتهم لتنفيذ مهمة مشبوهة لن ندعها تمر". وخاطب مسؤولي العهد الحاكم: "كم تشبهونهم!"!

والمشهد التعطيلي الشامل يتضح بكلامٍ صدر عن وزير الصناعة وائل أبو فاعور خلال احتفال بمنطقة راشيا البقاعية، حيث أضاء على أزمة تعطيل الحكومة التي يشنها العهد على رئيسها، قائلاً: نستغرب أن نصل إلى يوم يصبح فيه رأس السلطة هو من يعطل المؤسسات في لبنان، فيما وصل العبث إلى مؤسسة القضاء عبر التلاعب بالتحقيقات، وبالأجهزة الأمنية.

الرأي العام سيكون ظهر اليوم على موعد مع الحقائق مع صرخة سيطلقها الحزب التقدمي الاشتراكي في مؤتمره الصحفي ليفتح الملفات وبضع الحقائق أمام الرأي العام. وعلى القوى الاستقلالية في لبنان أن تستشعر الخطر على مؤسساته لأن التاريخ يشهد بأن أرباب الفتنة اعتادوا الدخول من باب الخلاف المسيحي الدرزي كما حدث إبان دخول الجيش السوري إلى لبنان بحجة حماية المسيحيين من الحركة الوطنية بقيادة كمال جنبلاط الذي سقط شهيداً لرفضه دخول نظام الوصاية؟!

وحدهم السذّج يصدقون أن الأزمة الحاضرة مذهبية درزية وسط هذه التدخلات الخارجية والداخلية السافرة. فأدوات الفتنة قد خرجوا من عباءة بني معروف التي تترفع عن الفتن وتدفنها في مهدها تماماً كما فعل المرحوم الشيخ أبو صالح فرحان العريضي عشية اغتيال نجله أمام منزله في بيصور.

وها هم اليوم يعيدون سيناريو الماضي بأدواتٍ جديدة، يحاولون خرق الصف الدرزي عبر باسيل ووزير التهجير والنائب الأسود بنواياه وتعليقاته المشبوهة النابشة للقبور ومسؤولين المختصين بحياكة الفتن وبث الأحقاد بدلاً من البناء على المصالحات التي يسعى الحزب التقدمي الاشتراكي لترسيخها والتأكيد عليها مع كل القوى المسيحية الاستقلالية والمرجعيات الروحية.

والمؤسف حقاً هو انحياز "بي الكل" الذي أقسم اليمين الدستورية وكأنه أقسم يميناً مقابلة ألا يصدق إلا كلام صهره الذي يمارس عبره دور الحاكم مستنداً على حاجة حزب الله لوجوده كغطاء مسيحي! نعم صهره الذي يجول البلاد مدججاً بمواكب لتحميه من شظايا خطاباته المسمومة التي وترت الشارع بمسارها التراكمي، وتفجرت في الشارع غضباً بعد تصريحه المسموم في بلدة الكحالة صبيحة يوم حادثة البساتين المفتعلة ضمن سيناريو الحرب على جنبلاط! فاحذروا يا أرباب القانون من سقتطكم لأن الكلام التحريضي الذي يؤدي للفتن هو تحريض على جريمة يطالها القانون والمحرّض هو وزير الخارجية الذي يزرع الفتن في جولاته الداخلية مسوّقاً لنفسه ثائراً لاستعادة حقوق المسيحيين وفي جعبته سلة أحقاد انتقامية ضد الدروز منذ العام 1860 ومدعياً بأنه ينقذ الدروز من سيطرة جنبلاط الذي يمثل أقله 85% من قاعدتهم الشعبية !

إحذروا أيها السادة، فالقصف على جنبلاط هو القصف على المصالحة التاريخية، ومحاولة تطويقه هي محاولة الغاء دوره الوطني الجامع، وإزاحته تهدف لتمرير المخططات الساعية لعودة أدوات الوصاية! وافتعال الفتن في جبل لبنان عبر البوابة الدرزية هو السيناريو الذي لم ينجح معهم في الجاهلية وقبلها في الشويفات، ويحاولون تمريره اليوم في البساتين! إنهم ينقلون اللعبة القذرة من المجلس العدلي إلى المحكمة العسكرية عنوة. فيستحضرون قاضيا من عطلته، ويستغنون عن آخر بكل وقاحة، والقضية في مكانها الصحيح يجب ألا تتخطى المحكمة الجزائية. وإن كان هناك مكمن كما يدعون فهوالذي شارك به وزير الدولة عبر مرافقيه الملثمين واقتحامه بالسلاح لعامة الناس!

أيها الاستقلاليون.. تحركوا، فالسيناريو المحاك اليوم هو عينه الذي حيك للدكتور سمير جعجع عبر فبركة جريمة سيدة النجاة! فحادثة البساتين سياسية لا مذهبية والهدف منها اغتيال سياسي لجنبلاط، وبالتالي... عودة الوصاية واغتيال استقلال لبنان!