فلاح مكفي – سلطان مخفي... من أم الشهداء إلى مزرعة الشوف الأبية

10 أيلول 2024 13:41:53

كنّا في بيصور في أيلول 1983 هواة كرامة وروّاد وطن موحد، نحمي مداخلها بأجسادنا وبركة الأتقياء الأنقياء من المجاهدين ووصية الأجداد بأن حماية الأرض واجب يوازي حماية العرض... الحذر من الإجتياح في ميزان يميل لصالح الخصوم حيث الجيش الفئوي والحماية الأجنبية برمزية نيو جرسي وأخواتها والغرور القاتل المتهالك لأصحاب البدع الوطنية من رفض ٍ للمشاركة إلى شعارات التقسيم والفدرلة إلا إذا رضي فريقنا بالسيطرة الكاملة لتسوية 1943 وخفض جناح الحريات الديمقراطية والبعد عن العروبة وقضاياها...
في بيصور كان تلامذة المعلّم الشهيد كمال جنبلاط يقتاتون خبز الصاج طازجاً من أيدي الفلاحين ويتعهد الأعمام ترتيب الأطباق فيما الجو يكبر بالإرادات الطيبة والمعنويات العالية وسهولة الإستشهاد والقبول به...
هؤلاء الشرفاء كانوا من كل لبنان يحملون الأكفان مع الزوادات مشدودةً إلى الأعناق لحماية بيصور برمزية مكنوناتها سدّاً منيعاً لهدف ٍ واحد يسعى له الخصوم ... وصل قبرشمون بسوق الغرب.
وبذلك ينزعون شرف العروبة عن جبل كمال جنبلاط ...
فخسئوا في أهدافهم لأن العروبة أصيلة في تاريخنا وتزداد إلتصاقاً بعقولنا رغم ما ينتابها من تطاول ونكسات ليبقى شعارنا:
                          بلاد العُرب ِأوطاني           من الشام إلى بغدان ِ
                          ومن بيروت إلى يمنٍ           إلى مصر وتطوان ِ
وفي يوم لا أنساه وبعد أن أمنا البدائل لخريطة القائد ماهر حيث تسابق الرفاق برفع الأيدي للتبديل، كان القدر لنا بالمرصاد فأُبلغنا بشهادة بعض الرفاق الأحبة، عرسان المقابر، وكان دوري أن أنقل أحد الجثامين إلى مزرعة الشوف صنو بيصور بالشهامة والكرامة، وفيما نحن نزف الشهيد بدون دموع وترتفع صيحات الدعاء بالنصر للبنادق والسلامة لحامليها. والجو عابقٌ بالشجاعة ومقاتلونا مثقفون طليعيون من الأطباء والمهندسين والضباط والكادحين والأساتذة والسيدات، لفت نظري إحدى الأخوات الشيخات تراني للمرة الأولى في هذا الجمع الزاخر بالوفاء للأرض والولاء للوطن تقترب لتسألني وأنا شبه الغريب إن كنت قد تناولت العشاء....
الحزن يطغى صامتاً والليل يرخي ظلاله والأصوات خافتة والشيخة المحتشمة المؤدبة تسأل شبه الغريب عن زاده !!!
شكرتها معتذراً لقرب الإنصراف وعدم الحاجة، وما هي إلا دقائق قليلة حتى عادت وفي يمينها زاد الخير والخبز والحلوى تكفي لعائلة، فأخذت زادي وانصرفت مع رفاق العودة شاكراً هذا الإهتمام واللفتة الكريمة...
فإلى تلك الأخت الفاضلة حية كانت أم في رضى الرحمن كل الشكر والتقدير ولمعشر الفلاحين وزراعي الأرض وحافظي الكرامة وشعارهم ليوم الدين الحفاظ على العرض والأرض.