خطر على لبنان أبعد من "اللائحة الرمادية"!

10 أيلول 2024 13:06:32

 أقلّ من شهر يفصل لبنان عن إحتمال وضعه على اللائحة الرماديّة، والتي على ما يبدو أنّه يتجّه إليها بخطى سريعة بفعل تقاعس الحكومة والدولة اللبنانية عن إصدار التشريعات المطلوبة لمنع تجرّع هذا "الكأس المر" والذي يُمكن أنْ يوصل إلى تجرّع كأس أشد مرورة بما معناه وصول لبنان لاحقاً إلى اللائحة السوداء.

يوضح الكاتب والخبير الإقتصادي أنطوان فرح التداعيّات لوضع أيّ بلد على اللائحة الرمادية، ويقول خلال حديث مع جريدة "الأنباء" الإلكترونيّة: "في الحالات العادية التداعيّات السلبيّة الأساسية في موضوع إدراج أيّ دولة على اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي الدولي "فاتف" تتعلّق في العلاقة مع المصارف المراسلة ومع الأسواق المالية العالمية، وبالتالي في هذا الموضوع يُمكننا القول بأن التأثيرات والتداعيات على لبنان سوف تكون مقبولة وخفيفة جداً على إعتبار أوّلا التعقيدات بالنسبة للتعاطي مع الأسواق المالية هي موجودة منذ عام 2020 يوم أعلنت الدولة اللبنانية التوّقف عن دفع ديونها "اليوروبوند"، وبالتالي لن تؤثر اللائحة الرمادية بشكل أكبر بالنسبة للتعاطي مع السوق المالي العالمي وبالنسبة للعلاقة مع المصارف المراسلة".

وإذْ يلفت إلى أنّ "العلاقة مستمرّة مع المصارف المراسلة، لكن التحويلات والمعاملات تخضع لتعقيدات منذ إعلان الدولة اللبنانية أيضاً التوقف عن الدفع وإنخفاض تصنيف لبنان إلى دولة متعثّرة، وبالتالي التحويلات والمعاملات مع المصارف المُراسلة لن تتغيّر كثيراً مع موضوع إدراج لبنان على اللائحة الرماديّة".

ويُشير فرح إلى ما "يُحاول حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري فهو أيضاً أمّن التواصل مع المصارف المراسلة من أجل ضمان عدم حصول تعقيدات إضافيّة على التعقيدات المتواجدة"، مُنبهاً أنّ "أهم عنصر في لبنان وأهمّ عنصر مكّن الإقتصاد من الوقوف على قدميْه حتى اليوم وبقي صامداً رغم الإنهيار الكبير التاريخي هي التحويلات اللبنانية"، معتبراً أنها "شريان أساسي لصمود اللبنانيين إقتصاديّاً وماليّاً، وبالتالي من الضروري أن يبقى هذا الشريان  مؤمناً ولا تُصيبه أي نكسة".


 ويكشف أنّه "حتى في هذه النقطة هناك الكثير من الدول ومنهم على سبيل المثال دول خليجية كالمملكة العربية السعودية وسواها المصارف لديها تعقيدات إضافية بالنسبة للتحويل إلى لبنان، لذلك قسم كبير من اللبنانيين الذين يعملون في الخليج أو في السعودية ينقلون الأموال نقداً وليس بالتحويل عبر التحويل المصرفي".

 هذا ويُجدّد التأكيد لناحية التداعيّات أنّها "لن تكون ثقيلة أو خطيرة على الوضع اللبناني، لكن التداعيات الأخطر في هذا الموضوع هي أنّ الدولة اللبنانية لا تتحرّك لمُواجهة الأزمات ومعالجتها، وهذا كلام صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدوليّة التي على ما يبدو وفي حال أُدرج لبنان على اللائحة الرمادية فلن تتحرّك الدولة في محاولة منها للخروج من اللائحة الرمادية"، مُؤكداً أنّ "عدم إجراء الإصلاحات المطلوبة أو الخطوات المطلوبة لإخراج لبنان من اللائحة الرمادية سيؤدّي إلى إدراجه لاحقاً على اللائحة السوداء وهذا هو الخطر الحقيقي".

ويشرح ما يعني وضع لبنان على اللائحة السوداء، فذلك "يعني أنه سيخرج من السوق المالي العالمي نهائيّاً، وسوف تتوّقف العلاقة مع المصارف المُراسلة نهائياً، ولن يكون بمقدور لبنان فتح إعتمادات للإستيراد أو سواها بالتالي يُصبح دولة معزولة وتحتاج إلى وساطة البنك الدولي لفتح إعتمادات لإستيراد المواد الأساسيّة كالطحين والمحروقات، وبالتالي لا أحد يتمنّى الوصول إلى هذه المرحلة".

من هذا المنطلق يُحذّر الخبير فرح في ختام حديثه، من "خطورة الإدراج على اللائحة الرماديّة لأن الخطورة الحقيقيّة أنّ اللائحة الرماديّة وفق وضع لبنان الحالي تُشير إلى أنّه مُتجّة إلى اللائحة السوداء ولا شيء سيمنع هذا الأمر، لا سيّما أن الحكومة والدولة شبه غائبة وغير موجودة".