تطوي الأيام أوراقها في مفكرة الزمن بطيّات هبّات الأزمات المنطوية على عصفها وعسرها المتداخلة، ومن يوم يومها يكاد الوعد على أجندات الآمال يتلعثم بالخيبات، يتعثر بالشك والريبات، يندثر حلم الفرد، علام يلمّح هذا النظم هذا السرد؟ على ما يتنبأه إصرار الإرادة من أسرار إنفراج وتمنيات، أو ما يخبئه من انتظار الغد؟ قد يكون في زمن قلّ فيه الأمان والإطمئنان والعمل الجد، وأيام السلم أصبحت تُعدّ عدّاً، سيأتي يوم انتصار الوطن على هذا الظلم الجاحف بلا حدّ، للعدالة لا بدّ، ويقال الحق دون أخذ ورد.
حين تُطوى الأيام في ليل الإخفاقات والتحديات المتشابكة بالحالتين الأمنية والاقتصادية، ليستا بالمستجدتين، بل من عقود وهذا الوطن هو يتصارع وعِقَدها، ويعقد العزم لحلّها، فكان من الطبيعي أن يتأثر الصرح الأكاديمي بما تشهده أيامنا من تداعيات الحالتين، ها هي المدرسة إحدى أركان العلى الوطني تركن ترقباً وتحسباً عند اللبناني، فهَمُ أعبائها تُدَق على أبواب عودتها، تدق أجراس المخاطر، لقد أصبح تواجد الطالب في الميدان العلمي أشبه بجندي في الميدان الحربي، هي الحقيبة المدرسية وما تكتنزه ثقلاً من نضال لتأمين قسط العلى والكتب والقرطاسية، نضال لسلم فكري تقدمي ترتقي به النفس، فالعلم سلاح بذخيرة أحياء، وهي جعبة الجندي مثقلة بالنضال البطولي لسلم يرتقي به الوجود بذخيرة حية.
تطوي الأيام رحلتها التثقيفية بمراحل النشأة الأولى، فالعلم في الصغر كالنقش على الحجر، وهو عمود البنيان الأكاديمي البشري والحجري، وفي ظل مخاطر الحالتين يستنفر التنبه إلى أن العام الدراسي آيل لتخريج طلابه أحياء بشهادة تعليمية تتوج نضاله المكلف لا شهداء الثقافة، من المفترض بل المؤكد التأكد من سلامة البنية والنشئ العمراني كي لا يصبح آيل للسقوط على رؤوس جنود العلم نتيجة لتقصف وتصدع أعمدة هيكليته، أو لقصف صاروخي، فالخلاصة مفادها أن المدرسة مقصد مفيد هادىء لا يستدعي الهلع، وليبقى "مين يخبّر" بشراً وحجراً ليس مجرد نقش على جدران الذاكرة.
تطوي الأيام دفترها على تساؤل في مهب هامش ضائع بين تلك الحالتين، عن عام دراسي في مهب مَن يدرسون ويُدَرُِسون، هل تغلق المدارس أبوابها لعارض أمني أو لعريضة أستاذية بالإضراب تعترض على الأجور، تهدد بالاستقالة بمقاطعة التدريس الامتحانات التصحيح، تنهي عام قبل بدئه، هي عام المدرسة الرسمية بامتياز ، بعد ما كانت ملجأ الفقير غدت تفتقر لشبه مجانيتها وتفتقد لقدرة تحمل تكاليفها، إضافة للنزوح من التعليم الخاص المتعالي تكلفة إليها وما يتسببه من زحمة إستيعاب مكاني وذهني، يطرح تساؤلاً عن مصير الجيل الصاعد الواعد في مهب مستقبل في مهب الجهل والأمية، وكأن للتعليم تقنين أيضاً يقتصر على الأثرياء لا أصحاب الدخل المحدود، حيث تضمحل مبادىء التربية والتنشئة وسلامة العقول، فالعقل السليم في الجسم السليم
تطوي الأيام سطورها على ثوابت تؤكد المؤكد أن المعرفة حق وواجب، تصقل الفكر وتهذّب النفوس، ضرورة ماسّة وحاجة ملحّة، هي المشاكل رصدت والحلول تبلورت في فكر الكمال، فهو المعلم، حذّر منها وحرص على تفاديها. هو الداعي منذ الأيام الأولى لجمهورية العلى، منذ توليه وزارة التربية إلى إلزامية التعليم الابتدائي والثانوي والتعليم العالي للمتفوقين، إلى إعادة النظر في المناهج التعليمية وتوحيد الكتاب المدرسي وتخفيض سعره، تعزيز الجامعة اللبنانية، الإرشاد التربوي، وتمويل وزارة التربية بإعتبارها أساساً جوهرياً في تكوين الذهنية الاجتماعية اللبنانية، لتخفيف الأعباء عن كاهل المؤسسات التعليمية والأهالي، وتضمن رواتب لائقة للمعلمين، رسل الفكر، بإعتباره قيمة بحد ذاتها ومرتكزاً لأي نشاط بشري.