رغم الجهود التي بذلها مصرف لبنان لتجنّب إدراج لبنان على اللائحة الرمادية فإن التحديات باتت كبيرة، وما زال لبنان يرزح تحت خطر إدراجه على هذه اللائحة وينتظر استحقاق اجتماع مجموعة العمل المالي FATF في الخريف المقبل. فما هي مخاطر اللائحة الرماديّة؟ وكيف سيؤثّر هذا الإدراج، في حال تمّ، على التعاملات الماليّة والإقتصاد اللّبناني؟
اعتبر الباحث في الشؤون الإقتصادية والمصرفية محمد فحيلي أن "لبنان يقف على مفترق طرق، حيث أن القدرة على الامتثال لمعايير مجموعة العمل المالي تتشابك مع تاريخ البلد المُعقّد وظروفه الحالية"، مشيراً إلى أنه "من دون إجراء إصلاحات شاملة وجادّة، سيواجه لبنان المزيد من العزلة الاقتصادية والتدهور المالي. الالتزام الجماعي من جميع أصحاب المصلحة، بدعم من المجتمع الدولي، هو السبيل الوحيد لتحقيق التغيير المنشود وضمان الاستقرار المالي للبنان في المستقبل".
وتابع فحيلي، في حديث عبر موقع mtv: "إذا اختار لبنان عدم التحرّك وتنفيذ الإصلاحات الضرورية، فإنه بذلك يضع نفسه على طريق محفوف بالمخاطر قد يؤدي إلى عواقب وخيمة لا يمكن التراجع عنها".
وأكّد أنّ "عدم الامتثال لمعايير FATF لن يمرّ من دون تداعيات؛ إذ سيجد لبنان نفسه في عزلة اقتصادية مُتزايدة، حيث ستصبح المصارف والمؤسسات المالية اللبنانية غير قادرة على التفاعل مع النظام المالي العالمي، مما سيؤدي إلى تفاقم الأزمات المالية والنقدية القائمة".
وأضاف: "مع مرور الوقت، قد تتعرّض مؤسسات الدولة إلى مزيد من التآكل في قدرتها على العمل بفعاليّة، مما سيزيد من ضعفها أمام التدخّلات السياسيّة والطائفيّة. ومع تزايد الضغوط الاقتصادية، من المُحتمل أن يشهد لبنان تراجعًا في مستوى المعيشة وارتفاعًا في معدلات الفقر والبطالة، مما سيزيد من السخط الشعبي ويؤدي إلى زعزعة الاستقرار الاجتماعي. كما ستُعاني علاقات لبنان الدوليّة من التدهور، حيث سيفقد البلد ثقة المجتمع الدولي وقدرته على جذب الاستثمارات الأجنبية أو الحصول على دعم مالي خارجي. هذا السيناريو سيؤدي إلى عزلة تامة قد تكون مُدمّرة للبنية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد".
وحول الدور الذي لعبه حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري في تجنيب لبنان هذا الإدراج حتّى الآن، قال: "أصدر مصرف لبنان تعاميم أساسية، مثل التعميم رقم 165 و168، في الأشهر الماضية بهدف تعزيز الامتثال للمعايير الدولية وتحقيق قدر أكبر من الشفافية في القطاع المصرفي"، لافتاً إلى أن "هذه التعاميم تُلزم المصارف بتقديم تقارير دقيقة ومُفصّلة حول هيكليّة الملكية والإدارة، بالإضافة إلى تعزيز الرقابة على العمليات المالية وتطبيق إجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. من جهة أخرى، تسعى هذه التعاميم إلى تشجيع المواطنين على العودة لاستخدام النظام المصرفي الرسمي وتجنّب الاعتماد المُفرط على النقد".