في ظلّ حالة عدم الاستقرار العالميّة والتوتّرات المتصاعدة في مختلف دول العالم، يواصل المستثمرون التوجّه نحو المعادن الثمينة باعتبارها ملاذاً آمناً. وهذا ما أدّى إلى الارتفاع الكبير في أسعار الذهب التي وصلت إلى مستويات قياسية جديدة مدفوعة بالطلب القوي من البنوك المركزية وصناديق الاستثمار المتداولة.
العقود الآجلة للذهب ارتفعت بأكثر من 23 في المئة منذ بداية العام، ممّا جعلها واحدة من أقوى الأصول أداء، فما الأسباب؟
يؤكّد الخبير الاقتصادي نديم السبع أنّ أسباباً عدّة أدّت إلى ارتفاع أسعار الذهب بالشكل الكبير في الفترة الأخيرة.
ويُعدّد السبع، في حديث لـ"الأنباء" الالكترونيّة، هذه الأسباب قائلاً: "أوّلها أنّ الأسواق تُسعّر قرب تخفيض معدلات الفائدة في الولايات المتحدة الأميركية وهذا يؤدي إلى زيادة الضغط على الدولار وارتفاع أسعار المعادن منها الذهب والفضة، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط التي تنذر بأنّه يمكن أن تتطوّر إلى حرب شاملة ما ينعكس على الأسعار بشكل كبير، فخلال أي توتّرات جيوسياسية ترتفع الأسعار والتوتّرات الحاصلة بين روسيا وأوكرانيا زادت أيضاً من الضغط على الأسواق وبالتالي على أسعار الذهب. كذلك البنوك المركزيّة لا تزال تقوم بعمليات الشراء وعلى الرغم من الحديث عن أنّ البنك المركزي الصيني توقّف عن ذلك إلا أنّ بنوك مركزيّة أخرى لا تزال تقوم بعمليات الشراء ما يؤدي إلى مزيد من الارتفاع في أسعار الذهب".
كما توقّع المزيد من الارتفاع في أسعار الذهب إلى ما بين 2550 و2700 دولار للأونصة.
ماذا عن تأثير هذا الأمر على السوق اللبناني؟ يلفت السبع إلى أنّ "هكذا ارتفاعات تشجّع المواطنين على شراء المزيد من الذهب، بهدف المضاربة أو تحقيق الأرباح، وهذا ما يزيد الطلب على المعدن الأصفر"، إلا أنّه يعتقد أنّ التأثير ليس كبيراً جدًّا.
إذاً أسعار الذهب تُحلّق وستستمرّ في الارتفاع، وهذا ما يُظهر تأثير العوامل الاقتصادية والجيوسياسية التي تُشكل تحديات كبيرة للأسواق العالمية. وبالتالي يكون الذهب ليس فقط ملاذاً آمناً بل مؤشّراً حسّاساً يعكس التحوّلات في المشهد الاقتصادي العالمي.