رعى وزير التربية الوطنية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي الاحتفال الذي أقامته "مؤسسات أمل التربوية" لافتتاح ثانوية أبي ذر الغفاري في منطقة معتقل انصار سابقا - النبطية ، بحضور النواب هاني قبيسي وناصر جابر وأشرف بيضون، مدير عام وزارة التربية عماد الأشقر، عضو هيئة الرئاسة في الحركة خليل حمدان، عضو الهيئة التنفيذية باسم لمع، نائب رئيس الاتحاد العمالي العام حسن فقيه، ممثل رئيس الجامعة اللبنانية وسيم رمال، رئيسة دائرة التربية في النبطية نشأت الحبحاب ممثلة المنطقة التربوية في محافظة النبطية، المسؤول التنظيمي للحركة في اقليم الجنوب نضال حطيط على رأس وفد من قيادة الإقليم، رئيس جمعية "رواد الرسالة" حسن حمدان وفاعليات.
افتتاحا النشيد الوطني ونشيد الحركة، ثم كلمة لمديرة الثانوية صباح طعمة، تلتها كلمة لمدير عام المؤسسات بلال زين الدين قال فيها: "منذ أقل من عام، وفي حفل افتتاح ثانوية شهداء إقليم التفاح، عام باذن الله، وكانت وجهتنا عام أهلنا بأن الافتتاح القادم سيكون بعد عام. بلدة الخيام الأبية، وباشرنا بأعمال استكمال البناء وترميمه، لكن الظروف الأمنية حالت بيننا وبين طموحنا ومخططاتنا . فانتقلنا إلى بلدة أبيّة مقاومة أخرى من بلدات جنوبنا الصامد، وما بين أنصار والخيام حكاية مجد وعزة وانتصار مجبولة بعصارات الألم والدموع والدماء، تحمل في طياتها قصصًا من الألم والصبر ، وشهادات حيّةً عن معاناة لا حدود لها، بحيث كانت تتردد بين الجدران صرخات الحرية التي انتصرت، وأحلام المقاومين الذين وقفوا بشجاعة أمام الظلم، فخلدوا في كُلِّ زاوية قصة من قصص الصمود والإرادة التي لا تقهر".
أضاف: "هذه الخطوة تمثل انتصارًا على الماضي الأليم، وتحريرا للعقول وتأكيدًا لأن إرادة الحياة والتعلم أقوى من كل الظروف".
وشدد على أن "هذه المدرسة ستلعب دورًا محوريا في تعزيز الوعي الثقافي والعلمي لأبنائنا، وتزويدهم بالمعرفة والمهارات التي تُمَكِّنُهُمْ من بناء مستقبلهم وتحقيق أحلامهم، رغم كل الصعوبات التي نواجهها". وقال: "لأنَّنا نؤمن بأن التعليم هو الطريق الأمثل لبناء مستقبل مشرق، وأن المدارس هي مصانع القادة والمبدعين، هذا المشروع ما كان ليُنجز اليوم لولا الجهود المباركة للرئيس نبيه بري ورعايته الدائمة ودعمه المستمر، وحرصه على التنمية وتحسين المستوى التعليمي لأبناء هذا الوطن وفي قلبه الجنوب. كذلك لا يسعنا إلا أن نتوجه بالشكر للجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين ولرئيسة الجمعية السيدة الفاضلة رندة بري لتقديمهم هذا البناء التي حرصت على أن يكون منارة للعلم والتربية، ليشكل واحة أمل وشراكة حقيقية وفعلية وامتداداً طبيعي لمسيرتهم في بناء الإنسان ورفع الحرمان وصون المجتمع".
ثم كانت كلمة للحلبي قال فيها: "قال مَنْ يَفتَح باب مدرسة، يُغلق باب سجن يقول أمير الأدب الفرنسي فيكتور هوغو. أما أنتم فقد حطَّمتُم مُعتَقَلاً ورَفعَتُم صَرحًا تربويا يبقى للأجيال منارة للعلم والأخلاق. ولم ترتضوا بذلك فقط، بل توجتم هذا الصرح باسم عزيز علينا وعليكم هو ثانوية أبي ذر الغفاري". هذا الصحابي المتدين الذي اشتهر بتعنيفه الصريح لمن سلك سبيلاً مغايرا لسنة الرسول، والذي يمتلك عندنا في المذهب التوحيدي، مكانة رفيعةً مرموقة إلى جانب سلمان الفارسي وغيره من كبار الأولياء والأنبياء والصحابة والأئمة وأهل البيت الذين أسسوا لمسلك تصوفي عرفاني عقلاني".
وقال: "مُعتَقَلُ أنصار، اسم ارتبط في ذاكرة اللبنانيين كأكبر سجن في الشرق الأوسط، أقامه الجيش الإسرائيلي وعملاؤه لحظة اجتياحهم لبنان سنة 1982. مُعتَقَلُ أنصار اسم أرعب اللبنانيين عمومًا والجنوبيين خصوصا الذين قاوموا ويُقاومون دفاعًا عن الأرض والوطن، مُحتملين أقسى أنواع القهر والتعذيب حتى الشهادة، مُعتَقَلُ أنصار" كان بالأمس شاهِدًا على وحشية العدو، وقد أمسى اليوم مساحةً للعلم ورمزا للوطنية التي لا تتحقق إلا بالنضال والتربية. فهنيئاً لكم بثانوية أبي ذر الغفاري، وهنيئا لبلدة أنصار وللبلدات المجاورة بهذه المدرسة. والشكر يبقى موصولاً لكلِّ من تَعِبَ وتَابَعَ وساهَمَ وأعلى البنيان وخصوصا مؤسسات امل التربوية ولحركة امل وكل التحايا لدولة الرئيس نبيه بري المؤتمن على مصير لبنان والضابط لايقاع تناقضات اللبنانيين والحريص على الوحدة الوطنية".
أضاف: "تعرفون أن الأوطان تموتُ بلا تعليم وتعرفون أن التعليم في زمن الحروب والأزمات يُلامس المستحيلات. لكن الأمل يبقى بغد تربوي أفضل. وهذا ما نحاول تحقيقه في وزارة التربية والتعليم العالي وقد أنهينا هذه السنة عامًا دراسيا كاملاً وشبة طبيعي، بالرغم من الظروف الصعبة، وتوجناه أيضًا بامتحانات رسمية عامة على الأراضي اللبنانية كافة، وذلك حفاظا على الشهادة اللبنانية وتحاشيا لتوزيع الإفادات. وكما تعلمون فإنَّ إتمام الامتحانات الرسمية كان تحديا كبيرا بالنسبة إلينا، خصوصًا في ظل الأوضاع الأمنية المقلقة في الجنوب وفي ظل معاناة القطاع التعليمي الذي ما زال يُعاني شأن كل القطاعات في البلد. لكن حرصا على مستقبل التلميذ اللبناني، وحفاظا على مصلحتِهِ، قررنا التحدي وخوض غمار الامتحانات الرسمية وما فيها من صعوبات جمة؛ وقد أنجزناها بهمة جميع العاملين في وزارة التربية وبهمة جميع الأساتذة المشاركين في وضع ومراقبة الإمتحانات الرسمية وتصحيحها على الأراضي اللبنانية كافة : فلا شيء يُعطي فرصة لأولادنا ولا شيء يفتح آفاق المستقبل لهم، سوى التعليم، والتعليم فقط".
وتابع: "في هذه الأمسية الفارحة، نتذكَّرُ الإمام المغيب موسى الصدر، ونتذكر رؤيته التربوية الوقادة التي ترتكز على نواميس الروح"، أي على الثبات في القيم التي أرستها الأديان، وذلك بهدف تكوين المجتمع الصالح، وتوجيه الناس إلى الخط الصحيح. ولعل من أبرز القيم التي دعا إليها الإمام، هي قيمة المواطنة وما فيها من تساو في الحقوق والواجبات ومن وحدة وطنية ومن إلغاء للطائفية السياسية ومن صونٍ للدستور ومن احترام للإنسان وللأديان".
وختم: "يقيني أنكم ستسيرون في رحاب هذه المدرسة على نهج الإمام المغيب فتحاكون بطريقة أو بأخرى الإطار الوطني اللبناني لمنهاج التعليم العام ما قبل الجامعي من صفوف الروضات حتى الثانوي الثالث الذي أصدرته وزارة التربية والتعليم العالي العام الفائت والذي يسعى بمواده وببنوده إلى بث الروح الوطنية في الأجيال الصاعدة وإلى تربيتهم على قيم المواطنة والانفتاح والحوار فالوحدة الوطنية، بحسب الإمام الصدر، هي وحدة الأفكار والقلوب، ووحدة كل المواطنين في الأهداف والمعايير العامة لوجود الإنسان، وهي الوسيلة الوحيدة لخلاص لبنان ألا وفقكم الله، وقادَ خُطاكم التربوية لما فيه خير الفرد والمجتمع ووقى الجنوب ولبنان من وحشيّة العدوان الإسرائيلي. عاشت ثانوية أبو ذر الغفاري عاشت أنصار وعاش الجنوب ومعه لبنان".
بعد ذلك قدم زين الدين درعا تقديرية للحلبي الذي قص وبعض الشخصيات الشريط التقليدي لافتتاح الثانوية وجالوا في أقسامها.