هجمة أميركية لتهدئة إيران وكبح "الحزب" ولجم إسرائيل

14 آب 2024 07:33:31

تدخل الإدارة الأميركية بثقلها على خطّ خفض التصعيد في المنطقة، واحتواء الردّ الإيراني وردّ حزب الله. مسؤولون كبار من إدارة الرئيس جو بايدن يجرون جولة على دول المنطقة، بما فيهم المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، الذي توجه إلى إسرائيل وبعدها يزور لبنان، في محاولة جدية منه لمواكبة جلسة التفاوض المرتقب عقدها الخميس للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.

الديبلوماسية الأميركية

بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية، هناك فرصة جدية للوصول إلى اتفاق. وتحاول واشنطن الاستفادة من تهديد إيران وحزب الله بتوجيه ردّ ضد إسرائيل، لإقناع الإسرائيليين بالعمل على تحقيق اتفاق مبدئي، وذلك لتجنّب الحرب الإقليمية. تسعى أميركا مع رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، إلى إقناعه بأنه حقق إنجازات أساسية باغتيال هنية وفؤاد شكر، وبالتالي أصبح بإمكانه إبرام الصفقة.

تتسارع الاتصالات الأميركية على أكثر من خط باتجاه إيران لإقناعها بخفض التصعيد، ومن خلال التفاهم على مجموعة نقاط حول تجديد التفاوض على ملفات متعددة بين الجانبين، مقابل لجم إيران على تنفيذ ردّ قوي ضد إسرائيل، قد يؤدي إلى حرب إقليمية. وكأن الأميركيين يبحثون عن منح طهران أرباحاً معنوية مقابل خفض التصعيد. يحصل ذلك على وقع زيادة التحشيدات العسكرية الأميركية في المنطقة بهدف الردع والدفاع عن إسرائيل. وبالتالي، تستخدم أميركا عنصر التفاوض من جهة، وعنصر التلويح باللجوء إلى القوة من جهة أخرى، لأنه بحسب الأميركيين لا مجال ولا نقاش في مسألة الدفاع عن إسرائيل، بغض النظر عن الاختلافات مع حكومة العدو.

في العراق مثلاً، يتجدد النقاش حول تحديد الأميركيين لموعد انسحابهم من هناك، بناء على مطالب الإيرانيين والفصائل الموالية لهم. وهو ما يعتبره الأميركيون نوعاً من الإرضاء المعنوي للتعويض عن التصعيد العسكري، لتبدو إيران وكأنها حققت مكسباً. الأمر نفسه لا بد أن ينطبق على لبنان، من خلال منح مكاسب معنوية للحزب، لدفعه إلى خفض التصعيد. العمل مع الإيرانيين يتركز حول تنفيذ ردّ، إنما ليكون رمزياً، يحفظ لإيران كرامتها، وتكون ردّت فيها على خرق سيادتها، ولا يؤدي إلى اندلاع الحرب. وحسب المصادر الديبلوماسية، فإن إطالة الوقت بانتظار الردّ، يعني أن المسارات الديبلوماسية تفعل فعلها للتخفيف من حدة الضربة.

ما سيقدّمه هوكشتاين

تساؤلات كثيرة تطرح حول ما سيقدّمه هوكشتاين. وحسب ما تشير مصادر لبنانية مواكبة لزياراته، لا جواب واضحاً حول ما سيقدّمه. وهناك انتظار لأي اقتراح سيحمله. ولكن حسب التقديرات، فالاقتراحات قد تتركز على نقل مجموعة رسائل:
- أولاً تكرار التحذير من احتمال انفجار الوضع في حال استمر التصعيد العسكري.
- ثانياً، السعي إلى خفض نسبة التصعيد والإبقاء على حصرها ضمن نطاق جغرافي معين، وعدم توسيع مناطق الاشتباك.
- ثالثاً، ربما طلب متجدد من حزب الله وحركة أمل للمساعدة مع حركة حماس وإقناعها بالموافقة على إبرام الاتفاق والصفقة.
هذه النقاط كلها كان قد تقدّم بها هوكشتاين سابقاً، ولذلك لا بد له من أن يقدم طرحاً جديداً. وهذا الطرح يفترض أن يكون مرتبطاً بصيغة الحلّ أو التفكير لليوم التالي.

في هذا السياق تقول المصادر، لا بد لهوكشتاين أن يقدّم مخرجاً. وهو يرتكز على طرحه السابق المتعلق بمعالجة المزيد من النقاط الحدودية المختلف عليها. وذلك بلا شك سيكون مرتبطاً بوقف إطلاق النار في قطاع غزة. في المقابل، تشير مصادر متابعة إلى أن حزب الله لا يزال على موقفه بربط جبهة الإسناد بوقف الحرب على غزة. كما أن الحزب يلتزم بالردّ على استهداف الضاحية، ورده سيكون قوياً. ولدى مطالبته من جهات خارجية وداخلية لتخفيف حجم الردّ أو تأجيله، يرفض التجاوب، ويطالب الجهات الخارجية بأن تذهب للضغط على نتنياهو لإجباره على ابتلاع الردّ إذا كانت إسرائيل لا تريد التصعيد، بدلاً من الضغط على الحزب لعدم الردّ.

واقع عسكري

جزء من الأفكار المطروحة أيضاً، هو أنه في حال تم الوصول إلى اتفاق مبدئي في غزة، فلا بد من ينعكس ذلك سريعاً على لبنان، لينطلق عندها هوكشتاين في العمل على تطبيق مقترحه، الذي أصبح معروفاً لإرساء الاستقرار ووقف العمليات العسكرية. وبعدها العمل على إعادة الإعمار وتطبيق الـ1701، وصولاً إلى المرحلة الثالثة المرتبطة بمعالجة وضع الحدود البرية. أما بحال عدم الوصول إلى اتفاق في غزة، فيجب العمل على منع التصعيد والتفاهم على واقع وسطي بالمعنى العسكري، والسعي لاحتواء ردّ حزب الله وردّ الإسرائيليين بعده، في حال حصل.

إنها محاولة جديدة للإدارة الأميركية للتأكيد على المسار الديبلوماسي لإبعاد شبح الحرب، وهي تدخل في إطار الضغوط التي تمارسها إدارة بايدن على إسرائيل. ولذلك، سيطالب هوكشتاين المسؤولين اللبنانيين بمزيد من الوعي لأن المنطقة كلها مرشحة للدخول في تصعيد كبير، وبالتالي يجب تفويت أي احتمال لاتساع الصراع. ولذا، سيطلب بوضوح عدم الإنجرار إلى أي تصعيد، كي لا تنجرّ المنطقة وأميركا إلى الحرب.