رعى شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى- رئيس مجلس أمناء كلية الأمير السيد عبدالله التنوخي الجامعية للعلوم التوحيدية - حفل تخريج الدفعة الثانية من طلاب وطالبات الكلية، وذلك في احتفال أقيم في الكلية، بحضور مجلس الأمناء وهيئة التدريس ورئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي الشيخ عماد فرج.
بعد آيات من الذكر الحكيم للقارئ الشيخ فيصل حمادة من طلاب الكلّية، وكلمة شكر باسم الخريجين ألقاها الطالب الشيخ طاهر زين الدين، ألقى المشرف المسؤول عن الكلية رئيس اللجنة الدينية في المجلس المذهبي الشيخ هادي العريضي كلمة ترحيب، محدّداً فيها "الأولوياتِ والأهداف الاستراتيجيةِ لمسيرة الكلية، وأهمُّها: تمتينُ المستوى العلميُّ المتميّز للكلّيّة، وتطويرُ وتحديث منظومةَ العملِ الإداريِّ والأكاديميّ، وتحصينُ العلمِ بالتّطبيق والمسلك ومراقبة الذّات، بالإضافة الى تفعيل منظومة البحثِ العلميِّ عبر تأسيس مركز للأبحاث والدّراسات، وإطلاقَ مجلّةٍ علميّةٍ محكّمة، والعمل على حماية إرثنا الثّقافيِّ من خلال إغناء مكتبة الكلية وأرشفة المخطوطات والكتب إلكترونيّاً، وتوقيعُ اتفاقيّاتٍ مع جامعات أخرى من أجل التّعاون وتبادل الخبرات، ويعمل مجلسُ الكلّيّة جاهداً على تحقيق هذه الأهداف الّتي تَحقّق منها الكثير".
أضاف: "أنّ الكلّيّةَ ماضيةٌ في أداء رسالتها السّامية، وهي نشر العلم والمعرفة، وتخريج أجيال قادرة على خدمة دينها ومجتمعها.وإدراكاً من الكلية وإسهاماً في تحقيق نهضة توحيدية وثقافية فقد أخذت على عاتقها تمكينَ طلَبتِها من بناءِ قُدراتهم لفهمٍ أفضلَ لكلّ ما حولهم، فعلى العاقل أن يكون عارفاً بزمانه. فإنّ ما تمّ إنجازه حتّى الآن، على المـُستوى الأكاديميِّ والإداريّ، وخلالَ هذه السّنواتِ القليلة، مَدعاةٌ للاطمئنان ودافعٌ للاستمرار، حفاظاً على مستقبل هذه الكليةِ ومكانتِها".
القنطار
ثم ألقى عميد الكلية الدكتور الشيخ سلطان القنطار كلمة ركّز فيها على الخطة الجدّية لانشاء كليات او أقسام جديدة، في سبيل إفساح المجال أمام الطلبة الراغبين بباقي الاختصاصات في نهج الكلية وتوجهاتها وأهدافها، حيث الحاجة الملحّة لها تحتّم علينا السعي والعمل والتعاون قي سبيل ذلك، خاصة وأننا نشهد تزايد في الاقبال على العلم والمعرفة من قبل أبناء مجتمعنا".
أضاف: "ان هذا المشروع الحلم يحتاج باستمرار الى دعم على مختلف الأصعدة، خاصة وان رؤيتنا لتوسيع دور الكلية ونشر رسالتها يتطلّب جهوداً كبيرة في سبيل تأمين الأبنية والتجهيزات الضرورية وغيرها لتنفيذ المشروع وكل ذلك يتطلّب دعماً مادياً ومعنوياً وهو ما نأمل توفره من قبل كل الجهات المعنية".
شيخ العقل
وختاماً ألقى شيخ العقل كلمة قائلاً:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيِّد المرسَلين وعلى آله وصحبه الطاهرين وعلى أنبياء الله الطيّبين،
المشايخُ الأفاضل، الأخوةُ والأبناء، أيُّها الأحبّة،
نحمدُ الله تعالى على ما قدّر لنا ويسَّر لتخريج المجموعة الثانية من الطلاب والطالبات من كلية الامير السيد الجامعية للعلوم التوحيدية في عبيه، التي جسّدتِ الحلُم واقعاً، وأضحت تقدِّمُ للمجتمع التوحيدي سنويّاً نخبةً من الطلاب والطالبات الخرِّيجين والخرِّيجات الذين يحملون بيدٍ شهادةَ الالتزام الديني في مسلك التوحيد من مشايخهم ومجالسهم وخلواتهم، وباليد الأخرى شهادةَ العلوم التوحيدية الأكاديمية من كُليّتهم، ودائماً ببركة روح سيدنا الأمير عبدالله جمال الدين التنوخي الذي على اسمه الجامع وعلى مقربة من ضريحه المبارك وبوحيٍ من سيرته العطرة وفكره التوحيدي ورسالته العرفانية، وبدعاء مشايخِنا الأجلَّاء وتوجيهِهم، وبفضلٍ وعناية منذ البداية من شيخِنا الجليل الشيخ أبو محمود سعيد فرج، أدامه الله، الذي لولاه، وبدعمٍ من سماحة الشيخ نعيم حسن، لَما تحقق هذا الحلُمُ ولما كانت هذه الكليَّةُ محطَّ الأملِ والثقة، وحافظةَ العهدِ والأمانة".
أضاف: "إن شهاداتكم أيها الأخوةُ والأخواتُ الأعزّاء، بقدر ما هي أوسمةُ فخرٍ لكم وعلاماتُ استحقاق لما بذلتموه من جهد واهتمام، لكنّها مسؤوليةٌ تلقى على عاتقكم، كما على عاتقنا وعلى عاتق اللجنة الدينية وإدارة الكلية، فالمجتمع ينتظرُنا والحاجةُ الى التثقيف الديني كبيرةٌ وملحّة، وإننا نعوّل عليكم في الانخراط معنا في مهمة التوعية والإرشاد والتعليم، في مواجهة عالَم التحلُّل والتخلّي عن الإيمان والقيم، وعالَم الجهل والتطرُّف والتكفير والتديُّن الأعمى. إنّ أمامنا العديدَ من التحدّيات، لعلّ أخطرَها تحدّي الانجراف في تياراتٍ عقائديةٍ غريبة عن توحيدِنا، وتحدّي الإلحاد أو الدعوة إلى اعتناق مذاهبَ فكريةٍ مُضلِّلة، وتحدّي التبشير لتغيير الدين من قِبل بعض المجموعات المتطرّفة، إضافةً إلى تحدّي الترويج للشذوذ وهدم القيم وتفتيت الأسرة والاعتداء على نظام الخالق عزّ وجلّ.
من هذا الصرح التربوي الدينيّ الأكاديميّ، نؤكِّدُ تمسُّكَنا بالهوية الروحية التوحيدية وبمسؤولية صونِها من خلال تغذية الإيمان ومكارم الأخلاق في نفوس وعقول أبنائنا، عاملين من أجل الارتقاء بالإنسان والمجتمع، مجاهدين للحفاظ على إرث الآباء والأجداد، في مواجهة محاولات هدم القيم الإنسانية وتقويض أُسس العائلة والمجتمع والوطن، مساهمين لإحداث التغيير الإيجابي حيث يجب، معَ التشبُّث بالأصول والمبادئ التي لا تتغيَّر مع الزمن، والتي تستحقُّ منّا النضالَ والجهاد لأجلها".
ومضى يقول: "أما المجلسُ المذهبي، وبقدر ما فيه من التنوّع المفيد، فإنّه واحدٌ موحَّد في توجُّهاته، ومسؤول معنا، بجميع أعضائه، عن أمانة الدين والمجتمع والوطن، ولا نريدُه إلّا صمّامَ أمانٍ للركائز التي ذَكرنا، وإنها لمسؤوليةٌ مشتركة نرعاها في مشيخة العقل والمجلس المذهبي في مواجهة تلك التحدّيات على أنواعِها، وهذا هو واجبُنا ودورُنا، وتلك هي رسالتُنا، نتعاونُ ونتكاملُ في حملها مع قادة المجتمع ومعَ المشايخ الأجلاء ومع المثقفين الراسخين في العلم، لأنّ هذه المهمَّةَ الشريفة تتطلبُ منّا التضحيةَ والبذلَ والرعايةَ والالتزامَ والانفتاح، وما اعتزازُنا بهذه الكليَّة إلَّا لاقتناعنا بدورِها الأساسيّ في المساندة الأساسية في هذا الاتّجاه، بمجلس أمنائها الذي يرعى ويخطِّط، وإدارتِها التي تحمل المسؤولية التنفيذية، وهيئتها التعليمية التي تروي بذار الخير فيها وتنمِّيها في القلوب والعقول، في مسافرةً دائمة في درجات العلم والتعليم وصون التعاليم".
وختم: "ها أنتم وأنتنَّ أيها الخريِّجون، أيَّتها الخرِّيجاتُ، تنخرطون معنا في هذه المهمَّة التوحيديةِ الشريفة، وكم نحن بحاجةٍ إليكم، والمجتمعُ كم هو في حالة انتظارٍ لانخراطكم في مهمة التوعية والإرشاد، وكم هي الآمالُ المعقودةُ علينا وعليكم كبيرة، ومع المجلس المذهبي الجديد الذي من المقرَّر أن يتمَّ انتخابُ أعضائه في الخامس والعشرين من هذا الشهر في عملية تجديدٍ ومتابعة لتحمُّل المسؤولية، فإننا سنسعى إلى تحقيق تلك الآمال وسنعملُ، بعونه تعالى، على مواكبة عمل هذه الكُليَّة المرتبطة بالمجلس من خلال اللجنة الدينية فيه، والقائمة تحت رعاية مشيخة العقل الحريصة على احتضانها، والساعية دائماً بالتعاون الوثيق مع إدارة الكليّة، ومن خلال مجلس الأمناء الذي نترأسُه، إلى تطوير هذه التجربة التاريخية الرائدة، مهما تغيّرتِ الظروف وتبدَّلتِ اللجان والأشخاص، فالكليةُ أمانة والرسالةُ واحدة والإرادة موحَّدة، فعسى أن نوفَّقَ للقيام بالواجب الذي ارتضيناه لأنفسِنا ولتحقيق الغاية المنشودة من عملِنا، والله يُوفِّقُ مَن سعى في مرضاته، وهو المُعينُ النصير، وبه المستعان".
ثم سلّم شيخ العقل ومسؤولو الكلية الشهادات للخريجين والخريجات.
مؤتمر
كذلك رعى سماحة شيخ العقل في الكلية المؤتمر الثاني لها، بعنوان "الشيخ الفاضل - مآثر وآثار"، وألقى الشيخ أبي المنى الكلمة الافتتاحية التي ركزت على السيرة العطرة للشيخ الفاضل (ر) محمد أبو هلال التي تضمنت جملةً من الأدعية والابتهالات والحكم، وباقة من الوصايا والتوجيهات التي تدعو إلى التقوى اجتناباً واكتساباً، سرّاً وعلانية، والتي تحثّ على الإخلاص لله سبحانه وتعالى ومعاملة النفس بنقاء وطهارة والمعاملة مع الآخرين بأدبٍ ودقة، ومع الله بصدقٍ وشفافية.
كما اشار الشيخ ابي المنى الى توصيات الشيخ الفاضل التي ركزت على "الشروط الواجبة على الإخوان في حياتهم، والتي هي أشبه برسم دروب مسلك التوحيد او مناهج أدب الحياة في مسار الارتقاء الروحي والالتزام بالنظام الاجتماعي".
وقال: "في سيرته سيلٌ من الاستشهاد بأقوال الحكماء والعارفين، وتأكيدٌ على واجب معرفة الأركان الإسلامية والقيام بالفرائض وقراءة القرآن الكريم قراءة صحيحة وحفظ ما تيسر منه، وفي قصائده الدينية نفحاتٌ عرفانية متينة المبنى، بليغة المعنى، رفيعة المستوى". متمنياً "للباحثين التوفيق في ما سيغوصون به من معلومات وتحليل وما سيلقونه من إضاءات على هذه الشخصية التوحيدية الفذة، وعلى تلك التجربة النادرة التي استلهمت تجربة الأمير السيد عبدالله جمال الدين التنوخي (ق) العميقة واستكملتها".
وتخلّل المؤتمر مداخلة للمشرف المسؤول الشيخ العريضي، وتحدّث في المحور الاول الشيخ ماجد ابو سعد "بين عبادة السر ومنهج القدوة"، وقراءة في لغة الشيخ الفاضل للشيخ الدكتور طاهر حمد.
أما في المحور الثاني فتحدّث الشيخ الدكتور أسعد البتديني "بين الفلسفة والدين-الفاضل نموذجاً"، وعميد الكلية الشيخ الدكتور القنطار "اشراقة فكر الشيخ الفاضل على الأعيان من معاصريه".