تعددت الفرضيات... والضحية واحدة

03 آب 2024 13:47:29

 هنا لبنان... وطن بحجم وطن، كيف لهذا التعبير يفسر ما المدى المعنى الجدوى والمغزى، لمقاربة تبسط ثناياها بوقفة إنصاف وإفصاح لأوصاف!، إبحث في أساطير التكوين، وقاموس الأبجدية وفي كل معجم، إن كنت معجب بهذا الوطن،هو إنجاز بإبداع بقدرة إلهية على صورة الله جليل،وليد كمال وجمال، خلقة كاملة نعمة زيادة،خلقاً وخليقة، إبحث في جغرافية الخرائط، جنة ساحرة المعالم، هنا يتوقف المكان ذهولاً،ارض فاتنة الرؤى اعتنى بها الرب خير دراسة.
بوقفة الإنصاف هذه، يتوقف الزمان أيضاً، الى ما قبل الحرف وقبل الحرب إلى غابر الآوان، الى زمن لبنان المذكور الساجد الخالد في الكتب الدينية السماوية المقدسة،هو الغني بتعدد الطوائف وتعايشها ورسائلها ورسلها، الأنبياء والقديسين،حيث الإرث الديني والإعجوبات الشفائية، هنا الإيمان ذلّ الألم المرض فزال، وإلى ما قبل السلم، حيث الاستعمار والاحتلال والوصاية، حيث النضال المقاوم قال لكل مستعمر عد الى ديارك، عاود أدراجك، وطني ليس مَدْرَجاً لغزوك، ولن يصبح مُدْرَجاً على لائحة انتصاراتك، هنا أرض الاستقلال حرة سيادية بسادة ورجالات وقامات وطنية تجيد الحراسة، هنا بلد العجائب الحضارة التراث الثقافة الفكر العلوم والحداثة، صانع مجد يليق به،ويبرم الحق بقوة وشراسة.
هنا بلد العجائب والغرائب أيضاً، نعم، عجائب من خلق الله، وغرائب من خلق خليقته، وطن قاوم كل الحروب الأجنبية والأزمات"التفجيرية"، فكان الانفجار داخلي، من الأكبر والأخطر والأروع ما شهدته البشرية بتاريخ لبنان والعالم، ذاك في الرابع من آب، بأطنان من نيترات الامونيم النووية،مخزنة في مرفأ بيروت، هنا منفذ لبنان للخارج، الشريان التجاري والاقتصادي، مرفق حيوي، مُرْفَق ببيروت العاصمة أيقونة المدائن، لؤلؤة الشرق، هناوعندها توقف الزمان والمكان، بل تجمد وتناثر الوطن برمته،اشلاء مع أشلاء ابنائه،عصف انفجار، هول دمار، صعق دويّ،مشهدية انهيار بشري وحجري صرخت للضمائر للذاكرة للتراث للأمة، هنا بيروت تلفظ أنفاسها، ضحايا جرحى وجراح تلملم مآسيها،كيف تلتئم ،لمتى الانتظار!؟.
هنا وطن أصيب بأبشع فاجعة جريمة وخسارة، آلاف المصابين،من قضى ومن مضى بآلامه،تدمير بالنفوس والعمارة ولا سيما التراثية منها، غيرت معالمها بالكامل، وهناك دولة تبحث انفجار أو تفجير، لم تخلص لنتيجة، تعددت الفرضيات، والمسؤوليات أيضاً،كيف وصلت هذه الأطنان، من يعلم بها،هل خُزنت وفقاً للمعايير المفترضة، هل تلحيم باب العنبر هي الشرارة!؟، كثيرة هي الأسئلة والتساؤلات، لا أجوبة، لا مسؤول، لا عقاب حتى الآن، والضحية واحدة،بيروت أم الشرائع،مدينة الحق القانون،لم يحاكم الجناة تحت قوس محكمتها ،اربع سنوات ولم يشهد المرفأ حقيقة تفجيره، سوى وقفات أهالي الضحايا ،وقفات تضامنية تقول لا يموت حق ورائه مطالب، وأمامه قضاء نزيه يحسم بين الرد ورد الرد، تحديد المسؤوليات وإنزال العقوبات.
هنا وطن العجائب ودولة الغرائب، يسعى وطن العجائب ليسمى على غرائب أحداثه، ففي عشية الرابع من آب، أعلن تطويب البطريرك الماروني أسطفان الدويهي، كأنها رسالة لبقاء هذا الوطن كياناً حياً بشعبه صامداً، هنا أرض القداسة،رسالة ربما تبلسم جراح وتعزي فراق، وتصبّر حزن دق قلب، تلهم وتأمل أن تدق ساعة الحقيقة حين تدق مطرقة العدالة،هنا الكلمة للقضاء، لا للقضاء والقدر.