Advertise here

المواقف الإيرانية التصعيدية تطيح بنتائج اجتماع فيينا وأهدافه!

31 تموز 2019 15:27:32

منذ أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، والذي وقّعه سلفه الرئيس باراك أوباما، وأعاد فرض العقوبات الاقتصادية والنفطية المتصاعدة عليها، بادرت الدول الأوروبية الموقّعة على الاتفاق إلى طمأنة إيران ساعيةً لإبقاء خطوط التفاهم والحوار مفتوحة معها عبر وزير خارجيتها، كما بدأت البحث في آلية عمل صندوق الدعم المالي الذي يقي إيران عواقب العقوبات الاقتصادية القاسية.

إلّا أن طهران، التي تشكّك بالمساعي الأوروبية، عينها على حوارٍ مباشر مع البيت الأبيض. وبدلاً من أن تستفيد من تناقضات واختلافات المواقف الأوروبية فيما بينها ومع البيت الأبيض، وشطحات الرئيس ترامب التويترية، فاقمت إيران من خلافاتها مع الأوروبيين، وقطعت الطريق أمام مساعي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أرسل مستشاره الخاص، إيمانويل بون، إلى طهران للقاء المسؤولين الإيرانيين،  والتي قالت عنها صحيفة سازندغي الإيرانية، "إنها لا تحمل جديداً، ولا يمكن البناء عليها، وبالتالي فالاتّجاه قد يكون نحو المزيد من التصعيد، لا سيّما وأن أوروبا ليس لديها واقعاً ما تقدمه لإيران".

بالطريقة عينها، ومن موقع رفع العتب، وتحميل الآخرين مسؤولية الدفع باتّجاه التصعيد الذي يشكّل نقطة ارتكاز الاستراتيجية الإيرانية القائمة على مبدأ القوة والتهويل والترهيب. شارك مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي في الاجتماع الطارئ للدول الموقّعة على الاتفاق النووي الإيراني في فيينا في محاولة أوروبية تهدف إلى إيجاد وسيلةٍ دبلوماسية تنقذ الاتفاق من عواقب الانسحاب الأميركي، ومن تحلّل إيران التدريجي من الاتفاق وبعض بنوده الحساسة، لا سيما المرتبطة منها بنسبة التخصيب، وبإعادة تشغيل مفاعل آراك للمياه الثقيلة.

الاجتماع الذي انعقد على وقع التصعيد الإيراني- البريطاني نتيجة احتجاز الحرس الثوري الإيراني ناقلة نفطٍ ترفع علم بريطانيا في 19 تموز، وبعد أسبوعين من احتجاز قوات بريطانية ناقلة نفطٍ إيرانية قرب جبل طارق متهمةً إياها بانتهاك العقوبات على سوريا، والذي حضره مبعوثون من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا، واعتبره عرقجي بأنه "مثمراً"، وصفه الممثل الصيني بأنه كان متوتراً لكن في "أجواء جيدة"، سرعان ما أجهضته إيران بمواقفها التصعيدية، إذ نقلت وكالة أنباء فارس عن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، قوله، "إن الدول الأوروبية التي تشكّل تحالفاً بحرياً في الخليج تبعث برسالة عدائيةٍ لإيران". وقال ربيعي، "ما سمعتموه من أنهم يريدون إرسال أسطول أوروبي إلى الخليج الفارسي سيبعث برسالة عدائية، ويمثّل خطوة استفزازية، وسيزيد التوتر".

الربيعي، الذي حذّر الأوروبيين من وضع أي عقبات أمام صادرات بلاده النفطية، معتبراً أن ازدياد الحوادث في هذا الإطار يقوّض الجهود القائمة لإنقاذ الاتفاق النووي، كان يرد على إعلان وزارة الدفاع البريطانية وصول سفينةٍ حربيةٍ إلى الخليج لمواكبة السفن التي ترفع علماً بريطانياً وتعبر مضيق هرمز، وهي التي وصلت بعدما دعت لندن إلى نشر "مهمة حماية بحرية يقودها الأوروبيون" في الخليج.

بدوره الرئيس الإيراني حسن روحاني شارك في حملة التصعيد الدبلوماسي ضد الأوروبيين، إذ قال بعد لقائه وزير الخارجية العُماني، يوسف بن علوي، إن بلاده، "تعارض أي نشاط غير قانوني، وأي عمل مستهجن يهدّد أمن الملاحة في الخليج ومضيق هرمز وبحر عُمان". وشدّد على أن، "وجود القوات الأجنبية لا يدعم أمن المنطقة، بل يُعدّ السبب الأساسي للتوتر فيها".
أجواء التوتر الإيراني لم تغب عن اجتماع فيينا الذي لم يحقّق أي جديد وفق ما أعلن مكتب وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، في بيان صدر في بروكسل، "أنه بهدف إيجاد مخرج للاجتماع، تم الاتفاق على الدعوة الى اجتماعٍ آخر على مستوى وزاري في مستقبل قريب"، لكن دون أن يحدّد أي موعد.

في ختام الاجتماع حذّر عرقجي الأوروبيين بقوله إنّ، "أي عقبات أمام سبل تصدير إيران لنفطها ستتعارض مع خطة العمل المشتركة"، معتبراً أن، "احتجاز ناقلة النفط الإيرانية في مضيق جبل طارق تشكّل انتهاكاً للاتفاق"، وأنه، "ينبغي على الدول الأعضاء في الاتفاق ألّا تخلق عقبات أمام صادرات النفط الإيرانية".

لكن إيران التي تقاتل على أكثر من جبهة، ورداً على العقوبات الأميركية، كانت قد أعلنت في أيار الماضي بأنها ستبدأ بالتنصّل من بعض التزاماتها الواردة في الاتفاق النووي، وهدّدت باتخاذ تدابير إضافية في أيلول المقبل إذا لم تقم الأطراف المشاركة في التوقيع على الاتفاق، خصوصاً الأوروبية، بمساعدتها على الالتفاف على العقوبات الأميركية. ومنذ مطلع تموز الجاري، لم تعد إيران تتقيد بكمية اليورانيوم المخصّب التي يحق لها امتلاكها، كما زادت من تخصيب اليورانيوم في منشآتها ليتجاوز نسبة 3,67 في المائة الواردة في الاتفاق.

المستشارة الخاصة للممثل السامي للاتحاد الأوروبي، ناتالي توتشي، قلّلت من قدرة الدول الأوروبية على فعل المزيد من الخروقات تجاه ايران. فالتوترات بين إيران والمملكة المتحدة (البريطانية) على خلفية حرب الناقلات، "أضعفت إمكانات الاتحاد الأوروبي التفاوضية"، ولم تعد قادرة على تحقيق أي تقدّم يذكر. لا بل فإن الأوروبيين يقولون إن أي انتهاكٍ للاتفاق النووي سيصعّد من مستوى المواجهة، وذلك في الوقت الذي تخاطر فيه واشنطن وطهران بالانزلاق إلى الحرب المتوقفة على أي خطأ صغير في الحسابات.