لبنان أمام 3 سيناريوهات... وجنبلاط "إطفائي" وأكثر

30 تموز 2024 09:06:07

ثلاث محطات رئيسيّة شهدتها الحرب مع العدو الإسرائيلي، بدأت بطوفان الأقصى وإستُتبعت بجبهة الإسناد اللبنانيّة، لتُختَم في مجدل شمس حيث سدّد أبناء الجولان الضربة المفصليّة للعدوّ برفضهم مشروع الفتنة التي حاولت إسرائيل الإستثمار فيه، حيثُ أكّدوا على عروبيّتهم وإلتزامهم بالقضيّة الفلسطينيّة. 

وتماهى هذا الموقف مع موقف الرئيس وليد جنبلاط الذي أكّد الوقوف إلى جانب المقاومة ورسوخ عروبة الدروز في مواجهة إسرائيل.

وفي هذا الإطار، يشير الصحافي والخبير في سياسات الشرق الأوسط د. توفيق شومان إلى "وضوح ما حدث في مجدل شمس، بصرف النظر عمّا إذا كان صاروخ القبّة الحديدية هو الذي سقط في البلدة، أم أن العدو الإسرائيلي استهدف البلدة بحد ذاتها"، شارحاً خلال حديثٍ مع جريدة "الأنباء" الإلكترونيّة أنّ "النظريّة الأكثر دقّة هي أنّ استهداف الجيش الإسرائيلي في مجدل شمس جاء عن سابق ترصّد وتصميم وإصرار. والسبب هو أنّ تاريخ البلدة نضالي وعروبي، عمره أكثر من مئة سنة. وأهمّ مَن قاد الثورة العربيّة هم أهالي هذه البلدة".

وفي السياق، يستذكر شومان كلام جنبلاط الذي "أشار إلى أنّ جزءاً من عملية الإستهداف للبلدة يعود إلى تاريخها النضالي، إضافةً إلى تمسّكها بهويتها الوطنيّة والعربيّة والسوريّة"، محيياً موقف جنبلاط "التاريخي والوطني والمُشرّف الذي وأد مشروع الفتنة الإسرائيليّة وأسقطه بعد أن كان هدفه إحياء حروب طائفيّة ومذهبيّة وخلقْ ما يُمكن تسميته جيش لحد جديد، فجنبلاط لم يلعب فقط دور الإطفائي، بل دور القائد الوطني التاريخي القومي الكبير الذي أدرك كيفيّة إخماد الفتنة والحفاظ على روح المقاومة والوقوف معها".

وبالنسبة إلى التهديد الإسرائيلي بضرب لبنان، يُوضح شومان أنّ "المُعطيات المتوافرة تكشف عن وجود مجموعة من الإتصالات الإقليميّة والدوليّة مع لبنان الرسمي ومن خلاله أيضاً مع المقاومة اللبنانية. كلّ هذه الإتصالات غايتها تحقيق هدفيْن: الأوّل، معرفة إنْ كانت المقاومة ستستوعب أي عدوان على لبنان من قبل العدو من دون أنْ ترد، أمّا المسألة الثانية فمرتبطة بفصل الجبهة اللبنانية عن قطاع غزة".

الإجابة على الجزء الأول، وفق شومان واضحة جدّاً، وهي أنّ "أيّ عدوان إسرائيلي لن يتم إستيعابه إلا برد مُماثل ومتناسب. أيّ سيكون حجمه بحجم ومستوى أي عدوان إنْ تمّ، حتى ولو تشعبت الأمور ووصلت إلى حد قصف العدو لمنشآت مدنية أو مرافق حيويّة لبنانية، فستطال صواريخ المقاومة الأهداف نفسها داخل الكيان الإسرائيلي. والدليل من خلال الإستشهاد بالشريط المصوّر المعروف "بالهدهد 1" الذي صوّر مدينة تل أبيب بمرافقها المدنية والحيوية".

أمّا بالنسبة إلى الشق الثاني الذي تبحثه الإتصالات، فيلفت شومان  إلى أنّ "الإجابة هنا أيضاً واضحة وهي أن لا فصل بين الجبهتيْن. ومفتاح التهدئة على كل الجبهات، من بينها اللبنانية والسورية والعراقية واليمنية، يبدأ بوقف إطلاق النار والعدوان الإسرائيلي على غزة".

وعمّا اذا كانت الضربة الإسرائيليّة على لبنان حتميّة، يُجيب "من دون شك أن لبنان في حالة ترقب وإنتظار. لكن، التسريبات للمواقف إسرائيليّة إلى جانب المعلومات الصحافيّة التي تبثّها وسائل الإعلام الإسرائيلية، تبين أن العدو يجهز لضربة ما. أما طبيعة وحجم هذه الضربة فيكشفها الميدان. في النهاية مستوى الضربة مُرتبط بدراستها ونوعيّتها".

وهنا يستبعد شومان أنْ "يتمكّن أي شخص من إعطاء إجابة على هذا السؤال المُعلّق قبل حدوث أي عدوان. في الوقت نفسه، التصريحات الأوروبيّة وتحديداً عبر بيان الإتحاد الأوروبي الذي شكّك بالنوايا الإسرائيليّة وطالب بتحقيق مُستقل، تُقرأ بأنها تشكيك بما قالته سلطات الإحتلال وكأنها رسالة سياسية للحؤول دون عدوان واسع على لبنان. في مختلف الأحوال لبنان في ترّقب، ونتوقع أن تكون الآراء مُتعدّدة داخل القيادة العسكرية الإسرائيلية، فهناك من يُؤيّد شن حرب واسعة منهم وزيريْ المال والأمن، مقابل رأي آخر يعتبر أنه يجب على الجبهة الشمالية أن تبقى ضمن قواعد الاشتباك الحاليّة، كما أنّ هناك رأي ثالث يستعجل العدوان على لبنان".

 بالتالي، "البلد أمام ثلاث سيناريوهات، والـ 48 ساعة المُقبلة ستكون حاسمة لتحديد أيّ منها سيتقدّم"، ويُشدّد شومان على أن "كل التهويل الذي تلا حادثة مجدل شمس خفضت وتيرته، وهذا مؤشّر على أن العدوان الإسرائيلي قد يُحافظ على قواعد الإشتباك المعروفة من دون خرقها". ويختم شومان متحدّثاً عن تحوّلات منذ الطوفان الأقصى: "الطوفان بحدّ ذاته، فتح الجبهة اللبنانيّة لخوض حرب الإستنزاف، ومجدل شمس هي التحوّل الثالث والأكثر إيجابيّة لهذه الحرب. بالتالي، من خلال وقفتها وطردها للوزراء الإسرائيليين وتمسكّها بروح المقاومة أصبحت ضمن المعادلة الذهبيّة "غزة، الجبهة اللبنانيّة، ومجدل شمس".