بين الحرب السيبرانية والعطل التقني: تحذيرات مالية عقب انقطاع الانترنت!
23 يوليو 2024
11:59
Article Content
في لحظة غير متوقعة، الأسبوع الماضي، توقفت المطارات، وتعطلت المشافي، وأغلقت الأسواق المالية، بينما غزت الشاشة الزرقاء العالم. إذ واجهت مايكروسوفت أزمة كبيرة، وقد تم تقدير خسائرها بحوالي 70 مليار دولار، فيما لم تكشف الشركات المتأثرة الأخرى بعد عن خسائرها، مما يثير مخاوف من وقوع كارثة أكبر، فطالما الإنترنت بخطر، كذلك كل التعاملات التي تعتمد على استمراريته. فما الذي حدث لشركة التكنولوجيا العملاقة؟ ومن وراء هذا الجدل الكبير؟
تأثير الخلل والتقارير حوله
يوم الجمعة، 19 تموز الجاري، لم يكن الأمر مجرد انقطاع جزئي للإنترنت، بل كانت المشكلة تتعلق بمايكروسوفت وخدماتها، إذ أبلغت الشركة عن انقطاع في إحدى خدماتها الرئيسية عبر الإنترنت، مما تسبب في شلل شامل في العمليات البنكية وشركات الإعلام وخدمات الطوارئ، وحتى شركات الطيران التي اضطرت إلى إلغاء رحلاتها وصولا لتوقّف بورصة لندن.
هذا الخلل أثر على الأجهزة التي تعمل بنظام ويندوز، مما جعلها تقوم بعملية إعادة تشغيل إجبارية مستمرة. والبداية كانت من الولايات المتحدة، حيث تعطلت العديد من الأجهزة في مؤسسات مختلفة، ثم توالت التقارير عن مشاكل مشابهة من مختلف أنحاء العالم. وفيما أشارت بعض التقارير عن أن المشكلة نجمت عن تحديث جديد أصدرته شركة برمجيات الأمن السيبراني المتعاونة مع مايكروسوفت، وتسارعت لتطال كل التطبيقات والخدمات التي تقدمها مايكروسوفت، إلا أن تحليلات عدّة تدور حول ما حصل خاصة وأن مايكروسوفت ليست مجرد شركة تكنولوجيا عادية إنما خدماتها تعتبر فريدة من نوعية ولا تمتلكها شركةٌ ثانيةٌ غيرها وتزوّد مؤسساتٍ ومواقع حيويةً حول العالم لهذا اعتبر البعض أن السبب قد يكون ناتجاً عن عملية قرصنةٍ كبيرة إذ إن يكاد يكون العالم بأسره يعمل على نظام الشركة المذكورة، وهذا ما يُعتبر احتكار أمام شركات تكنولوجيا أخرى ما يجعل "شُبهة" القرصنة واقعيّة، فالمستفيدون من العطل كثرٌ حول العالم وفي مقدمتهم الشركات المنافسة لمايكروسوفت خصوصاً في دولٍ مثل الصين وروسيا التي باتت اليوم تملك اجهزةً وانظمةً مستقلةً عن الأنظمة التي تصدر من الولايات المتحدة تسعى لتسويقها عالمياً لتكون بديلةً عن المنتجات الأمريكية الشائعة والتي من خلال انتشارها وسطوتها العالمية تمنح واشنطن امتيازاً سياسياً مهماً فالأمر في علاقات الشركات الكبرى لا يقتصر على الإقتصاد وانما يتخلله الكثير من السياسة والمعلومات!
تحذيرات ماليّة إثر الحدث
وعقب هذا الحدث، اعتبر الخبير الاقتصادي نديم السبع في حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية أن العطل الذي حدث "هو الأكبر منذ سنوات، والمسؤولية بطبيعة الحال تقع على عاتق الشركتين المتسببتين". وأشار إلى أن تأثير هذا العطل كان كبيرًا، حيث شهدت الأسواق المالية هبوطًا في المؤشرات الأميركية، وانخفاضًا في أسهم شركات التكنولوجيا والذهب، "الهبوط في الذهب يشير إلى أن المستثمرين كانوا قلقين من العطل، لكنه لم يكن كارثيًا كما قد يبدو، إلا أنه يجب أن نعتبر هذا العطل درسًا للتعلم حول أهمية النقد والسيولة في أوقات الأزمات".
إذ أنه بحسب السبع، فالعطل كان تحت السيطرة ولا يضعنا في خطر كبير هذه المرّة، لكن من غير الممكن أن نضمن محدوديّة الأعطال المستقبلية، "ما يحتّم أهمية تنويع أنظمة التشغيل لتفادي الاعتماد على شركة واحدة فقط، والأهم أن هذه الحادثة قد تدفع الشركات والحكومات إلى التفكير في تطوير أنظمة تشغيل بديلة لتعزيز الاستقرار وتقليل المخاطر"، ما قد يقلب مجددا في المستقبل شكل التعامل النقدي والاقتصاد العالمي!
ما حدث لمايكروسوفت يكاد يُعتبر أيضا تحذيرًا واضحًا للعالم "التكنولوجي" من مخاطر الاعتماد الزائد على شركة واحدة لتوفير الخدمات الأساسية. إن تأثير هذا العطل يتجاوز مايكروسوفت ليشمل الاقتصاد العالمي بأكمله، مما يستدعي تحركًا جادًا لتطوير أنظمة تشغيل متعددة ومستقلة. في ظل التحديات التقنية والسياسية الراهنة، خاصة وأن المتضرر لم يكن شركات واقتصاد فقط إنما شمل حكومات دولٍ خصوصاً في أوروبا في عالم بات يعتمد بالكامل على الانترنت ما يعني ان خللاً فيه يعني شل الحركة في مختلف المجالات.
فهل نرى في الفترة القادمة شركةً عملاقة جديدةً تنافس مايكروسوفت، وهل من الممكن أن تكون تلك الشركة هذه المرة صينيةً أم روسيةً لا أميركية؟