Advertise here

صرخة جنبلاط تلقى صداها السياسي... رفضاً للإلغاء

30 تموز 2019 15:28:00 - آخر تحديث: 30 تموز 2019 15:57:45

في أحد توصيفاته للواقع السياسي الذي بلغته الحالة في لبنان، يختار الرئيس فؤاد السنيورة، المعروف بانتقاء أمثاله، وإسقاطها على الحالة العامة، بعنايةٍ بالغة. يشير السنيورة إلى أن ما يعيشه لبنان اليوم، سياسياً وشعبياً وإعلامياً، هو جزءٌ من نتاج عملية ممنهجة لتخريب العقول. وقد بدأ تخريب العقول بالنسبة إلى السنيورة منذ استناد طرفٍ معين على مبدأ التعطيل والعرقلة للوصول إلى تحقيق مبتغاه ومآربه، وفيما بعد يسجّل ذلك انتصاراً في سجّله. لكن تخريب العقول، وقلب المفاهيم هذا، ينطبق على مختلف الملفات، وينطلق من مبدأ قلب الحقائق والوقائع، وتصوير الكوارث على أنها إنجازات، والتخريب إصلاحات.
 
منطق السنيورة هذا، يوافقه عليه كلٌ من الرئيس تمام سلام، الذي يعتبر أن هناك طرفاً لا يتحدث بغير لغة القوة، ويعتبر بأن قوته في قدرته على تعطيل عمل المؤسّسات وتأمين استمرارية الانتظام العام في الدولة. بينما في الحق والواقع لا يبدو هذا أكثر من ضعفٍ يعيشه صاحب هذه النظرية أمام نفسه، ولذلك يريد الاستعاضة بالحملة الدعائية التي يخوضها عن نقص يستشعره. وهنا أيضاً ثمة تلاقٍ بين رؤيتَي الرئيسين بأن القوة ترتكز على مبدأ الجمع لا التفريق، وتحقيق التوحّد وليس الانقسام على الصعيد الوطني. ولا تختلف نظرة الرئيسين عن نظرة الرئيس نجيب ميقاتي، الذي يتحرك معهما بغية حماية وضع المؤسّسات الدستورية.
 
أما تحرُّك الرؤساء الثلاثة بالتعاون مع الرئيس سعد الحريري، والتنسيق معه، لحماية اتفاق الطائف والفصل بين السلطات، والحرص على الدستور، فلم يعد يقتصر عليهم فقط، بل هو آخذٌ بالتوسّع ليشمل شخصيات وقوى وطنية متعددة غايتها الالتقاء على كلمة سواء، وذلك للجمِ الانحدار الذي ينحو إليه الوضع في البلاد، ووضع حدٍ لكل التجاوزات الحاصلة، والتي كانت قد بدأت بمحاولة الاعتداء على صلاحيات رئاسة الحكومة، وفرض شروطٍ على مجلس الوزراء وآلية عمله، إلى أن وصلت حالياً بشكلٍ واضحٍ إلى القضاء الذي يريدون تطويعه وتعليبه وفق ما يخدم مصالحهم ومتطلباتهم.
 
الأصوات بدأت تعلو رفضاً لهذه التجاوزات، والصرخة التي أطلقها وليد جنبلاط رفضاً لضرب الدستور واختلاق البدع السياسية، تلاقي صداها في صفوف القوى السياسية المختلفة الحريصة على  التوازن والتنوّع، والتي ترفض حروب الإلغاء. ويفترض أن يتبلور هذا المسعى في الفترة المقبلة انطلاقاً من مبدأ إعادة الاعتبار للدولة ومؤسّساتها بعيداً عن لغة الانقسام والشقاق. وعلى هذا الأساس تركّز لقاء الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري بالأمس على البحث عن سُبُل عقد جلسة حكومية، وتجاوز التعطيل الممارس بنتيجة وضع الشروط، خاصةً وأن أوضاع البلاد لا تحتمل ما يجري من أخذ المؤسّسات رهينةً لتصفية الحسابات السياسية. الغاية نفسها كانت حاضرةً في لقاء رؤساء الحكومات السابقين مع الرئيس سعد الحريري، والتي يمكن اختصار أساسها بمعركةٍ عنوانها "مواجهة حملات تخريب العقول".