الغالية مورا،
في يوم وداعك، يعتصرنا حزن أخرس أجفله رحيلك المفجع،
فاحتار العقل، وتلعثم اليراع أمام مزاياك النبيلة، وعطاءاتك المتنوعة كأزهار البساتين، أيتها الصديقة الصدوقة، والمربية.
المتيقظة الضمير، النقية السريرة، السديدة الرأي، الجسورق المواقف، والمناضلة التي آمنت بحرية وحقوق الإنسان وفي مقدمها حقوق المرأة وقضاياها المحقة، وصاحبة الفكر التقدمي الانساني، والنير المستنير.
فماذا أقول عن حقل قمح، وديمة سخية العطاء، ونهر تتسلق مياهه الضفاف لتروي الأرض كي تورق فيها الحياة؟
لقد أدركت أيتها الغالية أن دورك هو في الهنا والان، فملأت قنديلك زيتاً، ووهبت حياتك لتعطي الحياة للآخرين، وتزرعي المحبة في القلوب التواقة للخير.
لقد تمسكت والعائلة بالجذور، فانغرست في أرض الباروك كأرزه المتجذر في الأعالي، فلم تبرحيها يوماً.
لقد حلقت خارج أسراب الطوائف، والمذاهب، والعشائر، والعصبيات، وشرعت نوافذ العقل على الآخر، وعلى الإنسانية جمعاء.
فكنت سنبلة قمح تنبت من رحم الوطن المتخم بالجراح ورمزاً لوحدته، ولعيشه المشترك.
فيا أيها المربية التي آمنت بقدسية رسالة التعليم، والتي تنتمي إلى دوحة الأسلاف من المربين الذين أناروا سماء الباروك والمنطقة معرفة وعلماً، ووطنية، فحملت من بعدهم رسالة سقراط الذي أثر أن يتجرع السم على أن يتوقف عن قول الحقيقة، فجعلت الفلسفة فضاءك المعرفة، والتربية مجالك الحيوي.
لقد شكلت الرسالة فضا، صوتك،
والربيع والصيف من فصول عمرك،
فكنت صوت الحق، كالسيف يخرج من غمده.
وأقول لك أيتها الأخت الغالية
باسم الزملاء والأصدقاء، ان العمر ليس بطولة، بل بعمقه، وبأنك أبقى
من الموت لأنك حفرت عميقاً في القلوب والوجدان، ورويت بذور المحبة لتورق صداقات متينة على امتداد سحابة العمر ، مترفعة عن المصالح والشيئية وصغائر الأمور.
فالرحمة لروحك أيتها الغالية، والصبر والسلوان للأهل والعائلة وكل المحبين، وتحية من الزملاء والأصدقاء في الحضور وفي الغياب، لأنك كلية الحضور في كل حين وأوان.