تتغير الملامح السياسية في المنطقة. نتائج الإنتخابات الإيرانية تحمل مؤشراً جديداً حول مسارات انفتاح طهران على الغرب والعرب، وهذا تريده إيران ليصب في مصلحتها، بخلاف ما يظنه كثيرون أن فوز الإصلاحي مسعود بزشكيان سيكون في صالحهم. فلا بد من التذكير إلى أنه أيام الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف وفي عز الإنفتاح الإيراني على الغرب نجحت طهران في تعزيز وجودها ونفوذها ومشروعها في المنطقة وباعتراف دولي لدورها السياسي في العراق، سوريا، اليمن ولبنان.
التحسب لفوز ترامب
يأتي فوز الإصلاحيين بعد مسارات كثيرة من التفاوض الأميركي الإيراني المباشر وغير المباشر، بين إدارة أميركية ديمقراطية، ووجود المحافظين على رأس السلطة في إيران. حالياً فإن نتائج الإنتخابات ستؤسس لمرحلة ما بعد الإنتخابات الأميركية والإحتساب لاحتمال فوز دونالد ترامب. لا ينفصل ذلك عن مسارات التقارب بين عدد من الدول، وخصوصاً الإستعداد بين تركيا وسوريا لتطبيع العلاقات وعقد لقاءات، وذلك يندرج أيضاً في مواكبة التطورات التي تشهدها الساحة الدولية على أبواب الإنتخابات الأميركية.
تريد طهران التأسيس لإعادة تجديد الإتفاق النووي بالتفاوض مع الغرب ومع الأميركيين بالتحديد. في المقابل، فإن المفاوضات حول وقف إطلاق النار في غزة مستمرة الى جانب البحث عن اليوم التالي. بالنسبة الى الإيرانيين فهم جاهزون لمواكبة كل المتغيرات بما فيها نتائج الإنتخابات الأميركية والانتقال الى إدارة جمهورية. ما يهتم به الإيرانيون حالياً هو الدفع في اتجاه انتخابات اسرائيلية تقضي على حكومة اليمين برئاسة بنيامين نتنياهو وسط رهان إيراني على حجم الضغوط الأميركية من جهة، وعلى الوصول الى اتفاق لوقف إطلاق النار من جهة أخرى.
التنسيق الأميركي-الألماني
لبنان يترقب لكل هذه المسارات، وسط استمرار التنسيق بينه وبين قوى محور المقاومة ولا سيما حركة حماس، وبحسب ما تشير مصادر متابعة فإن بنداً أساسياً يرتكز النقاش حوله مع حماس لجهة القبول بوقف اطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن. وتقول المصادر إن المرحلة الأولى والتي سيتم فيها الإفراج عن الرهائن ستستمر لأسبوعين، يتخللها وقف للعمليات العسكرية، على أن تتواصل المفاوضات بشأن المرحلة التالية وما تريده حماس هو الإستمرار بوقف النار طالما أن المفاوضات مستمرة وإن حصل اختلاف أو عرقلة لمسارها، وتشدد حماس على ضرورة عدم لجوء الإسرائيليين الى استعادة العمليات العسكرية طالما أن هذه المفاوضات مستمرة.
أما بما يتعلق بالجبهة اللبنانية، فإن التفاوض لا يزال حول نقطة أساسية وهي كيف سيتعاطى حزب الله مع انتقال الإسرائيليين الى المرحلة الثالثة من القتال في غزة. وبحسب المعلومات فإنه بعد زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الى باريس ولقائه بجان إيف لودريان، تشير بعض المعطيات الديبلوماسية إلى أن باريس لا تبدو ستكون مؤثرة في مسار الوضع على الحدود الجنوبية للبنان، ولذلك كان هناك تقدّم من قبل ألمانيا بتنسيق مع الأميركيين، بينما هناك من لا يزال يترقب لمسار الإنتخابات الأميركية ونتائجها، ففي حال تراجعت حظوظ جو بايدن، وكان الجمهوريون هم الذين سيفوزون بالرئاسة فإن دور هوكشتاين سيتراجع أو سيتوقف، من هنا يمكن فهم الدخول الألماني على خط التفاوض بشكل مباشر بناء على التنسيق مع واشنطن لإبقاء أرضية التفاوض قائمة لمرحلة ما بعد الإنتخابات الأميركية.