يعيش المبعوثان، الأميركي آموس هوكشتاين، والفرنسي جان إيف لودريان، سباقاً مع الوقت بشأن الوصول إلى تفاهم وحل سياسي للوضع في لبنان، وإرساء الاستقرار على الحدود الجنوبية. فالرجلان قد تتوقف مهامهما. الأول، بنتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية، التي ستكون إدارة جو بايدن منشغلة بها، وسط ما يظهر من تقدّم للمرشح الجمهوري دونالد ترامب. والثاني، نتيجة الانتخابات البرلمانية الفرنسية، حيث هناك تقدّم لليمين سيفرض متغيرات أو تكبيلاً للأداء الفرنسي الخارجي.
هو السباق نفسه الذي جمع هوكتشاين ولودريان للبحث في إمكانية تحقيق إنجاز سريع في لبنان.
رؤية واضحة
تحت هذا العنوان، جاءت زيارة المبعوث الأميركي إلى باريس، والتي التقى خلالها بلودريان. فتم البحث في تطورات الوضع في الجنوب. وحسب المعلومات، فإن الرؤية الأميركية واضحة لمعالجة الأمر، وهو وقف إطلاق النار مع وقف الحرب على غزة، وبعدها تأمين ظروف عودة السكان على جانبي الحدود، مع ضمانات باستمرار طويل الأمد وإعادة إعمار، بالإضافة إلى البحث في مصير الأسلحة الثقيلة لدى حزب الله، والتفاوض على ترسيم الحدود والذي سيكون بحاجة إلى مسار طويل.
إلى جانب ذلك، سعى هوكشتاين مع الثنائي الشيعي إلى خفض العمليات العسكرية أو حصرها في مزارع شبعا. لكن حزب الله لا يزال يربط مسار المواجهة بمصير الحرب على غزة. التقى هوكشتاين في باريس أيضاً المستشارة في الرئاسة الفرنسية آن ماري لوجاندر، والتي حلت مكان باتريك دوريل، الذي كان يواكب ملف التسوية الرئاسية في لبنان. وهذا يعني انخراط من قبل هوكشتاين بهذا الملف أيضاً.
الضغط على الطرفين
حصيلة الزيارة هي التنسيق في سبيل ممارسة أقصى أنواع الضغوط على لبنان واسرائيل، لمنع تصعيد المواجهات. وقد تركت أميركا هامشاً لكل من يريد العمل بأن يعمل في سبيل تحقيق تقدّم على مسار التفاوض. وهذا، وسط تضارب في المعطيات مجدداً، حول استبعاد شن إسرائيل حرباً على حزب الله ولبنان، واستمرار التخوف من ذلك، لا سيما أن الأجواء التي ترد من باريس تشير إلى أن لا شيء في المواقف قد تغيّر، وأن الخوف من التصعيد الإسرائيلي لا يزال قائماً، طالما لم يتم الوصول إلى أساس صلب لأي اتفاق.
وحسب المعلومات، فإن الفرنسيين أوصلوا مجدداً رسائل إلى اللبنانيين بعد زيارة هوكشتاين، تتضمن مؤشرات جدية حول المسار التفاوضي. ولكن تتضمن أيضاً إشارات حول احتمال تصاعد وتيرة المواجهات، وأنه لا يمكن الاطمئنان بشكل كامل لعدم إقدام الإسرائيليين على توسيع العمليات أو الدخول في حرب، خصوصاً أنه مع قرب انتهاء معركة رفح، فإن الأنظار ستتركز على الجبهة اللبنانية. وبحال لم يتم الوصول إلى تفاهم مع ضمانات، فإن خيار التصعيد سيبقى قائماً. خصوصاً أن هناك تضارباً كبيراً في وجهات النظر لدى الإسرائيليين، بين من يؤيد ويضغط في سبيل شن حرب على لبنان، وبين من لا يزال يتريث ولا يوافق ويفضل الحل الديبلوماسي.
في الموازاة، كانت حركة حماس قد قدّمت جواباً إيجابياً على مقترحات وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن. وحسب المعلومات، فإن هذا الجواب كان منسقاً بين حركة حماس وحزب الله، خصوصاً أنه مع الموافقة على هذه الصفقة والإعلان الرسمي من قبل حماس عن موافقتها عليها، فإن حزب الله سيوقف عملياته العسكرية. وعليه، فإن الكرة ستكون في ملعب إسرائيل ونتنياهو تحديداً، الذي يتعايش مع المزيد من الضغوط السياسية والشعبية.