Advertise here

ولى زمن المراهم والمسكنات... وجنبلاط يرفع راية المواجهة!

29 تموز 2019 08:17:52


قدّم وليد جنبلاط كل ما يمكن تقديمه. لكنهم رفضوا كل ما أقدم عليه وقدّمه. إنهم لا يعرفون غير لغة المكاسرة، لا سياسة في قاموسهم، ولا إختلاف أو تنوع، ما يريدونه فقط هو تعميم ما يجيدونه من لعبة تسجيل النقاط إعلامياً وإعلانياً. ولأنهم يحبون الإكثار من الكلام، قد صمّوا آذان اللبنانيين بمواقفهم المتكررة، دون النطق بموقف يوضح ما الذي يريدونه غير تصفية الحسابات. منذ شهر إلى اليوم، وهم يكررون المعزوفة ذاتها، والتي ربما لا تحتاج إلى تفكير بالنسبة إليهم، لأنها كتبت لهم على ما هي عليه.

 

وبينما صدّوا كل أبواب الحوار والإنفتاح والتسوية، مصرّين على مبدأ الكسر، آن لهم أن يعلموا أن منطقهم هذا لا يسري على المختارة ولا على سيدها ولا على الطائفة الدرزية، تلك الطائفة التي تستمد قوتها وفعاليتها من قوة جذورها وموقفها وليس بعددها. وهي الطائفة العصية على محاولات شق الصفوف وخلق الطفيليات على هوامشها، طائفة الفرسان الحقيقيين، الذين أكثر من خبر إكتشاف الأحصنة الأصيلة من "طراودة" العصور وما أكثرهم.

 

ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها المختارة ولا الطائفة الدرزية إلى هذا الكم من الهجومات، لكن الدروز بقوا على موقفهم وثباتهم راسخين في أرضهم وعلى قناعاتهم، محافظين على خصوصيتهم ورافضين لأحد أن يتدخل فيها أو يسمح لنفسه التلاعب بين شرائح أبنائها، على قاعدة أرساها شيخ العقل نعيم حسن ذات أيام حالكة عصفت بالجبل إذ أطلق في العام 2008 موقفه الشهير:" لا نعتدي على أحد ولا نسمح بأن يعتدي علينا أحد." ما تتعرض له المختارة من مكائد اليوم، اعتادته على مدار سنوات، تلك المؤامرات نفسها التي اعتادتها الطائفة الدرزية، منذ أيام سلطان باشا الأطرش، الذي قاد الثورة السورية الكبرى رفضاً لحروب التقسيم وتحالفات الأقليات، وصولاً إلى المعلم الشهيد كمال جنبلاط الذي تصدى لمثل هذه التحالفات ورفض دخول السجن العربي الكبير، واليوم يعاودون الكرّة مع وليد جنبلاط. لكن التاريخ ثابت، ذهبوا هم ومشاريعهم، وبقي جبل العرب وجبل لبنان.

 

لا يخوض وليد جنبلاط اليوم معركته وحده. يخوض معركة وطنية بأبعادها العربية. وهذا هو الدور الذي نمى عليه الرجل، ولطالما اضطلعت به طائفة الموحدين الدروز، قالها وليد جنبلاط صراحة، ولّى زمن المراهم والمسكنات، والمعركة ليست طائفية أو مذهبية، إنها بداية معركة الحفاظ على الطائف والدستور، وما يمثله من حفاظ على الدولة ومؤسساتها، لواء معركة رفعه وليد جنبلاط، وتفاعلت معه قوى سياسية متعددة حريصة على التنوع والإستقلالية في مواجهة كل المحاولات الإلغائية. لم تعد المعركة سياسية، بل أصبحت مبدأية وإنسانية بدرجتها الأولى.