Advertise here

الحزب الذي يتخطى الطوائف!

28 تموز 2019 22:48:00 - آخر تحديث: 28 تموز 2019 22:49:11

لعلّه من الحكمة أن يحفظ الشخص رأسه في صراع الأمم. فعند قدوم العاصفة تطأطئ النبتة رأسها فتنجوا، في حين تقتلع الرياح الأشجار العاتية لثباتها. لا تنطبق هذه المقولة على سياسة اليوم، وببساطة لأنه لم يحدث يوماً أن اهتزّ جبلٌ أمام الرياح. العاصفة تمضي، وتبقى الجبال.  

لم يكن الحزب التقدمي الاشتراكي يوماً حكراً في يومٍ من الأيام على طائفةٍ واحدة، وهو الذي بُنيَ على أسسِ المواطنية العلمانية، وفي هذا تحدٍ لمزاج السياسة اللبنانية. وقد دفع الحزب دمَ مؤسّسه ورفاقه ثمن طموحه في بناء دولةٍ علمانيةٍ مستقلة عن القرارات الإقليمية والعالمية. لكن لم يقتصر نفوذ آل جنبلاط يوماً على الأراضي اللبنانية. ففي حين يطبّق رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، مبدأً من دعائم حزبه ألا وهو الأممية، يحاول جاهداً في كل مرة الوقوف مع الشعوب المظلومة. أثبتَ وليد جنبلاط معادلةً كانت شوكةً في خاصرة خصومه، وذلك حين غرّد محذّراً في يومٍ أليمٍ مرّ على "حضر" من مغبة الاستعانة بالإسرائيلي يوم كان أهلها في ضيقٍ، لكنهم التزموا بنصيحته. وليس بعدها بكثير ظهرت مشكلة التجنيد ل "خمسين الف"، فرأينا جنبلاط في موسكو يحاور ويساوم حتى انتهى الحديث في هذه المشكلة. أثبت وليد جنبلاط نفوذه في مثلث الازمة، "لبنان، سوريا، وفلسطين المحتلة". 

كم يرغب البعض لو كان جنبلاط خارج هذه المعادلة، وكم يشتهي البعض الآخر زواله، خاصةً وأن "صفقة القرن" قد أصبحت في مرحلة تزيين قالب الحلوى. لكنهم لم يدركوا بعد أن الفأر المغرور قَبِلَ القالب فخاً، وراهن على نجاته، والنتيجة في كل مرةٍ ذيولٌ مقصوصة، وجيوب ممتلئة.

يحارب الاشتراكي اليوم، ممثلاً بزعيمه "جنبلاط"، على أساس القاعدة التي رسّخها، وهي في قلوب أهل الجبل باقيةٌ معه وبعده. فلا الرهانات تؤثّر، ولا التهديد، ولا الوعيد، ولا أصحاب الجيوب المنتفخة والأصوات المهترئة، والأوراق الساقطة، والأقلام المأجورة، والإعلام المتحيّز، ولا التشتيت المستمر. نطمئنكم أن في الجبل قاعدةٌ واحدة، وهي "سلامة الجبل من سلامة الوطن". وعلى هذه القاعدة تبقى المصالحة رمزنا الأول. على هذا الأساس نزفنا الدم أولا ولجأنا للقانون والدولة. ونزفنا ثانيةً والتجأنا للقانون. لكن حذارِ لمن يراهن أنه بقمامة ملفه يضغط على أهلنا. فإن عمّت قذارتكم في جبلنا فسوف يرى أهلنا المعادلة كما يلي، "كل ديك ع مزبلتو صيّاح". لا تجبرونا فالأوطان لا تُبنى على يد من في رؤوسهم قمامة.