المقاطعة سبيلٌ للضغط: ما هي أهدافها وكيف تؤثّر؟
02 يوليو 2024
11:10
Article Content
في ظل التصعيد المستمر للأحداث في غزة، برزت المقاطعة في الفترة الأخيرة منذ طوفان الأقصى كأداة ضغط قوية تهدف لتغيير سلوكيات المؤسسات والأفراد المرتبطين بالشركات الداعمة للكيان الصهيوني. إذ لم تكن مجرد حركة محلية فقط في العالم العربي، بل بدأت تتوسّع كحركة عالمية واسعة عكست التزامًا مشتركًا بالعدالة والإنسانية من نشطاء أجانب وعرب مغتربين وعمدت على إظهار القوّة الفعليّة للرأي العام حين يتكافل، وهذا بلا شك أظهرته أسهم بعض الشركات التي وردت على لوائح المقاطعة في العالم العربيّ والغربيّ.
حملة المقاطعة ودورها الفعال
"اعتمدت المقاطعة مؤخرا على حملات توعية للأفراد والمجتمعات بأهمية الامتناع عن شراء منتجات وخدمات الشركات التي تدعم الكيان الصهيوني" بحسب ما ذكرته الباحثة الأكاديمية والأستاذة الجامعية، الدكتورة حسناء بو حرفوش، في حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية، مضيفة أن هذه الحملات شهدت انخراطًا واسعًا ليس فقط من العرب، بل أيضًا من الجاليات العربية المقيمة في الخارج، والتي تستفيد من منصات التواصل الاجتماعي لنشر الوعي والدعوة للمقاطعة، إذ تنشط هذه الحملات بشكل ملموس، حيث يتم توجيه الأشخاص نحو البدائل المحلية لتجنب التأثير السلبي على معيشتهم اليومية".
تأثير السوشال ميديا في حملات المقاطعة
وفي هذا السياق، تقول بو حرفوش أن " وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورًا كبيرًا في تعزيز حملات المقاطعة، حيث أصبح كل شخص قادرًا على المشاركة بصوته ونشر الوعي حول أهمية المقاطعة، كما أظهرت منصات السوشيل ميديا كيف يمكن للتضامن الجماعي أن يحدث فرقًا حقيقيًا في إحداث الضغط الاقتصادي على المؤسسات المستهدفة، إضافة إلى لوائح تم نشرها إلى جانب صفحات تُعنى بإدراج كافة المؤسسات أو الأفراد، ومن بينهم مشاهير، ممن هم على علاقة بالاحتلال أو يستفيد منه اقتصاد الاحتلال بشكل أو بآخر"، ومن بين هذه الصفحات والتطبيقات يأتي الأبرز تطبيق "Qate3"، وتطبيق "مقاطعون" و"صحوة"، إلى جانب صفحات عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي منها حملة في لبنان تحت اسم "حملة مقاطعة داعمي اسرائيل - لبنان" والتي تصدر أرقاما تسلّط فيها الضوء على أهمية المقاطعة على الاقتصاد اللبناني حتّى خصوصا لشركات أجنبية بوجه الشركات المحلية الوطنية، إلى جانب صفحة "boycott4pal" على تطبيق انستغرام وغيرها الكثير.
وفي دليل على تأثير المقاطعة، تعد حملة "الكر والفر" في مصر مثلا نموذجًا واضحًا لتأثير المقاطعة. فالكثير من الشركات ومنصات المواقع الإلكتروني اضطرت الى تغيير بعض من سياساتها كي تحد من التسرّب الذي حصل من عدد ليس بقليل من المستخدمين بعدما فرضت عليهم شروط مثل عدم تناقل أخبار عن فلسطين أو أنباء "تضر بصورة الاحتلال".
وتجزم أبو حرفوش "إن قرار المقاطعة ليس مجرد تعبير عن التضامن المعنوي فحسب، بل هو فعل يحمل في طياته رسالة قوية ضد العنف والظلم، فإن الأفراد الذين يلتزمون بالمقاطعة يفعلون ذلك من منطلق إنساني وأخلاقي، ويرون أن مشاركتهم في المقاطعة قد تكون مساهمة في النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي".
الآثار الاقتصادية والاجتماعية للمقاطعة
لا يمكن إغفال الآثار الاقتصادية للمقاطعة، حيث تسعى الحملات إلى توجيه الاستهلاك نحو المنتجات المحلية. ومع ذلك، يواجه بعض الأشخاص صعوبة في التكيف مع المقاطعة بسبب ارتباطهم بوظائف في شركات أجنبية، "من هنا، تبرز الحاجة إلى تعزيز الوعي الاقتصادي وتقديم حلول بديلة لتقليل الأضرار المحتملة على العاملين" تقول أبو حرفوش، مضيفة أن النقاشات حول المقاطعة تعكس انقسامات واضحة في المجتمع اللبناني خصوصا، فبينما يرى البعض أن المقاطعة تندرج ضمن المقاومة والنضال ضد الاحتلال، يعتبرها آخرون خطوة تتجاوز حدود السياسة وتؤثر سلبًا على الاقتصاد المحلي، وهذه الانقسامات تدعو إلى ضرورة فتح حوار موسع يشمل جميع الأطراف لفهم الأسباب الحقيقية وراء المقاطعة وتحديد الاستراتيجيات الأمثل لدعم القضية الفلسطينية دون الإضرار بالمصالح الاقتصادية المحلية.
بالرغم مما يحصل من انقسام في الآراء في لبنان، تبقى المقاطعة أداة عالمية فعالة تعبر عن الرفض القاطع لأي ظلم أو عدوان، ومع استمرار الأحداث في غزة، يتعيّن على الجميع التفكير في كيفية استغلال هذه الأداة بشكل يضمن تحقيق الأهداف الإنسانية والاقتصادية بدون التسبب في ضرر إضافي للفئات الضعيفة في المجتمع، خاصة في فترة اقتصادية عصيبة يمر بها لبنان، ولكن السؤال يبقى هل يمكن أن يصل الشعب يوما إلى قناعة عن مدى فعاليّة وقوّة التضامن بينهم في التأثير على قرارات كبرى؟