يشكو كثر من أنّ وباء كورونا كان السبب وراء ظهور أمراض يُعانون منها اليوم. وفي هذا السياق، كشفت دراسة عن ارتفاعٍ مفاجئ في الأمراض المُعدية، عقب جائحة كورونا في جميع أنحاء العالم منذ عام 2022 وحتى الآن، وفق وكالة "بلومبرغ" الأميركية.
وأظهر التحليل الذي أجرته الدراسة أنّ 13 مرضاً مُعدياً على الأقلّ، من الزكام العادي إلى الحصبة والسلّ، وصل عدد الإصابات بها إلى مستوياتٍ كبيرة في الكثير من المناطق. فلماذا تزايدت الأمراض بعد كورونا؟
يؤكّد الاختصاصي في الأمراض الجرثوميّة والمعدية الدكتور ناجي عون، في حديثٍ لـ"الأنباء" الالكترونيّة، أنّه "بعد جائحة كورونا زاد عدد الأشخاص الذين يُعانون من التهابات أكثر من السابق بسبب استخدام الكمامات ما أدّى إلى انخفاض في المناعة المُكتسبة بما أنّنا كبشر نتعرّض لأمراض معدية ما يؤدّي إلى تعزيز الجهاز المناعي في الجسم بشكل مستمرّ"، موضحاً: "بالتالي عدم تعرّضنا للالتهابات يؤدّي إلى انخفاض مناعتنا، وفي الكثير من الأحيان لا نُدرك أنّنا أُصبنا بأيّ نوع من الفيروسات أو الالتهابات، لأنّ 90 في المئة منها لا نشعر بأعراضها أو تكون أعراضاً خفيفة إلا أنّها تُكسبنا مناعةً لفترة تتراوح بين 3 و9 أشهر".
بعد التوقّف عن ارتداء الكمامات وعودة الاختلاط، عادت الالتهابات الموسميّة كالإنفلونزا والإسهال وزادت نتيجة الاختلاط إذاً. وجاء في الدراسة المذكورة، أنّ "44 دولة ومنطقة أبلغت عن عودة ظهور مرضٍ واحد على الأقلّ من الأمراض المُعدية، وهو أسوأ بـ10 مرات على الأقلّ من الوضع الصحي قبل الجائحة".
هنا يشرح د. عون أنّه "بعد كورونا والحجر الصحي خصوصاً في البلدان حيث كان الالتزام مرتفعاً جدًّا، أدّى انخفاض مستويات المناعة المُكتسبة لدى الأشخاص إلى ظهور هذه الالتهابات"، لافتاً إلى أنّ "البلدان التي التزمت بالحجر الصحي بمستوياتٍ مُرتفعة انخفضت المناعة الجماعيّة فيها، وبالتالي أدّى ذلك إلى ظهور الأمراض".
أمّا في ما يخصّ اللقاحات، فيقول د. عون: "التلقيح مهمّ جدًّا من أجل إبقاء مستويات المناعة مرتفعة، ولكن عدداً كبيراً من الأطفال لم يحصلوا على اللقاحات الضروريّة ما أدّى إلى ضعف في مناعتهم وكذلك الأشخاص الذين يُعانون من مرض السكري وأمراض القلب والضغط والكلى والالتهابات في الرئة أيضاً تراجعت مناعتهم جراء عدم الحصول على اللقاحات"، متابعاً: "البلدان التي انخفضت فيها نسبة الالتزام بأخذ اللقاحات زادت فيها الأمراض".
ماذا عن لبنان؟ يُجيب د. عون: "في لبنان قسمٌ كبير من المواطنين لم يلتزم ولذلك شهدنا ارتفاعات في الإصابات بعدد من الأمراض والالتهابات كالجدري والحصبة والصفيرة أ".
وتعليقاً على قول البعض إنّ لقاح كورونا كان السّبب وراء عدد من حالات الوفاة، يقول: "تبيّن الدراسات أنّ عدداً من الأشخاص زادت لديهم نسب التجلّطات مع الوقت بعد لقاح كورونا ومعظمهم أشخاص كبار في السن أو يُعانون من مشاكل صحية. ولكن مع الوقت ستتظهّر المزيد من الأمور بشأن هذا الموضوع، ونحن نتابعها".
يبدو أنّ ضرر كورونا لم يقتصر على الإصابة به وفترة ذروته التي شلّت البلاد، ولا تزال تداعياته تلاحقنا إلى اليوم. وبعد اعترافات "استرازينيكا" الأخيرة، ماذا قد نكتشف بعد؟