التعديات من البترون لنهر الكلب وامتداداً كل لبنان... الأملاك البحرية والنهرية دون معالجة

15 حزيران 2024 12:53:01 - آخر تحديث: 15 حزيران 2024 14:41:25

يغيب ملف التعدّيات على الأملاك البحرية مع الانشغال بالأزمات التي تعصف بالبلد، إلّا أنّه يبقى حاضراً على أرض الواقع في ظلّ سوء التنظيم المزمن ومخالفة القانون، رغم الحملات والإجراءات التي حددت نظام إشغال الأملاك البحرية وتعريفاتها، إلّا أنّها لم تفلح في ردع المخالفين. ولم يكُن آخرها التعدّي على الأملاك البحرية، بل النهرية أيضاً، المتمثلة بالمخالفات على مجرى نهر الكلب، والتي استباحت الشاطئ اللّبناني وطالت الثروة البيئية برمتّها، من الشمال إلى الجنوب.

وفيما تغزو شواطئ لبنان مئات المنشآت التي يندرج معظمها تحت خانة "التعديات غير القانونية"، رغم حصول بعضها على التراخيص، لكنها تبقى في الخانة المشبوهة، نتيجة إقرارها بقوة "التنفيعات السياسية"، خاصةً ما يجري على شاطئ البترون الذي تتكاثر التعديات عليه عاماً بعد آخر، ولا سيما مع تحوّل المنطقة إلى مقصد سياحي واستفادة المستثمرين منها.

سلسلة التعديات تنطوي تحت مراسيم عدّة، إلّا أنّها حبر على ورق، إذ إنَّ المرسوم رقم 4810 تاريخ 24 حزيران 1966 والذي صدر في عهد الرئيس شارل الحلو حدد نظام إشغال الأملاك العامة البحرية على النحو التالي: "تبقى الأملاك العامة البحرية باستعمال العموم ولا يكتسب عليها لمنفعة أحد أي حق يخول إقفالها لمصلحة خاصة".

وإستناداً للمبدأ أعلاه أجاز القانون إعطاء ترخيص لمالك عقار متاخم للقسم المراد إشغاله من الأملاك العامة البحرية على ان لا يتعدى معدل الاستثمار السطحي للاشغال عن 5% وان لا يعلو البناء فوق مستوى الأملاك البحرية عن ستة أمتار مع عامل إستثمار أقصى 0,075%.

وفي هذا الإطار، فالبعض مخالف بارتفاعات الطوابق المخالفة للترخيص، مثلاً، كالذي يسمح ببناء طابقين، ليُنفّذ فيه أربعة طوابق لغاية الآن، إضافة إلى التلاعب في"شقلات" الأرض الطبيعية وتسجيلها أعلى من الواقع. كما وإقامة تصوينة وصبّ باطون ضمن التراجع عن الأملاك العامة البحرية في الوقت الذي يمنع القانون إقامة أي إنشاءات ضمن هذا التراجع. 

فالتنظيم المدني واضح تحديداً في الشروط الخاصة لأقسام من الشواطئ الشمالية في المناطق، والتي تُساق في منع أي إنشاءات ضمن التراجع عن الأملاك البحرية بما فيها برك السباحة والبرغولا وغيرها، كما أن قانون البيئة رقم 444/2002 يمنع حجب البحر عن النظر ويحفظ مبدأ وحدة الشاطئ والولوج الحرّ إليه. 

إنَّ أول من لفت إلى أهمية معالجة ملف الاملاك العامة البحرية والنهرية هو الحزب التقدمي الاشتراكي وجبهة النضال الوطني، في بداية التسعينات، حيث كان نائب جبهة النضال الوطني المرحوم وديع عقل، إذ تقدّم حينها بإقتراح قانون لتنظيم الاملاك العمومية البحرية، الا ان هذا الاقتراح لايزال في الادراج لغاية الآن وكان هدفه رفع التعديات عن الاملاك البحرية وليس تشريع هذه المخالفات والاشغالات غير القانونية وتغريم الشاغلين المخالفين والزامهم بدفع مبالغ مالية  لخزينة الدولة تكون متوازية مع ما تحقق لهم من ارباح، الا ان الدولة اللبنانية بأجهزتها كافة كانت وفي كل مرة  اثيرت فيها مسألة التعديات على الاملاك العامة البحرية تؤجل البحث وتدفع بالملف إلى الامام دون اتخاذ اي خطوة ايجابية.

إضافةً إلى طرح وزير الأشغال السابق غازي العريضي الساعي إلى تنظيم الجباية والرسوم والضرائب للاستفادة منها كموارد لخزينة الدولة.

معظم هذه المخالفات تأتي تحت حماية سياسية، فتُردم شواطئنا دون حسيب أو رقيب، ليستمر مسلسل السطو الممنهج على الأملاك البحرية، وتشوّه معه ثروة لبنان المائية والطبيعية.