الحجاج يتروون في "مِنى".. ومشعر عرفات يتأهب لاستقبالهم
15 حزيران 2024
04:38
Article Content
قضى حجاج بيت الله الحرام يوم امس الجمعة، يوم التروية الموافق للثامن من شهر ذي الحجة، بمشعر منى، اقتداءً بالسنة النبوية، مفعمين بأجواء روحانية سادها الأمن والأمان والراحة، قبل تصعيدهم فجر السبت، التاسع من ذي الحجة إلى عرفات لأداء ركن الحج الأعظم، حيث يشهدون الوقفة الكبرى.
تميزت حركة توافدهم لمنى بالانسيابية، بمتابعة آلاف من رجال الأمن بمختلف القطاعات، وسط رعاية شاملة وفّرتها أجهزة الدولة ذات العلاقة، حيث جنّدت كل طاقاتها البشرية والآلية، وسخّرت جميع إمكاناتها لتقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن، وتحقيق كل ما يمكنهم من أداء مناسكهم بيسر وسهولة.
مسجد الخيف يكتظ بالمصلين
اكتظ مسجد الخيف في منى بآلاف المصلين، حيث امتلأت جنباته بالمصلين في أجواء روحانية مفعمة بالأمن والإيمان. وقد شهد المسجد إطلاق أكبر مشروع لوزارة الشؤون الإسلامية في تطوير وتحديث أنظمة التكييف، وإضافة أكثر من 780 مكيفاً، وكذلك أجهزة حديثة لتنقية الهواء بعدد 73 وحدة تعمل على ضخّ الهواء النقي داخل المسجد، وتقوم بضخّ الهواء النقي من خارج المسجد بنسبة 100 في المائة، ودرجة الحرارة تصل داخل الخيف 20 درجة مئوية.
وكان مسجد الخيف محل اهتمام وعناية خلفاء المسلمين على مرّ التاريخ، ووُسّعت عمارته في سنة 1987 وبه 4 منارات، كما زوّد بجميع المستلزمات من إضاءة وتكييف وفرش، وبه مجمع لدورات المياه به أكثر من ألف دورة مياه.
وتصاحب قوافل الحجيج إلى عرفات منظومة من الخدمات المتكاملة التي تقدمها مختلف القطاعات الحكومية والجهات العاملة لخدمتهم وراحتهم، حيث وفّرت كل ما يحتاجون إليه، وبذلت كل ما من شأنه التيسير عليهم خلال رحلتهم الإيمانية.
ويؤدي الحجاج في مسجد نمرة بمشعر عرفات صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً، بعد استماعهم إلى خطبة عرفة التي سيلقيها الشيخ ماهر المعيقلي إمام وخطيب المسجد الحرام، وسيتم ترجمتها بـ20 لغة مختلفة، ما يسهم في إبراز رسالة السعودية الدينية والإنسانية، وما تتميز به من الريادة والتسامح، واتسام بالوسطية والاعتدال، واتصاف بنشر السلام في العالم.
ومع غروب الشمس، تبدأ جموع الحجيج نفرتها إلى مزدلفة، حيث يصلون فيها المغرب والعشاء، ويبيتون حتى فجر غد (الأحد)، العاشر من شهر ذي الحجة، لرمي جمرة العقبة جمرة العقبة الكبرى، في أول أيام عيد الأضحى المبارك، ويشرعون في أعمال النحر، ثم بحلق رؤوسهم، وأداء طواف الإفاضة بالبيت العتيق والسعي بين الصفا والمروة.
متابعة جوية
أكد العميد الطيار الركن سلطان بن صلّيح، قائد مجموعة القوات الجوية المشاركة في الحج، أنهم يعملون ضمن خطة وزارة الدفاع الشاملة، لدعم جهود وخطط جميع الأجهزة الأمنية والجهات الحكومية الرامية إلى توفير جميع التسهيلات لخدمة ضيوف الرحمن، وذلك من خلال تأمين المجال الجوي فوق المشاعر المقدسة على مدار الساعة.
وقال بن صليح، في تصريح نقلته وكالة الأنباء السعودية، إن القوات الجوية تسخّر إمكاناتها وقدراتها جنباً إلى جنب مع القطاعات كافة المشاركة في مهمة الحج، وفقاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وبمتابعة من الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع، حيث نصّت على أن تتولى القوات الجوية مسؤولية تنظيم وإدارة ومتابعة الأجواء والإشراف على الحركة الجوية في المشاعر المقدسة لجميع الطائرات المشاركة في مهمة الحج من القطاعات الأخرى، وتأمين الطائرات اللازمة في مفرزة القوات الجوية بالمشاعر المقدسة والقواعد الجوية بالقطاع الغربي، القطاع الأوسط لتنفيذ الخطة الأمنية، بالإضافة إلى تغطية المنافذ الجوية بفنيين للكشف عن المواد الخطرة.
وأضاف: «تعمل طائراتنا وقواتنا مع الجهات المعنية في وزارة الداخلية على متابعة الخطط الأمنية والحركة المرورية وحركة المشاة ومراقبة منافذ العاصمة المقدسة ونقاط الفرز، لمنع تسرب مخالفي أنظمة الحج إلى المشاعر المقدسة وتمرير البلاغات لغرفة العمليات، وذلك من خلال تسيير رحلات جوية على مدار الساعة بواسطة طائراتها العمودية المجهزة بأحدث التقنيات التي تشارك أيضاً في مراقبة تحركات الحجاج من المشاعر المقدسة وإليها خلال أيام الحج الثلاثة، بالإضافة إلى قيامها بأعمال الدفاع المدني وتحديد مواقع الاختناقات (إن حصلت) وكذلك تنفيذ عمليات الإخلاء الطبي عند الحاجة بواسطة طائرات مجهزة بأحدث المعدات والكوادر الطبية المؤهلة».
الإسعاف الجوي
تواصل الخدمات الصحية بوزارة الدفاع تقديم خدمة الإسعاف الجوي في موسم الحج، بالتعاون مع «هيئة الهلال الأحمر السعودي»، ورئاسة أمن الدولة ممثلة في طيران الأمن، حيث خصصت أحدث الطائرات في العالم مجهزة بأرقى التجهيزات الطبية الطارئة لتغطية نطاقات المشاعر المقدسة.
وأوضح العميد طبيب بندر الجعيد، مساعد قائد البعثة، في تصريحات نقلتها «وكالة الأنباء السعودية»، أنه تم هذا العام تجهيز طائرات الإخلاء الجوي العمودية والنفاثة التابعة للخدمات الطبية للقوات المسلحة على مدار الساعة للمساندة في حالات الطوارئ، ونقل من يتطلب وضعهم الصحي لمستشفيات القوات المسلحة المساندة، مؤكدًا أن الإخلاء الطبي يسعى دائماً لمواكبة كل جديد في مجال الخدمة الطبية الجوية المتطورة، وجهّزت مستشفيات طائرة إسعافية تستخدم في الداخل والخارج، تضم غرفاً للعمليات والإنعاش والعناية المركزة ومختبرات ووحدات للأشعة، وجهاز أكسجين يعمل لمدة 4 ساعات داخل الطائرة.
تحصين 99 % من حجاج الداخل
أعلنت وزارة الصحة أن نسبة حجاج الداخل الذين تلقوا التحصينات اللازمة في موسم حج هذا العام بلغت 99 في المائة، فيما تم إلغاء تصريحات 150 حاجاً من قبل الجهات المختصة لعدم استكمال التحصينات المطلوبة، بعدما دعت في وقت سابق الراغبين في أداء المناسك من الداخل إلى الحرص على استكمال جرعات التطعيمات قبل الحج بفترة كافية مع توثيقها في تطبيق «صحتي»، معتبرة أن صحة وسلامة ضيوف الرحمن أولوية حتى يتمكنوا من أداء مناسكهم بصحة وطمأنينة، ولضمان وقايتهم من الأمراض المعدية والحفاظ على الصحة العامة في المشاعر المقدسة.
ونقلت المنظومة الصحية 23 حاجاً من ذوي الحالات الحرجة المنوّمين من جنسيات مختلفة إلى مستشفى جبل الرحمة بمشعر عرفات من مستشفيات المدينة المنورة وجدة لإتمام المناسك عبر قافلة من سيارات الإسعاف، استعداداً لأداء الركن الأعظم، السبت.
وشاركت في تجهيز القوافل منظومة صحية متكاملة، تضم جهات القطاعات الصحية، وقد شارك فيها للمرة الأولى «الهلال الأحمر السعودي»، ومستشفى الملك فيصل التخصصي بالمدينة، ومستشفى الأمير محمد بن عبد العزيز للحرس الوطني، ومستشفى الأمير سلطان للقوات المسلحة، وعدد من مستشفيات القطاع الصحي الخاص.
وواصلت الوزارة جهودها لتقديم الرعاية المتكاملة لضيوف الرحمن، حيث استفاد نحو 93 ألف حاج من الخدمات الصحية المتنوعة التي تقدمها مراكز الرعاية الصحية، منذ اليوم الأول من شهر ذي القعدة (الهجري)، حتى يوم الثامن من شهر ذي الحجة، موضحةً أن الخدمات تنوعت بين عيادات طبية وتخصصية، وصيدليات، ومراكز غسيل الكلى، وغرف العناية المركزة، ووحدات العزل، مشيرة إلى أنه تم إجراء 19 عملية قلب مفتوح، 218 قسطرة قلبية، 676 عملية غسيل كلوي، بالإضافة إلى دخول 2022 من الحجاج إلى المستشفيات والمراكز الطبية لتلقي الرعاية الصحية اللازمة.
وأكدت التزام المنظومة الصحية في السعودية بتوفير أعلى مستويات الرعاية الصحية لضيوف الرحمن، من خلال كوادرها الطبية والإدارية والمنشآت والمراكز الصحية الموزعة في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، لضمان سلامتهم وراحتهم خلال موسم الحج.