مقاطعة اجتماع يحضره مندوب فلسطين... موقف عدائي للرئيس الأرجنتيني

13 حزيران 2024 23:34:00

يواجه الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي موجة انتقادات داخلية، بعد مقاطعته اجتماعاً لمجلس سفراء المجموعة العربية والإسلامية في العاصمة بوينس آيرس، بحجة وجود ممثل لدولة فلسطين، فيما وصفت الجامعة العربية هذه الخطوة بـ"العدائية" و"غير المبررة".

ووقعت الحادثة مساء الجمعة الماضي، عندما كان الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي يستعد لحضور الاجتماع الذي احتضنه المركز الثقافي الإسلامي في بوينس آيرس، ولكنه غير رأيه في آخر لحظة بعدما علم أن القائم بأعمال سفارة فلسطين في الأرجنتين رياض الحلبي، سيحضر هذا الاجتماع.

وفي التفاصيل، أنه عند وصول القائم بالأعمال الفلسطيني الى المركز الإسلامي قام أحد افراد حرس الرئاسة بإيقاف المركبة والسؤال عن الأسماء، فأجابه القائم بالأعمال انه من سفارة دولة فلسطين وطلب الحرس منه الانتظار في الخارج حتى يقوم بإخبار البروتوكول عن وصوله، لأن موكب الرئيس على وصول، فقام القائم بالأعمال الفلسطيني بالترجل من المركبة وتوجه الى مدخل المركز الإسلامي للدخول فتم منعه من الدخول وطلبوا منه انتظار وزيرة الخارجية السيدة ديانا موندينو التي تريد التحدث معه بموضوع قبل الدخول، وفعلاً وصلت الوزيرة موندينو وطلبت منه برجاء شخصي أن يعتذر عن المشاركة في اللقاء "بحجة المرض"، وذلك لإنقاذ موقف عدم حضور الرئيس الى الفعالية حيث كان الرئيس مايلي قد اتصل بها شخصيا واخبرها انه لن يدخل الى المركز الإسلامي بوجود ممثل فلسطين. وبدوره عبّر لها عن احتجاجه من طريقة ايقافه ومنعه من الدخول واستغرابه من هذا الطلب رغم ان قوائم المشاركين في هذا اللقاء قد أرسلت مسبقا لهم وعليه تم وضع اعلام جميع الدول المشاركة من قبل دائرة البرتوكول لوزارة الخارجية داخل قاعة الاجتماعات، وقال لها القائم بالأعمال الفلسطيني أنا أمثل دولة فلسطين والشعب الفلسطيني و السلطة الفلسطينية، واللقاء هو مع سفراء الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي واعتذر لها لعدم الاستجابة لطلبها.

وعند حضور السفير حسين العسيري سفير المملكة العربية السعودية الى خارج المركز وعلمه بطلب الوزيرة الأرجنتينية، كان موقفه صارم وثابت بأهمية وجود ممثل دولة فلسطين في اللقاء وإن كان شرطهم لحضور الرئيس ميلي هو استثناء ممثل فلسطين فمن الأفضل إلغاء الزيارة وقال للوزيرة ان مجموعة الدول الإسلامية لن تقبل الا بحضور ممثل فلسطين، وأجابت الوزيرة، انه إذا تم تأجيل أو إلغاء اللقاء فهذا سيفاقم المشكلة، وكان رد السفير السعودي المشكلة ستكون أكبر  بدون حضور ممثل فلسطين في اللقاء منوها للوزيرة انهم يتشرفون بإكمال فعاليات الزيارة بحضورها، وقد قامت الوزيرة  بالاتصال بالرئيس ميلي وابلاغه بقرار المجموعة الإسلامية وتم إلغاء زيارة الرئيس واقتصرت الزيارة على حضور الوزيرة التي اجتمعت مع سفراء المجموعة الاسلامية. 

وقامت الوزيرة والوفد المرافق لها بزيارة مرافق المركز الإسلامي والمدرسة التابعة له وتخلل الزيارة اجتماع قصير مع الوزيرة وكلمات ترحيبية من سفير المملكة العربية السعودية وعميد المجموعة العربية والإسلامية سفير جمهورية لبنان واختتم بكلمة قصيرة لوزيرة الخارجية دون التطرق عن الإشكال الذي حصل أو السبب الفعلي لعدم مشاركة الرئيس وعللت ذلك بتغير طارئ في أجندة الرئيس.

وذكرت صحيفة "بوليتيكا أرجنتينا" أن ميلي كان داخل السيارة متجهاً إلى المركز الثقافي الإسلامي، وعندما تم إعلامه بحضور رياض الحلبي انفجر غضباً، وطلب من السائق العودة، رغم أنه كان على بعد بنايتين فقط من المكان.

وزعمت الحكومة الأرجنتينية أولاً أن عدم حضور ميلي للفعالية كان بسبب "جدول أعماله المزدحم"، ولكنها عادت وذكرت في وقت لاحق أن القرار له أسباب "دبلوماسية وجيوسياسية".

كما وصف رئيس الجمعية العربية الإسلامية الأرجنتينية أدالبيرتو الأسد، غياب ميلي عن الفعالية بأنه "قلة احترام".

وقال الأسد في مقابلة مع "راديو ريبيلدي"، إن "هذا أمر غير مسبوق، ولم نكن نتصور أبداً شيئاً من هذا القبيل"، معتبراً أن تصرف ميلي "ازدراء وقلة احترام".

وأشارت صحيفة "إل إنترانسيخينتي" إلى أن تحالف "لا ليبرتاد أفانزا" الذي يقوده ميلي، هو داعم كبير لتل أبيب، كما أن ثاني رحلة لميلي منذ توليه الرئاسة كانت إلى إسرائيل.

ويُعتبر ميلي شخصية "مؤيّدة جداً لإسرائيل"، كما أعلن دعمه الكامل للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

الأرجنتين هي موطن لأكبر جالية يهودية في أميركا اللاتينية (250 ألف شخص). وتُعتبر الجالية اليهودية في الأرجنتين من بين الأكبر في العالم خارج إسرائيل، بعد الولايات المتّحدة وفرنسا وبريطانيا. 

واعتبر الأسد أن خافيير ميلي "يتجاهل الجالية الإسلامية الموجودة في البلاد منذ أكثر من 100 عام"، مؤكداً أن "هذه المواقف تساهم في التدمير وليس البناء".

تابع قائلاً: "بإمكانه أن يتحالف مع الولايات المتحدة وإسرائيل ومع من يريد، لكن يجب ألا يقلل من احترام البقية"، مشيراً إلى أن من بين الحضور "20 سفيراً للعالم الإسلامي يمثلون 20 دولة، وهم بدورهم يمثلون 1.8 مليار مسلم في جميع أنحاء العالم".

وفي ردها على موقف ميلي، قالت الجامعة العربية في بيان، إنها "تابعت باستياء ودهشة شديدين قيام الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي بالعدول في اللحظات الأخيرة عن حضور اجتماعٍ كان مُقرراً أن يحضره في 7 يونيو"، وذلك "بحجة وجود القائم بأعمال سفارة فلسطين ضمن الحضور".

وأكدت الأمانة العامة للجامعة العربية، أن مثل هذا التصرف "يعكس موقفاً عدائياً وغير مبرر ليس فقط حيال دولة فلسطين، وإنما حيال المجموعة العربية".

وتأسفت لحدوث مثل هذا الموقف "غير الدبلوماسي وغير المقبول من رئيس دولة يكن لها العرب احتراماً كبيراً لمواقفها الايجابية السابقة من القضية الفلسطينية، والتي انقلبت مع الأسف الشديد على يد الإدارة السياسية الحالية".

في حين، أشار البيان إلى التنسيق مع وزارة الخارجية الأرجنتينية بشأن قائمة الحضور، مع التأكيد على أنه "لا سبيل لاستثناء ممثل الدولة الفلسطينية" من أية لقاءات جماعية للمجموعتين العربية والإسلامية.

وقالت الأمانة العامة للجامعة العربية إنها "تأمل أن تقوم الأرجنتين بمراجعة مواقفها الأخيرة من القضية الفلسطينية، التي تنطوي على انحياز صارخ للاحتلال" الإسرائيلي، و"وقوف على الجانب الخطأ من التاريخ، وذلك حرصاً على العلاقات الممتدة مع العالم العربي، وعلى المصالح السياسية والاقتصادية المتبادلة بين الجانبين".

وسبق لخافيير ميلي أن أعلن رغبته في نقل سفارة الأرجنتين في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، في محاكاة للخطوة التي اتخذها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.