في يوم رحيلك لن أرثيك، بل سأكتب إليك!
بريشتك المتعانقةِ مع معول، حيث التجسّد الأرقى لوحدة الفكر والممارسة والتعبير الأجمل لنظرية العمل المباشر التي زرعها بكَ وبرفاقكَ المعلم الشهيد؛
تقدمياً حتى العقل واشتراكياً حتى الفؤاد وكمالياً حتى العشق.
بتواضعك الوقور، حيث يندمج احترام الآخر مع عزة النفس وكِبَر الروح، وكأني أمام رجل يحمل عصا الحكماء الذهبية من وسطها، في مشهد التوازن الأخلاقي.
بمحبتك المجبولة مع تقاسيم العنفوان، توزعها على مستحقيها من أحبابك وأصدقائك ورفاقك، دون أن يتجرأ أحدٌ على تجاوز الخطوط الحمراء، التي ترتسم من تلقاء نفسها دون قصدٍ منك.
بنبلك وشهامتك التي تغدق بها على من عرفك، فتتدخّل، عندما يستدعي الموقف منك التدخل، الى جانب إحقاق الحقّ ولمّ الشمل والحفاظ على المبادئ.
بمواجهتك لصعاب الأيام وأحكام القدر ونوائب الدهر، تواجههم بالصبر والإيمان إلى أخر أيام رحلتك.
بنضالك وجهادك وتاريخك، في مجتمعك وحزبك ووطنك اللبناني والفلسطيني والعربي، حيث الإنتماء يلتقي ويتكامل ضمن جدليةٍ رائعة لا يتقنها إلّا تلامذة المعلم النجباء، ولا يمارسها إلا رفاق الوليد الأوفياء.
رسالتي لكَ، كما هي لنا ولأولادنا وللزمان الآتي، علّ تلك الخصال المترسخة في رجالِ ذاك الزمان الجميل تنتقل مع صدى روحك وأرواح الأحباء امثالك، من الرفاق الكثر على درب الكرامة-طريق المختارة، بما يتعدى العاطفة وبما ترمز إليه من ثورةٍ على الظلم والفقر والجهل والتخلف، وما تنشده في معراج العلم والتطور والحرية والعدالة ، نحو شرقٍ جديد وإنسانٍ جديد، ثائرٍ فعلي على أنظمة العفن والعسس والعمى.
رسالتي لكَ هي وليدة مراقبةٍ ومعاناة وألمٍ وقلقٍ على مستقبل هذا الوطن الذي تحول أمام اعيننا من بارقةِ أمل ونعيم ذاك الزمان الجميل، الى جحيمٍ و انكسارٍ ومذلة، وكل ذلك بسبب "سعادين هذا السيرك المبكي وأقزام هذا الزمن الرديء".
رحمك الله يا بطلاً من ذاك الزمان الجميل، استمرّ إلى اليوم الأخير من حياته رمزاً وقدوةً وأستاذاً.
ستبقى في القلب والذاكرة. ستبقى في مسيرتنا ويومياتنا، أملاً لزمنٍ نتمناه أن يعود جميلاً.