Advertise here

انزعاج عام من استمرار تعطيل مجلس الوزراء... والحريري يبلغ رسالة حاسمة

25 تموز 2019 10:22:23

أصبحت كل القوى السياسية منزعجةٌ من تعطيل عمل مجلس الوزراء. وعلى اختلاف تنوّع الأفرقاء، ثمة إجماع على أنه من غير المقبول استمرار تعطيل جلسات الحكومة، وهذا موقفٌ قاله الرئيس نبيه بري بكل صراحة أمام زوّاره، إذ اعتبر أنه لا يمكن الاستمرار على هذا الحال طالما لم يتم التوصّل إلى حلّ، ويجب دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد، وعدم بحث ملف حادثة الجبل خلال الجلسة، طالما لم يحصل هناك توافقٌ بشأنها. موقف برّي هذا يعبّر عن وجهة نظر مختلف القوى السياسية، وكذلك بالنسبة إلى رئيس الجمهورية الذي يعتبر أن عهده هو المعطّل.

بلا شك أن طرفاً وحيداً لا يريد للحكومة أن تنعقد، لأنه بذلك يصوّر نفسه على أنه قادرٌ على تعطيل البلد ومؤسّساته. وربما يتوهم قوةً مفتقدةً لديه، فيلجأ إلى استغلال هذه الفرصة التي يرتكز فيها على إحراج حلفائه والاستقواء بزنودهم لتعطيل عمل الحكومة، لعلّ ذلك يعوّض عليه بعضاً من عقدة النقص التي يعانيها. وهو بذلك يستند إلى تجربة تعطيلية قادها حلفاؤه في الكثير من المحطات لتحقيق ما يريدونه، كما أنه يراهن مجدداً على سواعد حلفائه كما راهن سابقاً خلال مفاوضات تشكيل الحكومة، لعلّهم يتفضلون عليه بموقع وزاري. في حينها أخذ وليد جنبلاط المسألة على عاتقه. تعاطى بكِبَر، كما تعاطى مع إبقاء المقعد النيابي الدرزي الثاني في عاليه شاغراً. ولكن هذه المرّة القضية مختلفة، ولا تتعلق بالتنازل عن مقعد وزاري درزي. ويظّن من يتوهم فرصةً للانقضاض، أو لإبراز براثنه، بأنها ستتكرر حالياً. لكن يغيب عن بالِه أن وليد جنبلاط يتخلى عن ما لديه، وعن حقّه المكتسب في سبيل تسهيل شؤون البلاد، لكنّه لن يتنازل أبداً عن كرامته، وكرامة الدروز، ولن يرضخ أو يلين لأي ضغط لهكذا مطلب يريد طالبوه أن يشعلوا سجائرهم بإحراق الطائفة الدرزية، أو وضع رأسها على المقصلة.

وهذا الطرف الذي يستمر بالتعطيل مستنداً إلى قوة حلفائه، بلا شك أنه دفع حلفاءه إلى الانزعاج منه ومن انتهازيته، خاصةً وأنه بدأ يرسل إليهم إشارات بأن الدم الذي سقط في الجبل سقط بسببهم، وبالتالي لا بد من الاستمرار في دعمه ودفع ثمن ذلك، وهو ما يؤكد أنه لا يعمل إلّا وفق منطق التجارة، وليس لديه غير حسابات الربح والخسارة. وفيما فهمَ الآخرون أن مطلبهم قد سقط، وأن استعجالهم الذي يعمي بصيرتهم في استضعاف الحزب التقدمي الاشتراكي لانتهاز أي فرصةٍ لتصفية الحسابات معه أمنياً وقضائياً، وعبر تركيب الملفات، والمساعي السياسية والشعبية لم تنجح معهم، ولن يصيب غيرهم بمقتل، لكن يبدو أن هذا الطرف المعني الذي صعد إلى أعلى الشجرة لم يفهم بعد. وعلى الرغم من كل العروض التي قُدّمت لإنزاله عن سقفه الذي رفعه، إلا أنه لا يزال يرفض ذلك. ووردت معلومات مؤكدة بأنه وحلفائه أصبحوا على قناعةٍ بأن مسألة إحالة الملف على المجلس العدلي غير متوفرة، ولذلك لا بد من البحث عن صيَغٍ أخرى. وفي هذا السياق يؤكّد رئيس الحكومة سعد الحريري أنه سيوصل رسالة إلى مختلف القوى السياسية، بأنه لن يسير بالمجلس العدلي تحت أي ظرفٍ من الظروف. وهو غير مستعد لطرح المسألة على التصويت، وأنه مصممٌ على عقد جلسةٍ لمجلس الوزراء، وعليهم أن يفعلوا ما يتوجب عليهم لانعقاد هذه الجلسة. موقف الحريري هذا من شأنه أن يوضح مسار الأمور، ويضع حدّاً لكل محاولات البلطجة أو التساهل معها.