العريضي ممثلاً جنبلاط في مؤتمر "التجدد للوطن": تحولات كبيرة وخطر على الكيان اللبناني... فلنذهب الى تفاهمات تعيد بناء المؤسسات

01 حزيران 2024 14:07:49 - آخر تحديث: 01 حزيران 2024 15:15:38

شارك الوزير السابق غازي العريضي في مؤتمر التجدد للوطن: "من لبنان الساحة الى لبنان الوطن - لبنان في ظل النظام الاقليمي الجديد"، ممثّلاً الرئيس وليد جنبلاط.

وقال العريضي في كلمته: "أن تنطلق في بلدنا حركة أو مبادرة عنوانها " التجدّد للوطن " تضم شخصيات وكفاءات التقت حول مبادئ وطنية في إطار رؤيا مستقبلية للبنان قدّمتها منذ فترة، تلتزم ثوابت أساسية جامعة وتحدّد موقفاً من قضايا يقع خلاف بيننا حولها، فهذا جهد خيّر مبارك ومساهمة في مواجهة التحديات التي نواجه، وتعبير عن ذهنية صافية واقعية في مقاربة الأمور لتعزيز الوحدة الوطنية وإعادة بناء الدولة وتطوير مؤسساتها وتفعيل عملها لتكون في خدمة الإنسان الذي هو الغاية النبيلة في الحياة على حد ما كان يقول المعلم كمال جنبلاط. وهذا يستوجب كل دعم وعناية ورعاية وترحيب إذ من المفترض أن يساهم في مزيد من التفاعل والحوار والعمل بين ابناء البلد الواحد ضمن مساحة ولو صغيرة من هذا الموزاييك اللبناني الجميل، دعانا أصحابها الى البحث في أهم عنوان في أخطر مرحلة نشهد فيها تحولات كبيرة تهدّد كيانات: " لبنان في ظل النظام الاقليمي الجديد " " وكيف ننتقل من لبنان الساحة الى لبنان الوطن ". 

وأضاف "نعم أيها السادة، عندما نقارب هذا العنوان إنما نتصدى بوعينا وفكرنا وعقلنا وبكل اهتمام الى ما يهدّد مستقبلنا ووجودنا في ظل ما يحيط بنا، من خلال قراءة مشتركة يستنبطها عقلنا الجماعي وخطة عملية نذهب الى تنفيذها لنضمن حماية لبنان وأهله ومستقبله ودوره. هذا اللقاء، هذه المبادرة، هذه الحركة تحت العنوان المذكور عمل يستحق التقدير والشكر وبركة صاحبي الغبطة للإرتقاء فوق الحسابات الصغيرة في مواجهة التحديات الكبيرة، والاستفادة من دروس وعبر الماضي والحاضر والتجارب، واستيعاب بعضنا البعض، وتثبيت لغة العقل والمنطق والحكمة، أولم يقل الأديب اللبناني الكبير ميخائيل نعيمة: " ما اضيق فكري ما دام لا يتّسع لكل فكر " ؟؟ صاحب الفكر الواسع، والواثق من ذاته والمتربّع في موقع القيادة يجب ألا يخشى مناقشة فكرة وحضور مفكرين أو مبادرين أو ناشطين عقلانيين منطقيين. أولم يقل أيضاً الإمام علي بن ابي طالب: " آلة الرئاسة سعة الصدر " ؟؟

وتابع العريضي: 

في العنوان، وانطلاقاً من هذه المقدمة اسمحوا لي تسجيل الملاحظـــات التالية: 
1 – لقد قامت دولة لبنان الكبير بعد اتفاقية سايكس بيكو بسنوات قليلة وهي التي قسّمت المنطقة الى كيانات وحدّدت انتدابات ومناطق نفوذ دول كبرى على أرضنا، وبعد وعد بلفور باقامة دولة لـ" اليهود " الوعد الذي نفّذ بعد سنوات من استقلال لبنان وقامت دولة اسرائيل، دولة الاغتصاب والإرهاب على أرض فلسطين وكانت نقطة تحوّل كبيرة وخطيرة في تاريخ المنطقة وشعوبها. لن أدخل في تفاصيل الصراع العربي – الاسرائيلي منذ الـ 48 على الأقل حتى الآن لكن المشهد الحالي يمكن اختصاره بالتالي في ظل الصراع الدولي الإقليمي على كل المنطقة: 
-    اتفاقية سايكس بيكو سقطت. وبالتالي نحن أمام مرحلة جديدة ستحدّد فيها أدوار جديدة، ومناطق نفوذ جديدة.
-    اسرائيل أصبحت " دولة يهودية " بقانون قوميتها ولا تزال تتوسّع وتصرّ على الاستيطان وعلى تهجير الفلسطينيين وتحظى بكل الرعاية والحماية الأميركية الغربية التي تجاوزت كل الحدود وأسقطت كل الشعارات عن العالم الحر والديموقراطية وحقوق الانسان والعدالة، وخطر الحرب على غزة ومشروع التهجير يستهدف دولاً عربية أساسية من مصر الى الأردن ولبنان مباشرة كما يستهدف سياسياً كل الدول الأخرى. اسرائيل تمدّدت في عدد من الدول العربية، وتستبيح كل شيئ، وأخذت ما تريد دون أي مقابل ولم يعد ثمة تأثير عربي وازن. ورغم اهتزازها في ساعات " طوفان الأقصى " الأولى فإن اسرائيل ولو تحولت الى ساحة حظيت بالحماية الأميركية اللامحدودة من خلال الغواصات وحاملات الطائرات والجسور الجوية المغذية بالسلاح الفتاك والقنابل ذات التدمير الهائل والتبني الكامل لأكاذيبها ورواياتها وتغطية عمليات الإبادة الجماعية والمحارق التي ترتكبها بحق الفلسطينيين وتهديد وسائل الإعلام وطلبة الجامعات والأساتذة والفنانين والنواب والمتظاهرين دفاعاً عن حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على أرضه وكذلك تهديد العدالة الدولية بفرض عقوبات على قضاة المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، وكل من ينتقد اسرائيل. 
إن منطقة عربية جديدة تكون اسرائيل العدو التاريخي لها جزءاً اساسياً منها مندمجاً فيها كي لا نقول دمج معظم المنطقة بها، مع هذا الموقع الاسرائيلي ستكون أدوار الدول فيها مستقبلاً غير ما كانت عليه وما هي عليه اليوم وخصوصاً لبنان. لبنان التنوّع الذي تكرهه اسرائيل، لبنان الحرية والديموقراطية والعلم والجامعات ولبنان البلد الصغير الذي كسرها وأسقط هيبتها وطرد احتلالها ورفض كل محاولات ربطه بها أو فرض الشروط عليه وهي التي تستهدفه منذ العام 48 وقبل وبعد اللجوء الفلسطيني إليه. 
وفي المنطقة ثمة قوى إقليمية مؤثرة غير العدو الاسرائيلي، تركيا وإيران. دور تركيا الى تراجع نسبياً. دور إيران لا يزال فاعلاً .الدول العربية ساحات ومؤخراً فضاءات، والجامعة العربية لم يبق منها شيئ وقد تداعى النظام الاقليمي القديم بكل هيكله ودعائمه وأميركا القوة الأكبر الحاضرة في كل هذه الصراعات. 
باختصار: سايكس بيكو انتهى. النظام الإقليمي القديم سقط وثمة خطر على كيانات المنطقة وخصوصاً الكيان اللبناني. نحن أمام نظام إقليمي جديد هذه ركائزه فاين نحن منه وما هو دورنا؟؟ 
اسئلة استراتيجية اختصرها عنوان هذا اللقاء. لبنان بلد صغير منهك منهار مالياً واقتصادياً واللبنانيون منقسمون تقريباً على كل شيئ وحولنا انقسامات وتوترات وحروب ومنطقة تغلي لن يكون فيها استقرار اذا لم يكن حل عادل للقضية الفلسطينية وهذا بعيد المنال. فما العمل ؟؟ في ظل دعوات الانفصال وتصريحات التمييز بين اللبنانيين وكأننا نتقمص أنظمة الابارتايد في افريقيا أو التمييز العنصري ضد السود في أميركا أو غيرها من الحالات.
-    التمسك بالطائف دستوراً والذهاب الى تطبيقه والعمل لاحقاً على تطويره ونحن منذ البداية اعتبرناه مدخلاً الى الحل فلماذا يقفل بعضنا هذا الباب ويذهب الى ما يتنافى مع روحيته ورفض عدد كبير من ابناء الوطن ؟؟ وهل يحتمل لبنان الكبير تقسيماً تحت صيغ مختلفة وما هي كلفة ذلك ؟؟ 
-    الاستراتيجية الدفاعية: لا بد من الوصول اليها لحماية لبنان على قاعدة اسرائيل هي العدو وتعزيز قدرات المؤسسات الأمنية والعودة الى اتفاقية الهدنة.
-    اللامركزية الإدارية بند أساس في الطائف. وكانت بنداً مهماً في كل طروحاتنا الإصلاحية وشكلت عنواناً من عناوين البرنامج المرحلي للإصلاح السياسي الذي أطلقته الحركة الوطنية اللبنانية بقيادة كمال جنبلاط عام 75 ولا نزال مع هذا التوجه الاصلاحي الضروري ومع إنشاء مجالس محافظات منتخبة  تسهّل على المواطنين حياتهم اليومية وتنمية مناطقهم. فليكن نقاش هادئ بيننا حول هذا الموضوع دون الانحدار الى خطابات الشعبوية والمزايدات والصراع حول النفوذ والسيطرة هنا وهناك. 
-  النزوح السوري: لقد ارتكبت أخطاء فادحة في الداخل في التعامل مع هذا الموضوع منذ البداية في سياق حسابات سياسية شعبوية وفئوية وعبثية وقصيرة النظر بعيداً عن قراءة مخاطر ما يجري في سوريا وأسبابه وتداعياته، وغياب شبه كلي لمؤسسات الدولة، وصل الجميع الى إدراك أن ثمة عبئاً كبيراً يقع على لبنان واللبنانيين خصوصاً بعد مرحلة الإنهيار المالي الاقتصادي وحتى الآن. لم يقارب الموضوع مقاربة موضوعية علمية ضمن الممكن والمتاح بل جاءت التحركات تحت الصدمات، صدمات التجاوزات والتعديات، وأطلق بعضهم العنان لتصريحات عنصرية، ودعوات لتصرفات عشوائية متسرعة من قبل بعض مؤسسات الدولة دون إدراك مخاطر ما يمكن أن يحدث، وتقدير دقيق لقدرات وطاقات البلد في ظل الانقسام الحاد الحاصل. بادرنا كحزب تقدمي اشتراكي الى إعداد ورقة والى حوار بشأنها مع كل القوى السياسية وسنستمر في هذا الأمر على قاعدة الإحصاء الدقيق، الفرز بين ما هو شرعي وغير شرعي الذي نحن بحاجة إليه، والى خطة قائمة على هذا الأساس مع ضبط التهريب على الحدود علّنا نخفف من وطأة الضغط من جهة ونفتح باباً لنقاش متين متماسك يعبّر عن إرادة لبنانية جامعة، مع أوروبا والدول الفاعلة المعنية مباشرة بهذا الأمر من جهة أخرى. وان التفكير بحشر النازحين في منطقة الشمال ستكون له تداعيات خطيرة. نحذر من الاقدام على هذه الخطوة وندعو الى التروي مؤكدين موقفنا بضرورة اقامة مخيمات والتفاوض مع الدولة السورية لمعالجة القضية. 
-    الهموم الواحدة: إذا نظرنا الى الواقع اللبناني الداخلي ورغم كل الإنقسامات حول الحرب الاسرائيلية على الجنوب، وتداعيات الحرب على غزة علينا، والنزوح السوري، فلا أعتقد أن ثمة انقساماً بين اللبنانيين بل نرى إجماعاً حول الهموم الداهمة. مصير أموال المودعين – الانهيار المالي – الكهرباء – المياه – الطبابة – كلفة المستشفيات – البطالة – الهجرة (خصوصاً الكفاءات ) – السكن – التعليم – أقساط المدارس والجامعات – النقل – القطاع العام وواقعه – الثروة النفطية بعد توقيع اتفاق الحدود البحرية مع اسرائيل والنفط في البر.
أقول دائماً: هذه الهموم واحدة لماذا لا تكون الاهتمامات واحدة في مواجهتها ؟؟ ألا يستوجب هذا الأمر نقاشاً وحواراً داخلياً بين مختلف المكونات السياسية داخل مؤسسات الدولة وما بقي منها وخارجها ؟؟ فهل بالوصول الى الشلل التام يمكن ضمان قيامة البلد ؟؟ 
-    الشغور الرئاسي: قبل حصول الشغور الرئاسي والدخول في نفقه للأسف، بادرنا كجهة سياسية الى حوار مع فريق أساسي شريك في البلد للنقاش ومحاولة تجنّب تكرار الفراغ في هذه المرحلة. بعد إنتهاء ولاية الرئيس السابق، بادرنا مجدداً ولا نزال نبادر كزعامة وطنية عنوانها وليد جنبلاط، أو كرئاسة حزب ولقاء ديموقراطي ممثلاً بالنائب تيمور جنبلاط للخروج من هذا النفق المظلم حتى الآن. لقد استمر الفراغ سنة تقريباً قبل الحرب على غزة وكان ثقيلاً واستمر بعدها وازداد ثقلاً وضغطاً علينا ولا نزال مكاننا وسنقوم بتحرك جديد مواكب لحركة خارجية ولجنة خماسية ونتصرف بواقعية وانفتاح لكننا لسنا وحدنا. الوضع المحيط بنا خطير، التداعيات علينا كبيرة، ولا خيار أمامنا سوى الحوار. هذه مسؤولية وطنية فمن سيدير الدفة وكيف في ظل النظام الإقليمي الجديد المفتوحة مرحلة تكريسه الأخيرة على احتمالات خطيرة جداً واين سنكون نحن منه وفيه؟؟ 
وأضاف العريضي "فلنذهب الى تفاهمات توصل الى رئيس جديد وحكومة جديدة ونعيد بناء المؤسسات وتحضيرها لمواجهة التحديات المقبلة. هذا يتطلب إرادة وإدارة متكاملتين متلازمتين فلنسلك هذا الطريق بعيداً عن قراءات وتحليلات التمنيات والحسابات والرهانات الخاطئة  فلكل منا تمنياته وليس بالضرورة أن تتحقق في لحظة ينهار فيها البلد ويتهدّد خطر كبير الكيان برمته. فلنتواضع ولنضع معاً رؤية متكاملة تعبّر عن هذه الإرادة والإدارة ونحمي التنوّع في لبنان.
قال مفكر فرنسي منذ سنوات اسمه كلود لوفور: " إن الديموقراطية ليست فقط عدد الأصوات في صناديق الإقتراع إنما هي في حماية التنّوع وبناء دولة القانون " متطرقاً الى ما تعانيه أوروبا والى الفوضى التي تنتظرها، وقد دخلت فيها، وهذا القول ينطبق على لبنان، فكيف إذا كان لدينا قانون إنتخابي يمكن اعتباره الأسوأ في تاريخ القوانين، وينبغي إعادة النظر فيه !!".

وختم العريضي "الحضور الكريم يشرفني اليوم أن أقف بينكم ممثلاً الزعيم الوطني الكبير وليد جنبلاط الذي يُحيكم، وعلى أمل ان تقبلوا عدم تمكنه من الحضور مقدرين لكم جهودكم ودوركم، وعلى أمل ان يخرج هذه المؤتمر بنتائج مرجوة".