لم تغيّر مدينة صور برنامجها الصيفي، أو تعدّل توقيت افتتاح موسمها السياحي بسبب الحرب على الحدود الجنوبية منذ 8 أشهر، حيث أعلنت بلديتها افتتاح الخيم البحرية على شاطئ محمية صور السياحية، والبالغ عددها 49 خيمة، إضافة إلى افتتاح المحميّة البيئية التي تمتدّ حتى حدود المنصوري التي تتعرّض بين الفينة والأخرى لغارات واستهدافات إسرائيليّة. صحيح أنّ وزارة السياحة لم تدرج صور لهذا العام ضمن الخارطة السياحية، باعتبارها تقع ضمن مناطق الاعتداء، غير أنّ المدينة قرّرت أن تعيش السياحة ولو بشكلها المحدود.
لا توقعات واضحة حول حجم الإقبال السياحي لهذا العام، غير أنه وفق تقدير مدير محمية صور البيئية الدكتور علي بدر الدين، فإنّ «بداية الموسم مقبولة، لا نتوقع الكثير، ولكن افتتاحنا الموسم، بحدّ ذاته يعدّ تحدّياً للحرب وللعدو في آن».
لا تبعد صور كثيراً عن المناطق الساخنة، يرى سكّانها الغارات التي تستهدف الناقورة والجبيّن وطيرحرفا وتطال المنصوري وغيرها، ومع ذلك «قرّر عدد كبير من أهلها تمضية عطلة نهاية الأسبوع عند شاطئ صور، الأطول والأجمل والأنظف في لبنان» وَفْقاً لتعبير بدر الدين.
تُعدّ محمية صور البحرية أحد أكثر الأماكن جاذبية للسياح، إذ شهدت إقبالاً غير مسبوق العام الماضي، وغصّت فنادق صور ومطاعمها وشاليهاتها بالسيّاح الأجانب، والمغتربين ممن تعتمد عليهم المدينة، لكن قد لا يكون الموسم مماثلاً للمواسم السابقة هذه السنة، غير أنه لن يكون سيئاً بحسب بدر الدين، بل «نجده مختلفاً، بسبب الظروف المحيطة به، فالحرب لن تثنينا عن مواصلة الحياة، ولن تمنعنا من إطلاق السياحة الصُورية».
عادة ما تستقبل محمية صور البيئية الوفود الأجنبية والمغتربين وأبناء القرى للتعرّف على الحياة البحرية وحيواناتها، ويعدّ شاطئ المحمية موئلاً مهماً لتعشيش السلاحف البحرية، التي بدأت موسمها في المحمية الزراعية التي تمتدّ حتى حدود المنصوري، على مقربة من مخيّم الرشيدية.
كان صوت الغارة التي استهدفت درّاجة نارية قرب مقرّ القوات الدولية مسموعاً عند الشاطئ حيث تجمّع عشرات المواطنين للاستمتاع بنهاية الأسبوع. لم يبالِ أحد بالخطر المتأتي من الغارة، أكمل الجميع السباحة، أو اللعب بالطابة والاستجمام، أو التقاط صور للغارة، وكأنّ شيئاً لم يكن، لأنه وفق بدر الدين «الناس اعتادوا الغارات، ويريدون أن يعيشوا ويكملوا حياتهم».
لا يخفي صاحب إحدى الخيم البحرية عند شاطئ صور غالب صفي الدين، تأثير الوضع الأمني على الموسم السياحي، ويقرّ بأنّ الموسم لن يكون جيداً كالسنة الماضية، ولكنه يؤكّد أنه «بمجرّد إعلان افتتاح الموسم، هو تحدّ للظرف الأمني الذي نعيشه». يقتصر حضور روّاد الشاطئ على أبناء المنطقة، ويشير صفي الدين إلى أنّ «الغريب لن يقصد صور في ظلّ الحرب، غير أننا نعوّل على عودته قريباً، وأن يكون الموسم أكثر من جيد، لأنّ صور وأهلها يعتمدون على الموسم السياحي كركن اقتصاديّ أساسيّ».
لا يختلف اثنان على أنّ تأثير الحرب كبير حتى على القطاع السياحي الذي تعطّل في قرى الحدود، فيما يواجه تحدياً كبيراً في قرى الخط الثاني، وإصراراً من قبل أصحاب المؤسسات السياحية على تحدي الحرب حتى لو بزائرٍ واحدٍ وفق صفي الدين. يعتمد أصحاب الخيم على السيّاح والمغتربين، حتى الساعة لم يظهر بعد إن كانوا سيحضرون وسط تحذيرات الدول الأجنبية لرعاياها بعدم زيارة الجنوب، في حين أنّ المغترب اللبناني لم يحدّد بعد توقيت زيارته لبنان.