لودريان في بيروت... هل من مفاجآت؟

25 أيار 2024 15:49:38

يعود المندوب الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان الأسبوع المُقبل في إطار مواصلة حراكه المُتصّل بالملفّ الرئاسي، وبعد بيان اللجنة الخماسيّة والذي حدّد سقفاً زمنياً لتحرّكها. تأتي هذه الزيارة لتضع النقاط على الحروف، إلّا أنّها لن تُفضي إلى نتائج ملموسة لا سيّما في ظلّ الأوضاع الاقليمية المتفجرة، فهل يُمكن أنْ تُسفر الزيارة عن مفاجآت؟ وما هي أبرز النقاط التي سترتكز عليها المُحادثات؟

المستشار القانوني في المفوضيّة الأوروبيّة والمحلّل د. محي الدين شحيمي، يُوضح أنّه "منذ أربعة أشهر تقريباً والخماسيّة تعمل بطريقة مختلفة، أكثر تناغماً من السابق، الأمر الذي يعكس الفرق ما بين الفترات السابقة والفترة الحالية. إذْ في الماضي كانت المبادرات فرديّة نوعاً، أما تحرّكات الخماسية اليوم فجماعيّة. حتى على مستوى التعاون الدولي، نلحظ تنسيقاً جديداً بما يخصّ مساعدة لبنان وإنتشاله من أزمته السياسيّة والاقتصادية، بعد أن كانت هناك نوع من حرب باردة فرنسية-أميركية تدور فوق الأفق اللبناني".

هذه التطوّرات، يعتبرها شحيمي خلال حديث مع جريدة "الأنباء" الإلكترونيّة أنّها "تعكس إنسجاماً في الخطوات التي نراها على الساحة المحليّة ما بين إجتماع السفراء الخمسة وبالنسبة إلى التنسيق الدولي- العربي، لا سيّما مع المملكة العربيّة السعوديّة، هذا إلى جانب الوجود المصري الذي يُعدّ بمثابة وسيطاً يتولّى نبض مجريّات وقائع الكواليس، من دون أن ننسى الوساطة القطريّة والتي دائماً ما تكون إيجابيّة".

ويُضيف "بناءً على ما تقدّم من مُستجدّات، تُضاف إليها التطورات التي باتت مُثيرة للقلق في الداخل اللبناني، منها إنخفاض معياريّة الإستقرار الإجتماعي نتيجة العديد من الملفّات على رأسها الوجود السوري، إلى جانب ما يُسمّى بقواعد الإشتباك غير الضامنة وغير الموثوقة أو المُنضبطة جغرافيّاً".

"كل هذه الوقائع  إنعكست على الحراك الدولي فإختلفت مُقاربته للملفّ اللبناني الأمر الذي إستوجب تحرّكاً أكبر في لبنان لأنّ إستقراره ما زال أولويّة دوليّة بغض النظر عن وجود أزمات كبرى حول العالم أصعب وأشرس من الأزمة اللبنانيّة"، وفق ما يلفت شحيمي.
مِن هنا يشير شحيمي إلى أنّ "زيارة المبعوث الفرنسي مُدرجة سابقاً. إذ مند تسلّمه مهمته، زيارة لودريان إلى لبنان دائماً مُدرجة على برنامج عمله، لكن القيام بهذه الزيارات تحدّده الظروف. بغض النظر عن تواريخ الزيارة، المهم فيها أنّ هدفها الأساسي تحفيز الخطوات التي سبق للودريان أنْ أثارها والتي لا زال المجتمع الدولي والدول الخماسيّة تعمل عليها، وفي طليعتها الخيار الثالث أيّ التركيز على الموضوع الرئاسي من دون تداخل الملفات، وأن يتمّ التشاور الرئاسي من دون إعتماد لغة الحوار الكلاسيكي الذي أدخل البلد في متاهة الجدال، خصوصاً وأنّ هذا الإستحقاق لا يتطلّب حواراً بإعتراف الخماسيّة".

أما النقطة الثانية البارزة في الزيارة حسب شحيمي "فليست الإمساك الفرنسي بالملفّ الرئاسي اللبناني فقط، بل نوع من الحرص الفرنسي على عدم التخلّي عن لبنان بكل ظروفه. وما زال الملفّ اللبناني في يد الإليزيه أي عملياً الرئيس إيمانويل ماكرون، ما يعني أنّه من صلاحيّة لودريان بتعاون وتنسيق مع الخارجيّة".

لذلك، يخلص بأنّ "زيارة المبعوث الفرنسي لا تأتي خارج إطار الخماسيّة بل معها وكأنّه المنظم لعملها، خصوصاً أنّ بعض الأمور التي نراها من المبادرات القائمة ما زالت ضمن النقاط التي حدّدها لودريان، والتي كرّسها بيان الدوحة في إجتماع الخماسية. هذه تأتي تحت مظلّة البيان الثلاثي، أيّ إنتخاب رئيس مقبول من مختلف الأطراف بتسميّة وتوافق الأطراف اللبنانيّة، يكون له علاقات جيدة مع الدول العربية ومقبول من المجتمع الدولي كي تتوفّر له مروحة إقلاع ثابتة في حلّ الأزمة اللبنانيّة".

ويختم شحيمي حديثه، مُعتبراً أنّه "شكلياً الزيارة لا تختلف عن الزيّارات السابقة. إنما في العمق تحديدها يأتي في إطار التشديد على أنّ الأزمة في لبنان رئاسية، مع التأكيد على ضرورة فصل الملف الرئاسي عن أي ملف آخر. الحراك إيجابي، لكن رغم الإيجابيّات يبقى الأفق الرئاسي ضبابياً، بحيث لا مؤشرات بنتائج سريعة لحلّ الأزمة، فالظروف المطلوبة لم تنضج بعد، غير أنّ الطريق مفتوح والأمل بحصول خرق ونضوجها أكثر موجود، خصوصاً في ظلّ التقاربات والتنسيق الدولي".