تهديد اللائحة الرمادية... والمسار الإصلاحي "مكانك راوح"
23 مايو 2024
16:13
Article Content
يواجه لبنان تهديداً كبيراً بوضعه على اللائحة الرمادية في تشرين الأول المقبل بسبب تزايد اقتصاد "الكاش" وفقدان الثقة في المصارف اللبنانية بعد الأزمة الاقتصادية. يؤدي هذا الوضع إلى زيادة خطر تبييض الأموال وتحركات الأموال المشبوهة. وبالرغم من المحاولات لتجنب هذا المصير عبر إجراءات احترازية تشمل تشجيع تسديد الضرائب بالبطاقات المصرفية. إلا أن هذه الجهود لن تكون فعّالة دون إصلاحات اقتصادية تشمل مكافحة التهرب الضريبي ومنع التهريب عبر الحدود.
وفي هذا الإطار تعمل جهات عدة لتعزيز ضرورة الالتزام بالضرائب، إذ إن باعتبار البعض أن أحد أهم الأسباب لهذا التهرب يعود لطريقة الحوكمة في لبنان وانعدان الثقك، إذ يقول كريم الضاهر، رئيس لجنة السياسات الضريبية والمالية في ALDIC أن "المالية العامة بصلبها تنقسم إلى شقين وهي الإيرادات والنفاقات، وعمل البعض على إبطال أي تدابير إصلاحية لتطوير النظام الضرائبي في لبنان فإن مفهوم ضرورة عدم وجود ضرائب هو مفهوم خاطىء ويسبب انهيار للدولة ومؤسساتها كما يحصل في لبنان حالياً إلى ذلك فهي أيضا تؤدي لغياب الخدمات الأساسية كالطبابة والتعليم وغيرها".
وقال الضاهر لجريدة "الأنباء" الإلكترونية أن الموازنة الحالية تفتقد للشفافية والمصداقية لأنها لا تعرض أولويات الإنفاق ولا المستحقات أو العجز الذي يمكن أن تترتّب على الدولة اللبنانية إنفاقها، لا أمام الرأي العام ولا أمام ممثلي الشعب في المجلس النيابي.
ويضيف أن الموازنة فيها العديد من الثغرات إلا أن "العمل التشريعي اليوم هو ضرورة قصوى بحيث يعطي الشرعية والدعم لأي تحرّك إصلاحي ممكن أن يتم القيام به، بعيدا عن الترقيع الذي اعتدنا عليه في ممارسات الدولة، الإصلاحات المطلوبة اليوم هو إصلاح متكامل ينصهر مع بعضه البعض وخلق منهجية جديدة تتكامل مع المعايير الدولية، من خلال حوكمة رشيدة وتعاطي جديد مع المشاكل الموجودة ومتابعة ومحاسبة دائمة كي نستطيع الوصول إلى الهدف الأساس، لذلك فإن العمل التشريعي يدعم آلية المحاسبة التي يجب اعتمادها وكشف المرتكبين بطريقة أسهل من خلال تحديد المسؤوليات والسماح بأن يكون هناك ارتكاز على بند قانوني".
وفي السياق ذاته، يقول اسكندر البستاني خبير إدارة المالية العامة، لجريدة "الأنباء" أن المسار الإصلاحي في لبنان يصطدم بتحديات عديدة منها مشاكل هيكلية، وذلك يتطلّب عدّة مسارات إصلاحيّة منها وضع إطار عام لإدارة الاستثمارات العامة، ويعتبر أيضا أن "غياب إطار الحوكمة الواضح في الدولة يجعل لبنان يخسر الكثير من الاستثمارات الأجنبية التي يمكن أن تأتي من الخارج لا سيّما المساعدات الدولية مثل سيدر وغيرها، لأن هناك نسبة تقارب الـ40? ستكون بمثابة هدر لهذه الإستثمارات نظرا للمشاكل الهيكلية التي تعاني منها الدولة اللبناني، بالإضافة إلى ضرورة البدء بإدارة البيانات بطريقة جدية ومتطوّرة لنكون قد بدأنا بمسار واضح، هذا غير المسار الإصلاحي المالي العام الضروري".
في الختام، يبدو أننا أمام مسار طويل لم يبدأ بعد العمل به، وفي صلبه يأتي تطوير النظام الضريبي في لبنان لتحقيق العدالة الضريبية عبر اعتماد نظام تصاعدي يعزز التوازن بين الضرائب المباشرة وغير المباشرة وبناء نظام أكثر إنصافًا، ولا شك أن هذه الخطوات تعزز الانفتاح على الاستثمار الخارجية التي، بلا شك، يحتاحها لبنان للنهوض بشكلٍ فعال.