باتت وسائل التواصل الاجتماعي إحدى الأدوات الأكثر إعتماداً في تنفيذ الجريمة المنظمة التي تهدد الأمن المجتمعي. وإستغلال هذه الوسائل من قبل شبكات الإتجار بالأشخاص، حوّلتها من منفس للتواصل والتشبيك الى مكان خطر على مختلف الفئات العمرية، وتحديداً الفئات العمرية الصغيرة وإغتصابهم وتوريطهم في تعاطي المخدرات وترويجها، وآخرها الكشف عن عصابة "التيك توكرز".
هذا الفضاء الإلكتروني الواسع أضحى ضيقاً في الأمان، ما يدفع الى البحث عن تدابير وإجراءات تحفظ سلامة الأطفال والمراهقين. رئيسة "جمعية نضال لأجل الإنسان" ريما صليبا كشفت أن "الجمعية بصدد تقديم إقتراح قانون في أقرب وقت ممكن، لوضع ضوابط لإستعمال هذه التطبيقات للمستخدمين دون 18 سنة، ليكون هناك رادع ورقابة لمحاولة تقليص حصول هذه الجرائم بحق الأطفال والمراهقين".
وأكدت صليبا أن "هؤلاء الأطفال تعرضوا لكمّ وأنواع مختلفة من العنف والأذى وإنتهاك حق الحماية والإبتزاز والتهديد والتحرش والإغتصاب والضرب والأذى الجسدي والإجبار على تناول المخدرات والتخدير والإرغام على ممارسة الجنس وبالإضافة الى أن تسليع الأطفال الذي يعتبر عنفاً، وكل ذلك هو إنتهاك فاضح لإتفاقية حقوق الطفل وبالتحديد المادة 19 والحق بالحماية"، مشددةً على "وجوب متابعة الأطفال نفسياً بصورة متتابعة وجدية".
وتضيف: "إن تصوير الضحايا الأطفال وهم يغتصَبون والمتاجرة بالأفلام المصوّرة بغية الحصول على المال، هو دليل على أن العصابة منظمة ويجب الوصول الى العناصر الاساسية التي تموّل وتدعم وتحمي هذه الافعال المشينة".
وتحذر صليبا من السماح بأي تدخلات سياسية أو دينية في مسار القضية وطي الملف لأن ما حصل خطير، وطال المجتمع بأسره وكان له تداعيات على الناس العاديين، والصدمة التي أصابت الرأي العام إثر كمية العنف الذي تعرّض له الأطفال على فترة زمنية ليست قليلة بحسب ما بيّنه التحقيق.
وحول التعاطي الرسمي مع هذه الجريمة، فترى "أن الأجهزة الأمنية تعاطت معه بجدية قصوى"، مشددة على "أنه ليس بكافٍ وعلى القضاء الضرب بيد من حديد، وإنزال أشد العقوبات بحق المرتكبين والضغط نحو ذلك لأنه الأساس بإعتباره خطوة رادعة ومطلوبة".
هذا ويتم القبض على المتهمين تباعاً، ومع توسع التحقيق يتبيّن الإمتداد الجغرافي للشبكة بين لبنان وسوريا وتركيا، من هنا تحث صليبا على وجوب التحرك على صعيد الأمم المتحدة، إذ تعتزم الجمعية التقدم برسالة الى لجنة حقوق الطفل في الأمم المتحدة إنطلاقا من دورها الرقابي في رصد الإنتهاكات الخاصة بإستغلال الأطفال".
وتسأل صليبا عن دور الأهل الأساسي بمتابعة وحماية أولادهم والتواصل معهم ومراقبتهم لمعرفة كل تغيرات جسدية أو نفسية او إشارات لأنها تحمل دلالات على ما يحصل معهم؟ مضيفةً: "ما يثير الشك أن بعض الأهل لم يمنعوا أطفالهم حتى الآن من استخدام التيكتوك وكأن شيئاً لم يحصل، فيما كل أطفال لبنان ليسوا بمنأى عن ما تعرّض له هؤلاء الأطفال من وحشية وعنف متنوع ومتعدد.
الإبتزاز والتحرش الجنسي على وسائل التواصل الاجتماعي لا يطال فقط الأطفال، والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي تتلقى شكاوى يومياً، سيما أن التوعية حول الجرائم الإلكترونية والوقاية من الجريمة المعلوماتية بإستهداف مختلف الشرائح العمرية مسألة ضرورية، بدءاً بالمنزل ومروراً بالمدرسة ووصولا الى المراجع الرسمية. كما أن التبليغ عنها عند حصولها لدى الجهات المختصة التي تمتلك التقنيات لكشف مرتكبيها يسهم في الوصول إلى الشخص المبلغ عنه وحماية المجتمع منه.