استنتج الكاتب والمحلل السياسي منير الربيع "أن هناك حرباً عالمية ثالثة تدور بالتقسيط، ولربما قد حان الوقت لأوروبا والولايات المتحدة وكندا واستراليا، الإعتراف بهكذا حرب، والعمل وفق هكذا الاعتراف.
كلام الربيع جاء خلال ندوة سياسية حاضر فيها بدعوة من مكتب البقاع الغربي في منظمة الشباب التقدمي ضمن فعاليات معرض كتاب البقاع الغربي الذي أقيم في فندق ومنتجع الخريزات السياحي في خربة قنفار، حضرها عضو مجلس قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي مروى ابي فراج، وكيل داخلية البقاع الغربي كمال حندوس، وكيل داخلية البقاع الجنوبي عارف أبو منصور، والوكيل السابق نواف ،مسؤول المناطق في منظمة الشباب التقدمي حمد سليم، مسؤول الخارجية جاد فياض ومسؤولة الثانويات والمعاهد ميرا زين الدين، وأعضاء الوكالة ومعتمدون ومدراء فروع حزبية وخلايا المنظمة وفعاليات.
قدم الندوة أمين سر مكتب البقاع الغربي طاهر عزام مرحباً بالضيف المحاضر، وتحدث عن أهمية الكتاب في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، مشدداً على ثقافة الكتاب والعودة الى إرث الشهيد كمال جنبلاط ونتاجه الثقافي والفكري.
ثم تحدث الربيع فقال:" لن أسرد التاريخ السياسي للبنان، فأنتم لديكم الإطلاع عليه. مع ذلك، يمكنكم أخذ أي مرحلة من هذا التاريخ على امتداد خمسين سنة لتجدوا أننا نكررها بشكل دائم وإن بأشكال أو سياقات مختلفة، واليوم تتكرر مثل هذه الأحداث. إذ إن لبنان يواجه المأزق ذاته منذ الإستقلال. فحوى هذا المأزق هو ربط البلد بالإضطراب الدائم في الشرق الأوسط، من دون حسبان الكلفة والمخاطر، وهذا الربط دافعه الأول في كل مرة، محاولة طائفة أخذ الغلبة لها على حساب الآخرين. هذا ما يجعل النظام السياسي اللبناني غير مستقر ومعرّض دائماً للاهتزاز أو الإنهيار أو التعطل الكامل. اليوم، بكل بساطة ووضوح، الدستور مركون جانباً.
وتابع:" الإستحقاقات معطلة لا سيما انتخاب رئيس الجمهورية، وتغييب الرئيس بما يعنيه من ازاحة المسيحيين عن صياغة القرار الوطني، ومحاصرة الحكومة وتقييدها، وضمناً ازاحة الطائفة السنية عن صياغة القرار الوطني. هذا يؤدي بنا الى تشخيص مخيف وغير مستحب. اذ هناك طائفة، وهي الطائفة الشيعية، التي ربطت لبنان بما يسمى محور المقاومة بغرض داخلي أيضاً، وهو تحصيل الغلبة على الطوائف الأخرى.
وأضاف الربيع " خصوصية هذا الأمر عند الشيعة انه أقرب الى الإنتقام مما يسمونه الغبن والحرمان التاريخي. المشكلة في هذه العقلية الإنتقامية أنها لا تقدم مشروعاً قابلاً للحياة ومرضياً للجماعات الأخرى، وليس مغرياً لأي طائفة كي تقبل به. فمثلاً في زمن الغلبة المارونية كان هناك صيغة مغرية للبنان يتطلع نحو الحداثة والتنمية والتطوير والعلم والإنفتاح والإقتصاد الحر ولعب دور ريادي في العالم العربي. فيما لا يوجد ما يقابل هذا المشروع لدى الطائفة الشيعية التي تمتلك الغلبة، والتي تعتبر أن قوتها ترتكز على ضعف الدولة وكل مرتكزاتها ومقوماتها.
قال:" معضلة أخرى يواجهها لبنان اليوم وهي قد تكون أصعب مما حدث عام 1969، حين خرج اللاجؤون الفلسطينيون من مخيماتهم ليقرروا هم مصير لبنان، ودوره وسياسته. اليوم هناك ما يناهز المليون ونصف المليون لاجئ سوري يشكلون تقويض ضخم للتوازنات الديمغرافية الهشة وللهوية الإجتماعية الثقافية، لهذا البلد. وهذا ما لا يفهمه بعمق الكثير من الدول، ولا سيما الدول الأوروبية. فلنتخيل أن أي بلد أوروبي قد أصبح فيه اللاجؤون في فترة زمنية قصيرة، ثلث عدد السكان. هذه المعضلة قد تتحول من مشكلة انسانية-اقتصادية الى مشكلة أكبر سياسياً وعسكرياً وهوياتياً لجهة تعيين ما الذي بقي من لبنان، خصوصاً أن الحدود أصبحت سائبة، والإقتصاد الأسود هو الأوسع من الإقتصاد الفعلي في كل القطاعات. وليس من المعروف بأي طرق خبيثة سيستغل النظام السوري هذه المعضلة مستقبلاً، فهو من الواضح أنه يبتز الجميع في ملف اللاجئين لإعادة تعويم نفسه وكسب دور سياسي، في مقابل تهجير هؤلاء الناس لتغيير التوازنات الديمغرافية في سوريا واحتفاظه بتوازن متجانس في سوريا المفيدة التي يريدها.
وأردف"المشكلة الأخرى التي تهدد البلد أن كل النظام الإقتصادي وقطاعاته، إن في الزراعة، او الصناعة، او التجارة، أو السياحة، او المصارف أو الخدمات، انهارت على نحو يصعب ترميمه أو اصلاحه. وبذلك نحن أمام مجتمع بلا دولة فعلية، يشهد حرب أهلية باردة، باقتصاد مدمر، بفيضان من اللاجئين، وفيضان من السلاح الذي يشكل فائض قوة لطرف على الآخرين، وإنهيار كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها، ما سيشكل دولة فاشلة فوضوية تضاف الى قائمة الدول التي تشهد انهياراً مماثلاً، كما هو الحال اليوم في السودان، سوريا، وأفريقيا.
وتابع " هناك أمر مستجد عالمياً في ظاهرة هذه الدول التي بتنا نتعود عليها متكلين على نظام عالمي للإغاثة والدعم ومساعدات منع المجاعات، وهذا المتبع في لبنان منذ الإنهيار وتفجير المرفأ ويستمر الى اليوم، تماماً كما الوضع في غزة، وهذا يشكل تحدياً للمجتمع الدولي والمجتمع الغربي خصوصاً بوصفه الجدير بقيادة العالم وحل النزاعات وحماية حقوق الشعوب واستقرارها وضمان تطور الإقتصاد العالمي الذي لا بد من أن ينعكس اجتماعياً. وذلك في إطار مواجهة النموذج الذي يسمى بالنموذج الشرقي الذي لا يقدم أي فكرة أو ثقافة، إلا أنه يعمل وفق آليات "الإمبريالية الإستعمارية، ولكن المبنية على مواجهة الغرب."
وختم الربيع قد نتطرق في الإستنتاج للقول إن هناك حرباً عالمية ثالثة تدور بالتقسيط، ولربما قد حان الوقت لأوروبا والولايات المتحدة وكندا واستراليا، الإعتراف بهكذا حرب، والعمل وفق هكذا اعتراف.
وجرى حوار بين الربيع وعدد من الحضور، حيث تناولت تلك المداخلات حرب غزة والجنوب ومفاعيلها وتداعياتها، اضافة الى قضية سقوط الطائرة الايرانية ومقتل رئيس الجمهورية الإيرانية ووزير خارجيتها وطاقمها وانعكاسات هذا الامر على صورة المنطقة وواقعها المستجد، اضافة الى صورة المنطقة والحروب الدائرة ومنها الحرب الروسية الاوكرانية.
ثم وقع الربيع كتابه الموسوم بعنوان " العرب في قطار النظام العالمي خرائط مهددة أم عولمة متجددة؟
ثمّ سلّمت عضو مجلس القيادة مروى أبي فرّاج ومكتب البقاع الغربي في منظمة الشباب التقدمي منير الربيع درعاً تكريمياً.