Advertise here

2019 يرث ملفات اقليمية ودولية ساخنة

02 كانون الثاني 2019 14:51:00 - آخر تحديث: 02 كانون الثاني 2019 17:48:41

في الوقت الذي لملم العام 2018 أوراقه ورحل، تتضارب الأحاسيس والتمنيات بين آلام عاشها الناس خلاله، وآمال يتطلعون من خلالها للعام الجديد 2019، عله يعوض عليهم شيئاً مما خسروه، على العديد من المستويات شخصية واجتماعية وسياسية.

ولعل أبرز الأحداث التي شكلت دول العالم العربي مسرحاً لها، انتقلت إلى العام 2019، لتستمر بمآسيها التي عصفت بسوريا واليمن وليبيا وتونس، والسودان، مروراً بمصر وقطر ولبنان، في حين شهدت القضية المركزية الفلسطينية تطوراً سلبياً لم يخلُ من الإيجابيات.

ومنها تنفيذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التزاماته التي قطعها على نفسه أمام مقترعي حملته الانتخابية، التي أوصلته إلى البيت الأبيض قبل عامين من الآن، والتي تمثلت بنقل سفارة بلاده في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس الغربية، بعد اعترافه في العام 2017 بالقدس عاصمة موحدة للدولة العبرية، وهو التطور الذي أدى فيما بعد إلى أعمال عنف أسفرت عن مقتل العشرات من الفلسطينيين الذين بدأوا في 30 آذار فعاليات "مسيرة العودة الكبرى" للمطالبة بحقهم في العودة إلى أرضهم.

أما في سوريا حيث نجحت روسيا وإيران وتركيا، في إطلاق مسار "آستانة" وإقامة مناطق خفض التوتر، وعقد المصالحات في بعض المناطق وإخراج المقاتلين إلى إدلب، التي تخضع لاتفاق خاص روسي – تركي، فيما تقلصت مساحة التمدد (الداعشي)، على حساب التمدد الإيراني، والروسي وقوى النظام، كما نجحت القوات الأميركية التي تستعد للرحيل بقرار مفاجئ من الرئيس الأميركي، من تعزيز قوة ومكانة الدور الكردي (قوات سوريا الديمقراطية) في شرق الفرات، حيث يستعد الجيش التركي للدخول إلى منبج بالاتفاق مع الإدارة الأميركية والتنسيق مع القوات الروسية في سوريا.

في المقابل وحيث انهى المبعوث الدولي دي مستورا مهامه في سوريا عاجزاً عن تشكيل لجنة صياغة الدستور كمدخل للحل السياسي وفق مقررات الأمم المتحدة، حطت طائرة الرئيس السوداني عمر البشير في مطار دمشق، حيث حظي بحفاوة الاستقبال، ليزيد الحديث عن اتجاه لدى عدد من الدول الخليجية إعادة فتح سفاراتها في دمشق، والسعي لإعادة سوريا للجامعة العربية.

وفيما تستمر محاولات ردم الهوة بين الليبيين، حملت نهاية 2018 أخباراً مبشرة باحتمال إحداث اختراق سياسي لإنهاء الحرب الدائرة في اليمن، والتي أودت بحياة الآلاف من المدنيين، ، فبعد محادثات مكثفة برعاية الأمم المتحدة في ستوكهولم، توصل الحوثيون والقوات الحكومية اليمنية المدعومة من قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، إلى اتفاق هدنة في مدينة الحديدة في 13 كانون الأول.

أما في العراق ولبنان حيث جرت في البلدين خلال شهر أيار انتخابات برلمانية، بعد تحرير أراضي البلدين من تنظيم (داعش)، لم تنجح الدولتين في إنهاء الانقسام الذي يضربهما نتيجة التدخل الإيراني المباشر في قضاياهما السياسية ولم تنجح الدولتان الشقيقتان من تشكيل حكومتيهما، ولا في تسيير شؤون الدولة حيث يرزح البلدان كل على طريقته تحت أزمات سياسية واقتصادية ومعيشية خانقة.

وفيما رحّل العام 2018 الأزمة الخليجية التي بدأت في حزيران من العام 2017، إلى العام 2019، والتي بدأت بقرار من السعودية والإمارات العربية والبحرين ومصر، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، ومقاطعتها سياسياً واقتصادياً، إلا أن أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تلقى قبل نهاية العام الراحل، دعوة للمشاركة في قمة مجلس التعاون الخليجي التي انعقدت في الرياض، وكانت المملكة العربية السعودية قد شهدت خلال العام الحالي عدداً من الإصلاحات السياسية والاقتصادية، وتغيرات حكومية، ومنحت النساء في الرابع من حزيران الفائت، الحق في قيادة السيارات، وهو حق ناضلن من أجله لسنوات طويلة.

أما في الجزائر التي تستعد لإجراء انتخابات رئاسية في نيسان 2019، فإن نهاية العام 2018 شهدت إقالة العديد من كبار ضباط الجيش الممسك بالسلطة منذ انقلاب الرئيس هواري بومدين على الرئيس أحمد بن بلة في ستينيات القرن الماضي، تشهد الساحة الجزائرية حركة غليان شعبية وسط أزمة اقتصادية وسياسية لم تشهدها البلاد من قبل، وسط الحديث عن محاولة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ترشيح نفسه لولاية جديدة، في الوقت الذي تتواصل فيه صحته بالتدهور.

بتاريخ الخامس والعشرين من أيلول من العام 2018، ومن على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، قدم الرئيس الأميركي دونالد ترامب رؤيته الشاملة للسياسة الدولية، واستهل كلمته بالقول "لقد وفرنا تمويلاً قياسيا لجيشنا 700 مليار دولار هذا العام، و716 مليار دولار في العام المقبل - أي في العام 2019- وسوف يكون جيشنا أقوى مما كان عليه في أي وقت مضى، دون أن يحدد أين وكيف سيستخدم هذه القوة، إلاَّ أن كلام الرئيس الأميركي كان بمثابة إعلان مرحلة جديدة من سباق التسلح، التي قابلتها موسكو بعرض لأحدث أنواع الأسلحة الروسية، في خطوة أراد من خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ليعلن أن بلاده بدأت تُطوّر أنواعاً جديدة من الأسلحة غير التقليدية، وأنه على استعداد لاستكمال بناء عمارة التوازن العسكري مع واشنطن.

خطاب الرئيس ترامب، كشف أيضاً عن حراك بلاده السياسي في منطقة الشرق الأوسط، فقال: "تعمل الولايات المتحدة مع دول مجلس التعاون الخليجي والأردن ومصر على تأسيس تحالف استراتيجي إقليمي حتى تتمكن دول الشرق الأوسط من تعزيز الرخاء والاستقرار والأمن في منطقتهم" متهماً "إيران بزرع الفوضى والموت والدمار، وعدم احترام جيرانها  أو حدودها، وأن قادتها ينهبون موارد البلاد لإثراء أنفسهم ونشر الفوضى في جميع أنحاء الشرق الأوسط وما وراءه".

وفيما يشكل قرار انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة النووية مع إيران، الأكثر إشكالية هذا العام حيث كشف التناقضات الكبيرة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فإن مؤشرات التصعيد الأميركي ضد إيران، والتي بدأت بعودة العقوبات الاقتصادية على طهران، يندرج ضمنها قرار الرئيس الأميركي سحب قوات بلاده العسكرية من سوريا، كخطوة يعتبرها البعض بانها ستترك أثراً سلبياً على التوازن الإقليمي في المنطقة، وتسرع الصدام العسكري ما بين القوى المتنازعة على سوريا (إيران وتركيا وروسيا وإسرائيل، والدول العربية التي بدأت تعود إلى سوريا)، وتفتح بات الصدام الواسع بين إيران وحلفائها من جهة والقوى الرافضة للتدخل الإيراني في شؤون المنطقة من جهة أخرى، وفي مقدمهم إسرائيل والمملكة العربية السعودية وحلفائها.

في المقلب الآخر من العالم حيث بدأت هدنة الحرب التجارية بين أميركا والصين، بعد أن تحدث الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والصيني شي جين ينغ عن تحقيق تقدم كبير وثابت، بين بلديهما خلال مكالمة هاتفية بينهما. وقال الرئيس ترامب في تغريدة على تويتر: "لقد أجريت لتوّي مكالمة طويلة وجيّدة جداً مع الرئيس الصيني، والاتفاق يسير على ما يرام. وفي حال التوصّل إلى اتفاق فسيكون شاملاً وسيغطي كل المسائل والمجالات ونقاط الخلاف. لقد تمّ إحراز تقدّم كبير"، بدورها، نقلت وكالة الصين الجديدة (شينخوا) عن شي قوله "إنّ الصين والولايات المتحدة تعملان على تنفيذ شروط الهدنة التجارية التي توصّلتا إليها في وقت سابق من الشهر الحالي. وأعرب عن أمله في "أن يلتقي الطرفان في منتصف الطريق ويتوّصلا إلى اتفاق يعود بالنفع على البلدين والعالم في أسرع وقت ممكن".

هدنة الحرب التجارية كان قد سبقها لقاء قمة بين الرئيس الأميركي ورئيس جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، في حزيران الفائت، بعد أن لعبت شبه الجزيرة الكورية على مدار السنوات الأخيرة دور "الفتى الشرير"، فقد نجح كيم في تحقيق ما لم يتمكن والده وجده من القيام به، في 12 يونيو في سنغافورة، التقى كيم بالرئيس الأمريكي وجهاً لوجه، وعشية رأس السنة الجديدة وجه كيم "رسالة مصالحة" إلى الرئيس الأميركي تتعلق بالمحادثات الأميركية- الكورية الشمالية المتوقفة.

وفيما تستمر حرب الرئيس الأميركي ضد الهجرة الشرعية وغير الشرعية، تقف أوروبا الغارقة في الأزمات، على أبواب عام جديد يهددها بالتفكك والعودة إلى النزاعات الداخلية، حيث دعا الرئيس الفرنسي عشية مئوية انتهاء الحرب العالمية الأولى إلى تشكيل جيش أوروبي يحمي أوروبا ويدافع عنها، بعد أن أعلن الرئيس الأميركي مرات عدة نيته وقف تمويل حلف شمال الأطلسي الذي يدافع عن أوروبا بتمويل أميركي، وفيما تحزم بريطانيا امتعتها للخروج من الاتحادالأوروبي، لم ينجح الرئيس الفرنسي في تقديم الحلول الاقتصادية لبلاده الثائرة ضد سياسة الضرائب التي أعلنها، تبدو الرئيسة الألمانية غير قادرة على تحقيق تحولات استراتيجية لبلادها، في ظل صعود نجم الأحزاب الشعبوية اليمينية في معظم القارة العجوز، الخائفة على مستقبلها نتيجة سياسة الرئيس الأميركي الانعزالية، وطموحات الرئيس الروسي التوسعية.

وهكذا تبدو الملفات العديدة تطرق أبواب العام الجديد، بعد أن حزم العام 2018 أمره ولملم أوراقه راحلاً، تاركاً الأحداث السلبية والإيجابية القليلة التي شهدتها المنطقة العربية والعالم أمام التمنيات والآمال كبيرة التي يعلقها المواطنون على العام الجديد القادم، محسنين الظن فيه وبالمستقبل، متمنين أن يحمل لهم الحلول لأزمات كثيرة، وأن ينهي الحروب الكبيرة والصغيرة، ويبشر بعهد جديد من الديمقراطية والطمأنينة، وبالبحبوحة الاقتصادية والرخاء الاجتماعي.