في خطابه الأخير ركّز الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله، على إعادة الاعتبار لملف النفط والغاز، وخصوصاً في الجنوب. يضع الحزب هذا الملف في سلّم أولوياته، خصوصاً عندما اعتبر نصرالله أنه لا يمكن القبول بمعادلة استخراج اسرائيل النفط والغاز من حقل كاريش، والعمل على تصديره، في مقابل استمرار الجمود على المقلب اللبناني. لا سيما أن تقرير المسح الذي يفترض أن تكون قد أعدّته شركة توتال لم يتم تسليمه للدولة اللبنانية. وهو أمر يضعه الحزب في خانة الأسباب السياسية، وممارسة الضغوط على لبنان، الذي لا يزال يتعرض لحصار اقتصادي.
منصات النفط والغاز
منذ اندلاع المواجهات بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي، تم تحييد الجانب البحري ومنصات الحفر أو الاستخراج. لم يلجأ الحزب إلى استهداف حقل كاريش أو المنصة العائمة. وهو يعلم أن أي استهداف من هذا النوع سيعني تطور المواجهات إلى حرب أوسع لا يريدها. في المقابل، يحرص الإسرائيليون على إبقاء تلك المنصات بمنأى عن أي تصعيد، ويسعون لتوفير كل مقومات الحماية لها، خصوصاً مع بدء الاستخراج. وهذا يكبدهم تكاليف كبيرة. بل ويشكل الحرص الإسرائيلي على استمرار عمل هذه المنصات، أحد أكبر عناصر الضغط الذي يمنع تل أبيب من توسيع نطاق الحرب على لبنان وضد الحزب.
بلا شك، حزب الله قادر في هذا المجال على إلحاق الأذية الكبرى بالإسرائيليين، بحال تطورت المواجهات وتوسعت إلى حرب. فهو في السابق وخلال مفاوضات الترسيم البحري أطلق مسيّرات ووجّه صواريخ باتجاه المنصة. ما اعتبره الحزب دافعاً لتغيير الموقف الإسرائيلي في المفاوضات التي وصلت إلى اتفاق في النهاية. هي ورقة قوة يتمسك بها الحزب، فيما تولت فصائل عراقية حليفة له إطلاق مسيّرات باتجاه الحقل أو المنصة العائمة قبل فترة، كرسالة أساسية بأن هذه الحقول التي تعتبرها اسرائيل استراتيجية هي بمرمى حلفاء الحزب وليس الحزب فقط. وذلك يشكل جانباً من الصراع على النفوذ في شرق البحر الأبيض المتوسط. أراد الحزب إيصال الرسالة عبر حلفائه وليس من قبله بشكل مباشر، كي لا يعطي أي ذريعة لإسرائيل أو للولايات المتحدة بأنه يستهدف ما يعتبره هؤلاء النقاط الاستراتيجية المتصلة بتوريد الغاز إلى أوروبا.
"تحرير" الثروة
عملياً، يستعد حزب الله في المرحلة المقبلة إلى رفع معادلة "تحرير" مصير الثروة النفطية اللبنانية، من خلال الضغط لإعادة تفعيل عمل شركات الحفر والتنقيب لاستخراج الغاز. وبذلك سيعود للتلويح بمعادلته السابقة، بأنه لا يمكن السكوت عن استخراج الغاز من كاريش فيما لبنان يتفرج والعمل متوقف في حقوله.
هذا الملف يشكل إحدى النقاط الأساسية من نقاط التفاوض حول تسوية الوضع في الجنوب ووقف المواجهات العسكرية. فحزب الله لن يوافق على الذهاب إلى التهدئة الميدانية من دون اتفاق على نقاط شاملة، لا تتصل بالواقع العسكري أو الميداني وبإعادة المهجرين على الجانبين إلى منازلهم فقط، إنما المطلوب هو تقديم تعهدات دولية بإعادة إعمار الجنوب، وتعزيز التنمية في المناطق التي تضررت، بالإضافة إلى إعادة إطلاق عمل الشركات في مجال النفط والغاز تمهيداً لاستخراجه.
هذا ما يعلم به المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، وقد تبلغه بشكل رسمي من المسؤولين اللبنانيين. وهو كان قد أثاره مع مسؤولي الشركات وبحث به مع الفرنسيين بالتحديد.