بصرف النظر عن اللغط الموزع بين «المسخرة الاسرائيلية» والغموض الايراني في ما خصَّ الردّ على ردّ إيران على استهداف القنصلية الايرانية في دمشق، فإن المشهد الاقليمي آخذ في البلورة، في ضوء تبدُّل الأولويات بين القوى الكبرى، عالمياً وفي الاقليم، في ما خص مجريات الحرب في غزة، وهي تقترب من نهاية شهرها السابع، بين تفاهم أميركي- اسرائيلي على إنهاك «حماس» ومنعها من تحقيق أي نصر، مهما كانت حجم عمليات القتل والتدمير بحق الفلسطينيين في القطاع وخارجه، وسعي دول «المحور» المدعوم من إيران إلى تكريس معادلة «القوة المقابلة»، بصرف النظر عن حجمها وتأثيرها على مجريات الصراع وآفاقه وتسوياته.
وفي السياق، تحتل المحادثات التي جرت في الأليزيه بين الرئيس ايمانويل ماكرون والرئيس نجيب ميقاتي، والتي انضم اليها قائد الجيش العماد جوزاف عون، من زاوية وضع اللمسات على تعديلات ممكنة للورقة الفرنسية الخاصة بتطبيق القرار 1701، وانعكاساته على الجبهة المحتدمة في الجنوب بين اسرائيل وحزب الله.
ولئن اثنى الوفد اللبناني، على الجهود الفرنسية الداعمة للإستقرار في لبنان، وتوفير ما يلزم لتمكين الجيش اللبناني من القيام بدوره في الجنوب والحفاظ على الأمن والاستقرار، فإنه في الوقت نفسه، اعتبر ان الحل يبدأ من الضغط على اسرائيل لوقف عدوانها على الجنوب ولبنان، مع الحرص اللبناني على الالتزام بالسعي لمنع توسع المجابهة من الجانب اللبناني.
واعتبر الرئيس ميقاتي ان المدخل لحل الأزمات في لبنان هو انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لاكتمال عقد المؤسسات الدستورية والبدء بتنفيذ الاصلاحات.
وفي المعلومات حول الرئاسة، ان الفرنسيين، ومعهم الجانب القطري يرون ان أحد الخيارات التحضير لمؤتمر حوار يعقد خارج لبنان على غرار مؤتمر الدوحة عام 2008.
وفي إطار الربط بين ما يجري في الجنوب وملف الرئاسة، نقل عن مقربين من الثنائي ان «الأميركيين أبلغوا اصدقاء لحزب الله استعداد واشنطن تسهيل الملف الرئاسي واعطاء الحزب الرئاسة ومكاسب حكومية، اذا اوقف التصعيد على الجبهة الجنوبية.
الأليزيه: مشهد مثير للإهتمام
وشهد قصر الأليزيه الفرنسي اجتماعاً غير مسبوق، حضره الى الرئيس ماكرون كل من الرئيس نجيب ميقاتي، قائد الجيش العماد جوزاف عون، ورئيس أركان الجيوش الفرنسية الجنرال تيري بوركهارد والموفد الرئاسي الفرنسي الى لبنان جان ايف لورديان الآتي لتوه من الولايات المتحدة الأميركية.. اضافة الى السفير هيرفيه ماغرو.
بدأ الاجتماع ثنائياً تخلله غداء عمل، واستغرق ثلاث ساعات، بعد انضمام الوفد العسكري اللبناني والفرنسي إليه.
البحث تركز حول الورقة الفرنسية لإنهاد الاشتباكات الدائرة في الجنوب، والملف الرئاسي، والمساعدات الفرنسية والغربية للجيش اللبناني..
واشار ماكرون ان التعديلات على الورقة الفرنسية تأخذ بالاعتبار المستجدات على واقع ما يجري في المنطقة.
وفي ما خص الملف الرئاسي، دعا ماكرون للاسفادة من الدعم الدولي والموقف الموحد للخماسية، مؤكداً ان فرنسا تدعم ما يتوافق عليه اللبنانيون، وليس لديها اي مرشح محدَّد، وأن هناك توافقاً فرنسياً أميركياً على مقاربة الحلول المقترحة.
وذكر الرئيس ميقاتي بالمخاوف التي تنتابه من استمرار العدوان الاسرائيلي، وملف النزوح السوري، والمخاطر المترتبة عليه، وطالب ماكرون بالعمل من اجل مناطق آمنة في سوريا وأن تأتي مساعدات الاتحاد الأوروبي الى السوريين على أرضهم.
وذكرت مصادر لبنانية ان اجتماع العماد عون مع قائدي الجيش الفرنسي والايطالي كان ايجابيا وجاء استكمالا لاجتماع روما الذي قدم خلاله العماد عون دراسة عن حاجات الجيش ووضعه وحاجاته لوجيستيا وماديا، في ضوء التحديات التي يواجهها. ومنذ ذلك الحين، درس قائدا الجيش الفرنسي والايطالي عرض العماد عون الشامل، واستوضحا بعض النقاط لتحديد الخطوات الواجبة للمساعدة في اطار خطة معينة، خاصة في ما يتصل بالوضع في الجنوب، وحاجيات الجيش والتطويع، وغيره. واشارت الى ان سيتم تشكيل لجنة مشتركة من كل الاطراف المجتمعة، لدرس الحاجات وكيفية تأمين الدعم والتمويل اللازمين. كل ذلك لا بد ان يسبقه قرار سياسي ووقف إطلاق نار على ان يواكب سياسيا على مختلف المستويات.
محلياً، أوضحت أوساط نيابية معارضة لـ«اللواء» أن الإصرار على الحوار من قبل قوى الممانعة لانتخاب رئيس الجمهورية مرفوض انطلاقا من مبدأ أساسي وهو التمسك بجلسة الانتخاب، إذ ليس منطقيا أن يجر الحوار جلسات من دون نتيجة، في حين أن انعقاد جلسات انتخاب متتالية يبقى في أولويات المطالبات.
وقالت هذه الأوساط أن الثنائي الشيعي لا يزال على تمسكه بترشيح النائب السابق سليمان فرنجية، والايام المقبلة تظهر ذلك، وبالتالي فإن جهد اللجنة الخماسية في إيجاد قواسم مشتركة قد ينسف من قبل قوى الممانعة.
إلى ذلك افيد أن اللجنة الخماسية تتحضر للخطوة المقبلة لجهة تقييم خلاصة جولاتها ولقاءاتها والانتقال إلى نشاط جديد.
نواب المعارضة في واشنطن
وفي واشنطن، يتابع وفد نواب قوى المعارضة (31 نائبا) لقاءاته في العاصمة الأميركية. وقد استهل لقاءاته باجتماع في الكونغرس مع ممثلين عن لجنة الصداقة اللبنانية- الأميركية والتي باتت تضم 36 نائباً..
كما عقد النواب لقاء موسعاً مع النادي اللبناني في البنك الدولي ومؤسسة النقد وأكاديميين لبنانيين في واشنطن. كما التقى مسؤولي الشرق الاوسط ولبنان في الخارجية الاميركية.