تحت وطأة الإنكماش الاقتصادي والأزمة المالية التي يمرّ بها لبنان، وبعد إقرار الحكومة الزيادات للقطاع العام ودخولها حيّز التنفيذ، كثرت التساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادات ستُشكل عبءً على خزينة الدولة في ظلّ انخفاض الإيرادات والاحتياطي، وبالتالي إمكانية إضافة أي عجز على الموزانة الحالية.
وفي معرض تعليقه على هذه التساؤلات، لفت الخبير الاقتصادي الدكتور أنيس أبو دياب إلى أن الزيادات التي استجدت للقطاع العام وإن زادت من إنفاق الموازنة لكن لن تزيد من إنفلاش الكتلة النقدية، وتأتي من ضمن موازنة 2024، وهي ضمن القدرة النقدية، لأن احتياط الموازنة يشكل حوالي 13?? من الموازنة، وهذه الزيادة تقدر بـ 10،5?? فقط لا غير، وبالتالي تدفع من ضمن الاحتياطي من دون أي زيادة تشكل عجز على الموازنة"، موضحاً أنّها لا تدفع بالمصرف المركزي وأنها ستدفع بالدولار للقطاع العام، من خلال إيرادات الدولة الدولارية، من المرفأ والمطار بالإضافة لما يقوم به المصرف المركزي بشرائه للدولار، وهذا بالتالي لا يشكل أي عبء على الموازنة.
أبو دياب اعتبر أنَّ هذه الزيادة ستحسن القدرة الشرائية للعاملين في القطاع العام، وهذا بالتأكيد سيؤدي إلى تحسين انتاجية الموظفين، وبالتالي زيادة إيرادات الدولة، خاصة عبر النافعة والعقارية المتوقفة منذ سنتين، وهذه الزيادة ستؤدي حتماً الى تحسين الجباية وخاصة العاملين في الدوائر الضرائبية.
وأمل أبو دياب وقف التهرّب الجمركي والضريبي ولكن هذا يحتاج لقيام الدولة من كبوتها الحاصل منذ ما قبل العام 2019.
وحول موضوع إعطاء سلسلة رتب ورواتب جديدة للقطاع العام، قال أبو دياب إنَّ الزيادات التي تقر للقطاع العام بمسميات مختلفة لا تؤدي إلى استقرار مالي، وأن ما يحقق هذا الاستقرار انتظام عمل الدولة، إضافة إلى أن هذة الزيادات هي مساعدات اجتماعية لا تدخل في صلب الراتب، ولا تنعكس إيجاباً في وقت لاحق على التقاعد للموظف، وتأمين الخدمات التقاعدية للأفراد العاملين في القطاع العام، لذلك حتماً لا بد من سلسلة رواتب جديدة، وفق معايير واضحة، وهذا يجب أن يتم بالتزامن مع إعادة هيكلة القطاع العام، مشيراً إلى أنَّ إعادة الهيكلة لا تكون من خلال وقف الإدارات العامة أو الخصخصة، إنما هي أهداف لتحسين انتاجية هذا القطاع، والتوصيف الوظيفي السليم، فلا يجوز أن يكون حجم الإدارة العامة مترهل، بل يجب أن تكون سلسلة رتب ورواتب جديدة مع قطاع عام منتج وغير مترهل.
وعليه، فإنَّ الوضع الاقتصادي لا يحتمل المزيد من الأعباء المالية، إنما الأساس يبقى في تلبية حقوق الموظفين وإنصافهم، خاصةً في ظلّ الحرب المندلعة منذ اشهر على الحدود الجنوبية والتي ترمي بثقلها على كاهل مؤسسات الدولة والمواطن على حد سواء.