بعد "الرد الإيراني"... سيناريوهان لا ثالث لهما

15 نيسان 2024 12:14:25

بعيداً عن حسابات الربح والخسارة، رسم الردّ الإيراني واقعاً جديداً للمنطقة قد يكون الأوّل من نوعه لا سيّما أنه وللمرة الأولى في تاريخ الصراع مع إسرائيل يتمّ إستهدافها مباشرة من الأراضي الإيرانية، بصرف النظر عن حجم الرد ونتائجه. فهل فعلاً بدأت مرحلة جديدة في منطقة الشرق الأوسط قد تكون بدايةّ لتسوية كبرى؟ أو حقبة جديدة من الفوضى؟

يصف الصحافي داوود رمال "الرد الإيراني"، بأنّه "إعادة ترسيم قواعد الإشتباك". وبعيداً عن "تقييم الخسائر البشريّة والماديّة"، فأهميّة هذا الرد، حسب رمال  تتمثّل "بأنه لأوّل مرة تكسر إيران قاعدة دوليّة في الإشتباك على مستوى الشرق الأوسط وتُوجّه ضربات صاروخيّة وجويّة لإسرائيل، وحتى إن كانت مسبقاً أبلغت الولايات المتحدة الأميركية عبر سويسرا ووسطاء آخرين بنيّتها توجيه هذه الضربة وبحجمها".

وبالتالي يرى رمّال خلال حديثٍ مع جريدة "الأنباء" الإلكترونيّة أنّ هناك "تطوّراً يجب النظر إليه"، وهو "مشهديّة جديدة ألا وهي "قصف إسرائيل لقنصلية إيرانية في دمشق، فتقوم إيران بالرد من قلب إيران"، ويعتبر أنّ "هذا التطوّر هو تطوّر إستراتيجي في مسألة الصراع على مستوى الشرق الأوسط". وبناءً على ذلك، يُرجّح أن تذهب الأمور بإتجاهيْن: "إمّا حرب أكبر، وإمّا إنتاج تسويّة".

وعن إمكانية أنْ ترد إسرائيل، يتوّقع رمال "إمكانيّة الرد على إعتبار أنّ لا شيء يُمكن أنْ يردع نتنياهو"، لكنه يلفت إلى "ما إذا كانت الضغوطات الأميركية ستفلح في منع حكومة نتنياهو من الذهاب إلى الرد والإكتفاء بهذا المستوى الذي حصل، أم أنّها ستفشل بردع نتنياهو عن القيام بالرد في العمق الإيراني".

وفي الإطار هذا، يعتبر رمال أنّه "إذا ذهب نتنياهو إلى إستهداف إيران مباشرة سنكون أمام مشهدية مختلفة، وهذه المشهدية لن تتأخر فيها إيران أو بالأحرى لن تلتقط فيها الأنفاس، حيث ستُسارع فوراً إلى ردّ نوعي مختلف عن الرد الأول الذي شاهدناه"، وعليه يعتقد رمال أننا بهذه الحالة "سنشهد تصعيداً واسعاً على مستوى المنطقة"، لكنه يستبعد هذا الواقع لأنّه "لن يكون لمصلحة أي جهة أو أي طرف، لا سيّما أن الولايات المتحدة الأميركيّة تعلم مخاطر التوسع في هذه الحرب وبأن الأمور ستتفلّت وستخرج الكثير من الساحات عن السيطرة وستصبح القواعد الأميركية هدفاً لكل أنواع الجماعات المسلحة، كما أنّ هذا الأمر سينعكس سلباً على إيران وبالتالي دول المحور الإيراني، لأنه كذلك أيضاً ستتفلت جماعات مسحلة إرهابية في هذا التوقيت لكي تنفّذ عمليات إرهابية وتُحاول إستعادة مساحات من الأراضي التي خسرتها، وبالتالي سنكون أمام فوضى على مستوى الشرق الأوسط وهذه الفوضى لا يمتلك زمام المبادرة فيها أي طرف".

 لذلك يخلص رمال إلى ميله أكثر "لإمكانية أن تتسارع الأمور بإتجاه التسوية، حتى وإن طالت هذه التسوية إلى الصيف المُقبل وربما إلى بعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية".

من جانبه، يُقيّم الكاتب السياسي قاسم قصير "الضربة الإيرانية"، فيعتبر أنّها "أكّدت قدرة إيران على توجيه ضربة عسكرية ضد الكيان الإسرائيلي، ولولا الدعم الأميركي والغربي لما استطاعت إسرائيل مواجهتها"، لافتًا خلال حديثٍ مع "الأنباء" الإلكترونيّة إلى أنّ "أميركا اليوم أكّدت أن أي رد إسرائيلي على إيران يجب التنسيق معها".

ويتوّقف قصير عند "تحييد لبنان وحزب الله عن العمليّة"، معتبراً ذلك بأنه "خطوة مهمة". وفي ختام حديثه، لا يستبعد قصير أن "تُشكّل العملية مدخلاً للبحث عن تسويّة لوقف إطلاق النار في غزة وكل المنطقة".