العدوان الإسرائيلي على الجنوب يتقصّد التدمير والتهجير
25 آذار 2024
05:14
Article Content
تبيّن أن القصف الإسرائيلي الذي يستهدف القرى والبلدات الجنوبية يهدف عن قصد استخدام أسلحة مدمرة فتاكة، منها محرم دوليا، لأنها تحتوي على مادة الفوسفور الأبيض الذي يؤدي إلى موت الحياة البرية والحيوانية في محيط الأماكن التي تطولها القذائف.
وعلى خلاف ما حصل إبان عدوان يوليو في صيف عام 2006، حيث كان القصف يطول المنشآت العامة أو المنازل، فتصاب بالأضرار لكن بعضها كان بالإمكان إصلاحها، أما هذه المرة فإن جيش الاحتلال يستعمل أسلحة أكثر قوة، وهي تصيب أهدافها بدقة فائقة، وغالبية الأهداف منشآت مدنية أو منازل أو بساتين زراعية ومراع. ومن الواضح أن إسرائيل تريد جعل المناطق اللبنانية القريبة من الحدود غير قابلة للسكن، وتصعب الحياة فيها، كما أنها تستهدف القضاء على مورد عيش السكان، من المنشآت الصناعية والزراعية وأحراش الرعي، من خلال تنفيذ سياسة الأرض المحروقة.
يقول مواطنون من سكان الجنوب اللبناني إن القنابل التي تستخدمها إسرائيل خلال العدوان الحالي تؤدي إلى إحداث دمار شامل في الأماكن التي تصيبها، وقد تبين أن ما يزيد على 3000 منزل دمرت بالكامل، ولم يبق منها أي شيء قابل للترميم، وهو ما يشير إلى مسألتين واضحتين: الأولى أن العدوان يستعمل أسلحة جديدة، وربما تكون فراغية تسبب انهيارا كاملا للأبنية المستهدفة، والمسألة الثانية هي أن إسرائيل تريد تهجير السكان من المناطق المحاذية للحدود، وعلى عمق 10 كم بشكل خاص، وفي البلدات المهمة لعمل المقاومة بشكل عام.
المقاومة متحسبة لخطورة الأسلحة التدميرية التي تستخدمها إسرائيل، وتدرك أن عمليات الرصد والتتبع متطورة جدا، وتكاد تكون على مدى ساعات النهار والليل، وبشكل متواصل منذ 8 أكتوبر 2023. والتوازن في التسليح وفي تقنيات الاتصال والمراقبة مع قوات الاحتلال صعبة التحقيق في المدى المنظور، لكن الصمود على مدى خمسة أشهر ونصف الشهر والاستمرار بالقدرة على إطلاق الصواريخ ليست مسألة بسيطة، وهي اعتمدت على وسائل تخفي هائلة وفق ما يقول خبراء متابعون، رغم أن عدد الشهداء عند المقاومة كان كبيرا جدا وتجاوز 250 من أفضل النخب لديها.
التحريض على لبنان من قبل الحكومة الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة، شملت تسريب صور عن أضرار أصيبت بها منشآت مدنية إسرائيلية، لكن لا يمكن المقارنة بين هذه الأضرار وبين حجم الدمار الذي حصل في الجانب اللبناني على الإطلاق، مما يؤكد على التزام المقاومة نسبيا بقواعد الاشتباك واستهداف المراكز العسكرية من جهة، ويكشف الاختلال الكبير بالقدرة التدميرية لصالح العدو، كونه يمتلك أحد أسلحة الدمار في العالم، وهو استخدمها في تدمير قطاع غزة بالكامل، وفي جزء من بلدات الجنوب اللبناني.
الكلام عن التعويضات على المتضررين أحدث خلافا واسعا على الساحة اللبنانية، ذلك أن قوى أساسية تعتبر أن حزب الله أطلق الحرب تحت شعار «وحدة الساحات»، وهو الذي يجب أن يدفع تعويضات عن أرواح الشهداء وعن المنازل المدمرة وعن الممتلكات الزراعية المحترقة، وليس الحكومة اللبنانية التي اعترف رئيسها نجيب ميقاتي أنها ليست صاحبة القرار في الحرب في الجنوب. لكن حجم هذه الأضرار أصبح كبيرا جدا ويفوق قدرة الحزب على تحملها، كما أن حكومة تصريف الأعمال ليس لديها أي قدرات مالية تكفي لتغطية التكاليف، ووزير الزراعة عباس الحاج حسن وجهات إحصائية محايدة أخرى، قدروا الخسائر بما يزيد على 2.5 مليار دولار حتى اليوم.
الإشارة إلى نجاح المقاومة في العمليات التي تستهدف قوات الاحتلال، وإخفاقها في تحقيق توازن في حروب الجبهات التي تعتمد على القصف الصاروخي والمدفعي المتبادل، لا يعني بأي شكل من الأشكال خدش المعنويات، أو تشويشا إعلاميا يفيد العدو، بل إنها وقائع لا يمكن تجاهلها على الإطلاق.