جاء الرد اللبناني على الاقتراحات الفرنسية في ما يخص التهدئة على الجبهة الجنوبية بعد أكثر من خمسة أسابيع على تقدم وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنييه بها في «لا ورقة» تمت صياغتها باللغة الإنكليزية، في السادس من شباط الماضي.
أسباب شكلية وأخرى تتعلق بالمضمون وبتأمين التوافق بين المسؤولين على الصياغة، أخّرت الرد اللبناني. في الشكل كان طلب لبنان أن تكون الورقة باللغة الفرنسية، بعدما استغرب مسؤولوه أن تكون بالإنكليزية. أعادت باريس إرسالها بالفرنسية وبطريقة رسمية، بعد عشرة أيام للتأكيد أنّها رسمية ومن الجانب الفرنسي. الهدف كان التعامل معها على أنها ليست مطالب إسرائيلية تنقلها باريس.
أما في المضمون، فإنّ الرد اللبناني الذي صاغته وزارة الخارجية خضع للدراسة المتأنية نظراً إلى أنّ كلاً من المسؤولين اللبنانيين كان صرح، مشدداً على مطلب من المطالب، وكان واجباً تفاهمهم على تبني أو استبعاد بعض ما قيل باعتبار أنّ رداً رسمياً على ورقة فرنسا بات مسألة لا تخضع للمناورة أو للتأويل. كما أن كلاً من المسؤولين كان أبلغ الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين موقفاً...
الصياغة النهائية خضعت للآتي:
- رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فضّل عدم تضمينها أي ربط للتهدئة في الجنوب بوقف حرب غزة، بعدما كان فعل ذلك وزير الخارجية عبد الله بو حبيب خلال الأسابيع الماضية. وهو سمع من سيجورنييه وآموس هوكشتاين ضرورة عدم الربط بين الجبهتين، حتى لو كان «حزب الله» يفعل ويؤيده في ذلك بالطبع رئيس البرلمان نبيه بري. فضّل الجانب اللبناني اعتماد صياغة عامة.
- ميقاتي اقترح تعديلاً في مسودة وزارة الخارجية تتجنب ذكر مطلب الانسحاب الإسرائيلي من مزارع شبعا وكفرشوبا المحتلة، التي يرى كثر بأنّ تحقيقه يضعف ذريعة «حزب الله» بالاحتفاظ بسلاحه لتحريرها. فلا الورقة الفرنسية، ولا أفكار هوكشتاين تناولت هذا الانسحاب. فلا تغيير في الموقف الدولي بأنها تابعة للقرار الرقم 242 وليس للقرار رقم 425، لأنّها جزء من الجولان السوري الذي احتلته إسرائيل عام 1967، وأن استعادتها للبنان مرهونة بترسيم الحدود مع سوريا في وثيقة تودع لدى الأمم المتحدة. فضلاً عن أن المسؤولين اللبنانيين يدركون أن إسرائيل لن تمنح «حزب الله» انتصاراً بانسحابها من المزارع في ظل الصراع القائم راهناً.
- حين أُرسلت المسودة إلى رئيس البرلمان نبيه بري تنازع عين التينة توجهان: تأجيل إرسال الرد إلى الجانب الفرنسي لا سيما أن بري كان ينتظر زيارة هوكشتاين (في 4 آذار الجاري)، أو تدوير الزوايا في الصياغة، لكن التوجه الثاني غلب لأنّ هناك من قال للجميع بعدم جواز تجاهل الورقة الفرنسية خصوصاً أن باريس تلعب دوراً مع أميركا في لجم التهديدات الإسرائيلية للبنان. وعليه اقترح بري مخرجاً لعدم النص على الانسحاب من مزارع شبعا باعتماد عبارة «التطبيق الكامل والكلي» للقرار 1701. فهو ينص في فقرته العاشرة على تكليف الأمين العام للأمم المتحدة تقديم اقتراحات لتطبيق اتفاق الطائف والقرارات الدولية و»معالجة مسألة مزارع شبعا»... هذا النص يستند إلى مرجعية القرار الدولي.
خلاصة الرد اللبناني أنّ المسؤولين اللبنانيين يتصرفون على أنّ أولوية واشنطن وباريس مراعاة المطلب الإسرائيلي إعادة سكان مستوطنات المنطقة الشمالية إلى منازلهم، لأن نزوحهم مكلف سياسياً ومالياً على تل أبيب، وبالتالي المطلب الرئيسي وقف القتال على جبهة الجنوب، كي يعودوا.
بينما كان مطلب تراجع «حزب الله» عن الحدود تارة 7 وأخرى 10 كيلومترات، كما في الورقة الفرنسية، لضمان تلك العودة، لم يطرحه هوكشتاين. مقابل ذلك اقترحت صياغة الخارجية، ووافقها بري، تحديد جدول زمني على الأقل من أجل البحث في إظهار الحدود ومسألة الانسحابات الإسرائيلية...