المعلّم الشهيد كمال جنبلاط مُلهم النضال الوطني، والداعم الأوّل للقضية الفلسطينية، الذي تجرأ على عكس الكثيرين، على الدفاع عنها، مؤمناً بأهميتها، ومعتبراً أنَّ الثورة التحررية الشعبية الفلسطينية هي امتداد للحركة السياسية العربية والنضال السياسي العربي في سبيل تحرير الذهنية العربية من مفهوم التخاذل والتسويات على حساب القضية الأمّ.
تُصادف هذا العام، الذكرى السابعة والأربعين لاستشهاد المعلّم، في وقتٍ يتعرّض الشعب الفلسطيني لإبادة جماعية بفعل الحرب الذي شنّها العدو الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأوّل من العام 2023 على قطاع غزة، وهو الذي دعا الفلسطينيين إلى الثورة والتصعيد في مواقفه حينما قال: "أنا أؤمن بالعمل الفدائي وجدواه وفاعليته، فهو يُرهق جيش العدو ويُفسد عليه نشوة النصر العسكري وأحلام الطمأنينة".
الحريّة لدى المعلّم الشهيد كانت ركيزة أساسية في الدفاع عن فلسطين، ولعلّه دفع ثمن فكره ونضاله نصرةً للقضية، شهيد فلسطين على يد الإجرام، الذي آمن دوماً أنَّ حقّ الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة الدولة الفلسطينية وعودة اللاجئين إلى وطنهم الأم، مقدّس. كمال جنبلاط حمل القضية الفلسطينية قضيته الإنسانية الجوهرية، في كتاباته ونضاله السياسي، محذراً من مغبة الاستسلام والتنازل عنها، ومؤكداً حقّ الشعب الفلسطيني باسترداد حريته، مِن مَن نهبها، وسرقَ أرضاً وشعباً ووطناً.
مبادئ كمال جنبلاط أوصلته إلى الشهادة، ورغم يقينه أنَّ مواقفه الشجاعة ستكون السبب في اغتياله، إلاّ أّنه جاهرَ بكلمته الحرّة، وواجه بقلمه وفكره الحرّ كلّ أشكال الإلغاء والاضطهاد، مصمماً على مشروع وطن سيادي واستقلال فعليّ، لم يتوانَ لحظة في الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات للسير في بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة، إلّا أنَّ يد الغدر كانت أقرب من أيّ وقت، فحُرم لبنان من فكر نضاليّ تحرري، استثنائي، ورجل دولة حقيقي، نحتاج إلى أمثاله وكماله وفكره في زمننا العصيب هذا.
في مثل هذا اليوم، اغتيل المعلم كمال جنبلاط، لم تثنه رصاصات الغدر عن النضال الذي خاضه إلى الرمق الأخير من أجل لبنان وطناً ديمقراطياً علمانياً، وفلسطين الدولة الديمقراطية المتحررة من أيّ احتلال، وعبودية وظلم. وفي ذكرى استشهاده الأليم، نجدد القول إنَّ "الحياة في أصالتها ثورة"، والمسيرة مستمرّة وستبقى.