يظهر جلياً ان كل الملفات الداخلية السياسية الاقتصادية والمالية وصولاً إلى الاستحقاقات الدستورية أضحت في ثلاجة الانتظار ربطاً فيما يجري في غزة والجنوب، إذ وفق معلومات "الأنباء" الإلكترونية فإن الإدارة الأميركية "سحبت يدها" من تصرّفات اسرائيل وذلك على خلفية الاستحقاق الرئاسي الأميركي وهذا ما ظهر جلياً من خلال زيارة الموفد الاميركي آموس هوكشتاين الذي ردد مع الذين التقاهم بأن "الولايات المتحدة الأميركية غير قادرة على احتواء الحرب في حال حصلت".
وبمعنى آخر فإن الولايات المتحدة الأميركية لم يعد باستطاعتها أن تلجم الاحتلال الإسرائيلي خاصة إذا كان هناك أي خطوة لحزب الله أو حماس أو أي فصيلٍ قد يقوم باطلاق الصواريخ وبتسخين الجبهة على الحدود الشمالية، فأهالي المستوطنات باتوا خطاً أحمر ليس لإسرائيل فحسب وإنما للولايات المتحدة وكذلك للأوروبيين وعلى هذه الخلفية تسعى إسرائيل لتأمين مستلزمات عودتهم بأقل كلفة، ما يعني أن الخيارين النهائيين باتا جاهزين، إما اجتياح بري حتى عودة حزب الله لحدود الليطاني أو تكثيف الغارات الجوية وحرب المسيّرات واستعمال السلاح النوعي، وهذا ما يتجلى من خلال ما حصل في البقاع إلى ما يجري في الجنوب، لذا فإن الأسابيع المقبلة ستكون ساخنة وصعبة وهذا ما يعبر عنه أكثر من مسؤول.
في السياق ذاته، تشير المعلومات إلى أن أحد المستشارين المقربين من وزير الخارجية عبدالله بو حبيب أفضوا في مجالسهم بأنه سمع كلاماً واضحاً خلال لقاءاته مع دبلوماسيين غربيين وجولاته في الخارج بأن الأمور متجهة نحو الحرب في حال لم تتمكن الحكومة اللبنانية من أن تضع حدًا لما يجري، والكل على دراية بأن لا قدرة للحكومة على فعل مثل هذا الأمر لا بل فإن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي كان واضحاً عندما قال أنه ليس بمقدوره فعل أكثر مما يقوم به والمسألة في مكانٍ آخر قاصداً حزب الله، لذلك الأمور صعبة ومعقدة وعلى هذه الخلفية فإن الأيام المقبلة ستكون مفصلية بامتياز.
على خطٍ موازنٍ تكشف مصادر مواكبة للإستحقاق الرئاسي وكل ما يجري على خط الخماسية ومبادرة الإعتدال الوطني، إلى أن ما يحصل اليوم هو حراك يدور في حلقة مفرغة لأن الرئيس في لبنان لا ينتخب ضمن مبادرات داخلية بل ضمن التسويات الكبيرة الدولية والإقليمية وهذا الأمر غير متوفرة ظروفه اليوم في ظل الحرب الدائرة في غزة وما يحصل في الجنوب من تدهور مريب قد يؤدي إلى الحرب الشاملة وربما تمتد إلى دول أخرى، خصوصا في ظل ما يجري في البحر الأحمر وبمعنى أوضح فإن الحرب قد تشتعل بشكل غير مسبوق ولهذه الغاية لا يمكن في هذه الظروف التوصل إلى قواسم مشتركة حول انتخاب رئيس للجمهورية في ظل الانقسام الداخلي وغياب الرؤية الدولية والإقليمية والعربية والتباينات والخلافات، فهناك مبادرات كثيرة وجولات ولقاءات إلا أنها لم ولن تفضي إلى شيء في هذه الظروف ولذلك الاستحقاق الرئاسي مؤجل إلا في حال حصلت هدنة في غزة وامتدت إلى الجنوب عندها يمكن إنتخاب الرئيس، إلا أن مقومات هذه المسألة غير متوفرة راهنا لا بل أن الأمور ذاهبة باتجاه التصعيد الميداني في وقت أن الإستحقاقات الدستورية ستكون في ثلاجة الترقب والإنتظار ليس فقط إنتخاب رئيس الجمهورية وإنما ذلك ينسحب على الإنتخابات البلدية والإختيارية وعلى الرغم من أخذ القرار بإجرائها من قبل وزير الداخلية بسام المولوي إلا أن هذا الإستحقاق لن يحصل وهذا ما يؤكده أكثر من مرجع سياسي ومسؤول في مجالسهم لأن الظروف غير متاحة لحصول هذه الإنتخابات.
وفي هذا الإطار يطرح في العديد من المجالس الداخليّة السياسية تساؤلات مفادها "ماذا لو قامت اسرائيل بقصف المنشآت المدنية والحيوية أو أي مرفقٍ عامٍ، فهل سيتمكن لبنان من النهوض من هذه الضربات في ظل هذا الانهيار الإقتصادي والمالي وشبه الغياب التي تعاني من كل مؤسسات الدولة ومرافقها؟