لماذا مشيت؟

15 آذار 2024 12:33:28 - آخر تحديث: 15 آذار 2024 13:24:56

يروى أن المعلم الشهيد كمال جنبلاط كان يدرك موعد رحيله.
ويروى أيضاً أنه حاول منع أحد مرافقيه من مواكبته في رحلته الأخيرة في محاولة منه لإنقاذه من المصير المحتّم.
ويوم عاد المعلم من رحلته الأخيرة الى القاهرة، كان مدركاً تمام الإدراك بأن قرار تصفيته قد اتخذ. رغم ذلك مشى لملاقاة قدره بشجاعة وايمان مطلق.
بغض النظر عن الماورائيات وعن الأسرار الروحية التي امتلكها المعلم. كان كمال جنبلاط عل علم بأدق تفاصيل الواقع السياسي والأمني المحيط به في تلك المرحلة. ومما لا شك فيه أنه كان على يقين بأن فرص بقائه أقل بكثير من فرص تصفيته. فالمشروع الدولي والإقليمي الذي رسم للبنان في حينه لن يتحمل أي معارضة، ولن يتهاون مع أي فرد أو مجموعة تشكل عائقاً أمام تطبيق ما اتفق عليه.
رغم ذلك مشى.
أمام هذا الواقع، وقفت أمام ضريحه الطاهر. قرأت الفاتحة. ألقيت بوردتي الحمراء. وأذنت لنفسي أن أسأل طيفه: طالما علمت، لماذا ذهبت؟
أما كان باستطاعتك البقاء في دار المختارة؟ دار الأمان والقيادة.
أم أنك أدركت أن الجولة هذه المرة هي للباطل؟
ومتى ستأتي جولات الحق؟
في تلك اللحظة كدت أسمع صدى صوته يردد:
"أموت، ولا أموت،
فلا أبالي
فهذا العمر من نسج الخيال
هي الأيام تجري في دمنا
أم الحق المكون ألف حال".
 
طال انتظار الحق معلمي.
ونحن نعلم أنك لم تختر الرحيل استسلاماً. بل اخترت أن تعلمنا برحيلك درسك الأخير؛ بأن نواجه من أجل الحياة، من أجل الحق والحقيقة، وإن كان ثمن ذلك بذل الأرواح.

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".