لم يتصوّر اللّبنانيّون يوماً، قبل عام 2019، أن تشهد عملتهم الوطنيّة، أي اللّيرة اللّبنانيّة، تراجعاً دراماتيكيّاً، لكن هذا ما جرى تحديداً. وتصدُر بين الحين والآخر، تقارير وبيانات إقتصاديّة عالميّة، تؤكّد هذا الأمر، وآخرها، ما أعلنته "بلومبيرغ" عن تصدّر اللّيرة اللّبنانيّة قائمة العملات الأسوأ أداءً هذا العام، بعد تراجعها أمام الدّولار بأكثر من 83 في المئة. فهل لهذا التّقرير أي تأثير على لبنان؟
يؤكّد أستاذ الاقتصاد في "الجامعة اللّبنانيّة" البروفيسور جاسم عجاقة ألا تداعيات لهذا التّقرير على لبنان، لأنّ "اللّيرة غير مُستخدمة في الاقتصاد وفي التّبادل التّجاريّ، وبالتّالي، هي غير موجودة فعليًّا في الحركة أو في النّشاط الاقتصاديّ".
ويلفت، في حديث لموقع mtv، إلى أنّ "سعر الصّرف اليوم لا يعكس بأيّ شكل من الأشكال قيمة اللّيرة الحقيقيّة، لأنّ قيمة العملة تُستنتَج من خلال التّبادل التّجاريّ، وبما أنّ اللّيرة غير مُستخدمة في النّشاط الاقتصاديّ حالياً، فهذا يعني أنّ قيمتها لا تعكس حقيقتها، لذا، لن يكون هناك تداعيات لتقرير "بلومبيرغ" على الاقتصاد اللّبنانيّ".
ويوضح عجاقة أنّ المواطنين "يستخدمون اللّيرة اللّبنانيّة لدفع الضّرائب والرّسوم، ويأتي ذلك في إطار عمليّة ضبط الأموال للحفاظ على سعر اللّيرة أمام الدّولار، أي 89 ألفاً و500 ليرة لبنانيّة".
ويُشير إلى أنّ "دولرة الاقتصاد أدّت إلى تراجع استخدام اللّيرة بشكل كبير، وبالتّالي، فإنّ المعاشات تُدفع بالدّولار، والتّبادل التّجاريّ أيضاً يُدفع بالدّولار، لذا، لن يكون لهذا التّقرير تداعيات على الاقتصاد، إلا من باب فقدان الثّقة، أي أنّ المجتمع الدّوليّ والمُستثمرين باتوا يعرفون أنّ غياب الإصلاحات هو ما أدّى إلى عدم عودة اللّيرة إلى خدمة الاقتصاد".
ويختم عجاقة، أنّ "أسوأ ما يُمكن أن نصل إليه هو غياب الدّولار من السّوق، وفي هذه الحالة، في حال عاد العمل باللّيرة اللّبنانيّة من دون إصلاحات حالياً، وإذا دُفِعَت أجور القطاع العامّ باللّيرة، فستفقد الأخيرة تلقائيّاً قيمنها أمام الدّولار، الأمر الذي سيؤدّي إلى الدّخول مُجدّداً في حلقة مفرغة، ليعود سعر صرف الدّولار في السّوق السّوداء الى الارتفاع، ما سيُرتّب تداعيات على القدرة الشّرائيّة للمواطن في الدّرجة الأولى، وتدهور المستوى المعيشيّ".