قد لا يكون لقاء وفد من حزب الله مع الرئيس ميشال عون نجح إلى حدّ كبير في عملية "غسل القلوب" من الآثار السلبيّة للمواقف التي إتخذها كلاً من الطرفيْن في بعض الأمور الداخلية وما يتعلّق بالموقف من الحرب عند الجبهة الجنوبية.
لكن هذا اللقاء هو "خطوة لا بُدّ منها لأن النوايا سليمة لدى الجميع"، وفق تعبير عضو تكتل "لبنان القوي" النائب سليم عون.
عون وخلال حديثٍ مع جريدة "الأنباء" الإلكترونيّة، يجزم بأنه "لا يُمكن خلال لقاء قصير تصحيح نقاط إختلافية مهمة وطالت نسبياً. كبداية هو ضروري لكن ليس كافٍ. الأفضل أن يبدأ باللقاء لأن كل طرف عندها يعرض بالمباشر وجهة نظره".
وهنا يُشدّد على أنّه "لا يُمكن القول بأن الأمور قد إنتهت لكنها تدلّ على أن النوايا جيدة".
وهل نقل "الحزب" عتباً لعون، يجيب: "كلا، لأنّ من هذه الناحية الجميع "عتبان"، لذلك من الأفضل القول بأن كل طرف طرح وجهة نظره".
وعن إعادة ترميم تفاهم مار مخايل، يؤكّد عون أن "التفاهم ينقسم إلى شقيّن، "الأول روح التفاهم الذي لا يموت، ولا أعني فقط مع حزب الله بل إلتقاء كل طرفيْن لبنانيين معا على النقاط التي يتفقان حولها. روح التفاهم مع حزب الله كان تجنيب لبنان من الصراع الداخلي وأن يكون قوياً على المخاطر التي تأتيه من الخارج أكان من ناحية الخطر الإسرائيلي أم التكفيريين، والمحافظة على ثروات لبنان المائية والنفطية، والتنبه من صفقة القرن، وان تكون قوة المقاومة للبنان، وبقاؤها مصلحة لبنانية.. وغيرها من الخيارات الجوهرية.
أما الشق الآخر الذي لم ننجح فيه فهو بناء الدولة، ليس لأنّ النوايا سيئة بل لأن الظروف عاكست، وجعلت هذا الإختلاف يكبر. هذا الأمر قديم ولم يطرأ حالياً".
ويلفت إلى أنّ "ما إستجد أمران، أحدهما بقينا متفاهمين عليه وهو خطر الحرب الخارجي وكلانا يريد تجنبها، لهذا عندما يتحدّث حزب الله عن وحدة الساحات، نقول بأن ليس بهذه الطريقة نحمي لبنان. لكن الموضوع الأهم بالنسبة لنا موضوع الشراكة، لأن منذ بداية تفاهم "التيار" مع "الحزب" خضنا سنوات من المعارك للوصول إلى الشراكة، وتحققت"، متهما ميقاتي قائلا: "في الآونة الأخيرة حصلت أمور عدة وتزايدت، ووصلت إلى ما حصل وما عاد مقبولا بالنسبة لنا وهو الاعتداء على هذه الشراكة من خلال تصرّفات رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي وصل في المرحلة الأخيرة إلى إغتصاب صلاحيات وزير وإتخاذ قرار في مجلس الوزراء لا يمكنه إستكماله، ونتحدّاه أن يتمكن من إستكماله. المسألة دستورية وليست إعتراضاً على الشخص. وهذا ضرب للشراكة ويذكرنا بالتحالف الرباعي، عندما لم يسألوا حينها عن الشريك المسيحي، وإعترفوا بعدها أن ما حصل خطأ. فلماذا يُكرَر اليوم؟".
ويضيف: "عندما تمّ إستهداف المكون الشيعي من خارج لبنان وقفنا إلى جانبه، وعندما صدرت مذكرة توقيف من قبل سوريا بحق رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي السابق وليد جنبلاط وقفنا إلى جانبه أيضا، عندما حصلت مشكلة خارجية مع الرئيس سعد الحريري أيضا كان تصرفنا واضحاً. لا أتحدث هنا من باب مذهبي وطائفي، بل عن قناعة بأن هذا تكوين لبنان وعلينا المحافظة عليه، وبالتالي هذه النقطة تحتاج إلى إعادة نظر من قبل حلفائنا"، لافتاً إلى أنّه "لكل طرف ملاحظاته، لكن هنا تحديداً، هل يجوز الإعتداء على الدستور في غياب رئيس للجمهورية، من حكومة مستقيلة لم تنل أصلاً ثقة المجلس؟ اليوم بدل الضغط لإنتخاب رئيس أصبحوا يستسهلون غيابه لأنهم يتصرفون على راحتهم، ويصدرون مراسيم ويجرون تعيينات.. وهذا الأمر لا يمكن أن يستمر".
وعن تأمين حزب الله الغطاء لميقاتي، يُجيب عون: "بالطبع، ولهذا تحدّثت عن كل هذه الأمور. وهنا يكمن الإختلاف، لأن نحن و"الحزب" إتفقنا على الشراكة وقمنا بمعارك من أجلها، بل أكثر من ذلك، عندما خرج من الحكومة وقفنا إلى جانبه وبقينا سنة وثمانية أشهر معتصمين في الساحة، وإعتبرناها حكومة بتراء. الشراكة في المبدأ يجب أن تكون بين المسلمين والمسيحيين، ليس بين المذاهب، ورغم ذلك وقفنا إلى جانبهم لأن لبنان لا يمكن أن يقوم من دون كل مكوناته. فلماذا يتصرف اليوم بهذه الطريقة؟ ضرب كل الماضي ويقوم بسابقة للمستقبل. وبالطبع لا أريد أن أحاسب على النوايا".
هل تطرّق اللقاء الى الملف الرئاسي، يقول: "كل طرف طرح ما لديه، المواضيع أصبحت معروفة، وتمحورت حول غزة والشراكة والنقاط الإختلافية"، وإستطرد: "كانت تحصل إختلافات في بعض المواضيع، لكن كنا حريصين على حلها دون أن تخرج إلى العلن، وكنا في بعض الأحيان ننجح وأحيانا أخرى نفشل، لكنها لم تصل إلى ما وصلنا إليه اليوم إلا بسبب إنتخابات رئاسة الجمهورية، وهذا الشغور جعل الحكومة تتمادى بهذا الشكل".
أما عن توجيه اللوم إلى حزب الله لجرّه لبنان إلى هذه الحرب، يرى عون أن "كل طرف سياسي قد يكون أمام خياريْن صعبيْن، وأنا لا أبرر. خيار عدم التدخل له حسناته وسيئاته، كما خيار التدخل. لا شيء في المطلق صح أم خطأ، ولذلك فإن فكرة حزب الله بأنه إذا لم يكن جاهزاً قد يتم الغدر به ليست عبثية، ويجب أخذها في عين الإعتبار، أي أن يبقى متراخيا ويتم غدره. حزب الله حمى نفسه من عنصر المباغتة. لكن إلى أي مدى يمكنني أن أتفهمه؟ إلى أن يشكل ذلك خطر على لبنان".
وهنا يوضح أنّ "موقفنا مبدئي وهو أن لبنان ليس مضطراً لدفع أثمان غير قادر على تحملها ومن أجل قضية ليست صرف لبنانية. بالطبع نحن متعاطفون إنسانيا وأخلاقيا مع الفلسطينيين، لكن كتيار منذ البداية لم نكن مع وحدة الساحات".
وعن تمسّك حزب الله بمرشحه للرئاسة حتى بعد لقائه تكتل الإعتدال والإطلاع على مبادرته، يقول عون: "معلوماتي أن الحزب لم يجاوب بعد على المبادرة. لكن كمراقب أرى وأعلم أن هناك قرار بوحدة موقف الثنائي الشيعي، وأتفهمه، لأنه أعطى موقفا وليس بسهولة أن يتراجع عنه، لكن ألمس أيضا ليونة من قبل رئيس المجلس النيابي نبيه بري في التعاطي، خاصة مع مبادرة الإعتدال. ليس المطلوب من خلال الذهاب إلى الحوار أن يتخلى أي طرف عن موقفه. ليس المطلوب من الثنائي التخلي عن مرشحه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ولا التمسك به. في النهاية يمكنه الذهاب إلى طاولة الحوار والقول بأن فرنجية يبقى مرشحنا. لكن كتيار نقول أن الحوار مهما كان شكله، تشاور أم طاولة أم ثنائي أم ثلاثي بمهلة محددة، نذهب بعدها إلى جلسة بدورات متتالية حتى الوصول إلى انتخاب رئيس. إذا تم الاتفاق على شخص فإننا سنؤيده، وإذا كان هناك سلّة أسماء فإننا نختار من بينهم، وإذا لم نتوصل إلى إتفاق ليتمسك كل طرف بمرشحه ونرى ما ستكون النتيجة. هذا الموقف منسجم مع المبادرة".
هل يُمكن أن يقبل "التيار الوطني الحر" بقائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً اذا ما تم الاتفاق عليه؟ يقول عون: "مواقفنا معلنة، لا أريد تسمية أشخاص، لكن هناك أشخاص موقفنا معروف منها، وهنا لا أتهرّب من التسمية، لأنها لا تتعلق فقط بقائد الجيش بل بالمعروفين أكثر من قائد الجيش، وغيرها من الاسماء غير المعروفة. ما نقوله، حتى الاشخاص التي لا نوافق عليها، في حال اتفق الجميع عليها يمكنهم انتخابها وإيصالها الى الرئاسة. في النهاية، يمكن لـ110 نواب أن يجتمعوا ويقرروا، حتى يمكنهم تعديل الدستور، لكنها لن يُكتَب لها النجاح. كل مرشح يصل ولا يحوز على "موافقة" الجميع على طريقة ما بعد الإنتخاب فلن ينجح، لأننا خرجنا من تجربة تؤكد أن في حال لم يكن هناك إتفاق بين كافة الأفرقاء، تتعرقل الأمور ولا يمكننا أن ننجح لأن هدفنا من إنتخاب الرئيس السير بعملية إنقاذية للبلد. إذا كانت البداية ستكون على هذا الشكل فلن ينجح البلد".
هل أنتم متفائلون؟ يجيب عون: "خمسين في المئة، لأن التجارب السابقة لا تشجع، لكن الأمنيات تشجعني لأنني أتحدّث بالمنطق. أنتظر لقاء الخماسية مع الرئيس بري، فسفراء الخماسية كما تكتل الإعتدال قاموا بإتصالاتهم ولقاءاتهم، التي بدأوها لدى الرئيس بري وستنتهي لديه. والخلاصة ستكون هنا وستُترجم كل الامور في هذا اللقاء وهنا يبدأ الجد. فهل سيلتزم الأفرقاء بالنتيجة التي توصلت إليها هذه المشاورات؟ إذا كانت هناك نية للالتزام فعندها يمكنني التفاؤل. برأيي إذا إعتمدنا هذه المبادرة، بغض النظر عن بعض التفاصيل، بأفكارها الأساسية والتحاور وطرح كل الإحتمالات والذهاب بعدها إلى دورات متتالية، نصل إلى نتيجة".
البعض يقول أن لا رئيس قبل الـ2026، يجيب: "هل يتحمل البلد بلا رئيس؟ حتى الدول تطلب منا عدم ربط مصيرنا بغزة. لأن من يقول هذا الكلام يربط الرئاسة بالمنطقة والخارج. لدينا فرصة فهل يا ترى مصلحتنا أن ننتظر؟ خاصة وأن الإنتظار مجاني لأن لا يمكن لأي طرف خارجي أن يفرض أي شيء على الداخل أو على أي فريق، ونكون بذلك نُدمر أنفسنا بأنفسنا".