يحلّ عيد المعلّم هذا العام وسط ظروف استثنائية وصعبة يمرّ بها البلد على الصعيد الإقتصادي كما الأمني، في ظلّ العدوان الإسرائيلي المستمرّ على البلدات الجنوبية، الذي دفعَ بالمدارس نحو إقفال أبوابها وحرمان التلامذة من حقّهم المشروع بالتعلّم وإكمال العام الدراسي وفق مساره الطبيعي.
المعلّم الصبور المكافح في سبيل تربية أجيال مثقفة وواعية يواجه اليوم أزمات عصيبة، دفعت بالبعض إلى ترك المهنة والبحث عن خيار أفضل خارج البلد، في وقت ناضلَ فيه البعض الآخر عبر المظاهرات والإضرابات مطالبين بحقوقهم وتحسين أوضاعهم، إلّا أنَّ الاندفاع والإخلاص في إرساء فحوى رسالة التعليم كان ولا يزال الخط العريض الذي يعتمده المعلمون في تقديم مهنتهم والقيام بواجبهم على أكمل وجه.
وفي السياق، يشدّد مفوض التربية والتعليم في الحزب التقدمي الإشتراكي سمير نجم على أنَّ الإنتاجية التي أقرّت لأساتذة التعليم الرسمي مقبولة، إنما ليست كافية، منوهاً بالجهد الذي يقوم به الأساتذة، باعتبارهم مناضلين من اللحم الحيّ، إذ يتوجهون يومياً إلى مراكز عملهم في ظلّ أعباء مادية ثقيلة وظروف صعبة.
وإذ يُشير نجم في حديث لـ"الأنباء" الإلكترونية إلى معاناة القطاع الخاص وأساتذته في بعض المدارس، لافتاً إلى الجهود الذي قامَ بها مدير عام تعاونية موظفي الدولة يحيى خميس، بحيث فُعّل عمل تعاونية، لتعاود تغطية ما يتراوح بين 70 و80% ممّا كانت عليه في السابق، مرخية بظلالها أقلّه على الوضع الاستشفائي، علماً أن العدد الأكبر من المعلمين هم متقاعدون، وبالتالي فإنَّ أوضاعهم صعبة.
ويؤكّد نجم أنَّ "الإصلاح الحقيقي يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة، ليتم تصحيح الرواتب والأجور على أن تدخل في أساس الراتب، موضحاً أنَّ المطالبة بسلسلة رتب ورواتب جديدة أمر محقّ ومطلب حاضر دائماً على طاولة الحوار، إنما في ظلّ هذه الظروف وفي ظلّ حكومة تصريف أعمال فإنَّه ليس بالأمر السهل".
ختاماً، وجّه نجم تهنئة للأساتذة في المراحل كافة الذين ينازعون لإكمال العام الدراسي، خاصةً في المناطق الجنوبية، والذين يعيشون ظروفاً غير طبيعية، إنما صامدون حرصاً على التلامذة وما تبقى من التعليم الرسمي الذي لا غنى عنه.
بدوره، تقدّم مدير مؤسسة العرفان التوحيدية الشيخ نزيه رافع من المعلّمين والمعلّمات بأسمى عبارات الشّكر والتّقدير لجهودهم القيّمة في بناء مستقبل الأجيال، وتكريس الرسالة الإنسانيّة في بناء الإنسان، لافتاً إلى "الظروف التي مرت بها البلاد في السنوات الأخيرة، والتي ألقت بظلالها على كل القطاعات وخاصة القطاع التربوي، وهو القطاع الذي كان ولا يزال رافعة البلاد ثقافياً تربوياً وانسانياً".
رافع أشارَ في حديث لـ"الأنباء" لإلكترونية إلى جملة إجراءات اعتمدتها مؤسسة العرفان لمواجهة الأزمات بأقل خسائر ممكنة، من بينها إنشاء "شبكة أمان اجتماعية" خلال جائحة كورونا كما الأزمة الاقتصادية، ما ساهم في الحفاظ على جميع الموظفين والمعلمين في مدارس العرفان إنطلاقاً من مبدأ التكافل والتضامن والإخاء".
وأضاف رافع: "في مدارسنا نولي كرامة المعلم أهمية كبرى، لأن مؤسستنا أنشئت في الأساس على نهج التآخي والقيم الانسانية والدينية"، مشيراً إلى أنّه "خلال الأزمة الاخيرة التي عصفت بالقطاع التربوي ومسألة حقوق المعلمين المتقاعدين في صندوق التعويضات، كنا نحن كعرفان أصحاب المبادرة وأصحاب الفكرة في تسوية أوضاع المعلمين المتقاعدين وجعلهم أسوة بزملائهم في القطاع العام واقترحنا زيادة رواتبهم سبعة أضعاف كمساهمة من المؤسسات التربوية الخاصة، وذلك بالتعاون مع اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة ووزارة التربية".
فيما يُكافح الأساتذة في لبنان لنيل حقوقهم وتوفير حياة لائقة في بلدٍ يفتقر إلى انتظام المؤسسات في ظلّ انهيار ما تبقى منها، إلّا أنَّ مهنة التعليم رسالة سامية يؤدّيها المعلّمون بكل أمانة انطلاقًا من قناعتهم بأنّها كانت وستبقى المدماك الأول في في بناء الأوطان والأجيال.