تركت زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين الأخيرة إلى لبنان أكثر من علامة إستفهام حول مسار المسعى الذي يقوم به، خصوصاً بعد تصريحه عن عدم شمول جبهة لبنان بالهدنة المُحتملة في غزة، الأمر الذي يدفع الى البحث أكثر حول حقيقة ما سيؤول إليه الوضع بهذه الحال.
في هذا المجال، يكشف نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، الذي يلتقي بموفد الرئيس الأميركي بشكل دوري، أنّ "هوكشتاين تحدث في خلال زيارته الأخيرة الى بيروت عن النقاط التي كان قد طرحها سابقاً، ويبدأ تنفيذها ما بعد اتضاح الصورة حول الوضع النهائي في غزة، علماً أنه زار لبنان وهو يتوّقع حدوث هدنة في غزة قبل شهر رمضان".
وفي حديثٍ لجريدة "الأنباء" الإلكترونية، يذكّر بو صعب بأنّ "هوكشتاين كان قد أبلغ رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال زيارته السابقة بوجود خطة لإرساء الإستقرار في الجنوب، وقد أعلن لبنان رسمياً موقفه بهذا الموضوع"، ويشير إلى أنّ "الأهداف التي وضعها لبنان كرّرها هوكشتاين، وهي الهدوء والأمان والاستقرار على الحدود وعودة أهل الجنوب إلى قراهم. وفي الوقت نفسه هناك في الضفة المقابلة الهمّ الإسرائيلي بإعادة المستوطنين إلى مستوطناتهم في شمال فلسطين المحتلّة".
وهنا يلفت بو صعب الى أنّ "هوكشتاين يؤمن أن العمل الدبلوماسي، توازياً مع التفاهمات، هما السبيل الوحيد لتأمين هذا الإستقرار، في حين أنّ الحرب لا تُحقّق أيّاً من الأهداف السابقة".
وعن عدم ارتباط وقف الحرب في غزة بتحقيق الإستقرار الأمني في لبنان، يوضح بو صعب أنّ "هذا الجواب جاء خارج البيان المكتوب، فهو قال إن وقف الحرب في غزة لا يعني توقّفها تلقائياً في لبنان من دون تطبيق الحلّ السياسي الدبلوماسي الذي يسمح بالتفاهم على كيفيّة التوصل إلى الإستقرار، وهو السبب الذي جاء هوكشتاين من أجله. فهو لم يقل إن الحرب ستتواصل في لبنان عند توقّفها في غزة. وخلال إجتماعي به تأكّدت من أن هذا جو أفكاره وروحيتها".
وكذلك يذكر بو صعب بأن "هوكشتاين كان قد وضع خطّة وأفكاراً من قبل، ويطرحها مجدداً الآن للبحث عن آليات تنفيذيّة لتطبيقها لكي يبدأ النقاش حولها في لبنان بعد تحقيق الهدنة في غزة، وبذلك يكون لبنان على إستعداد مُسبق"، ويؤكد أن "الجهات اللبنانية التي اجتمعت بهوكشتاين تركت لديه إنطباعاً واحداً وهو عدم رغبة لبنان بالدخول بأي حرب. وإذا فكّر الإسرائيلي بشنّ أي حرب إستباقيّة أو إختار أن يخوض حرباً خوفاً من أن يتكرَّر مشهد غزة على حدوده الشمالية فيكون مخطئاً، لأنّ الحرب لا تحقق له الإستقرار، ولا تُساعد على عودة المستوطنين".
وعما حُكي عن تسليم هوكشتاين طرحاً للرئيس بري ليعرضه على "حزب الله"، يُجيب بو صعب "هذه الأفكار طرحت من قبل، والرئيس بري يُدير كل هذه المفاوضات، وأنا مطلع على جزء منها. والرئيس بري يعمل على مخرج بالتواصل مع "حزب الله" في لبنان والوسيط الأميركي بالمباشر، للخروج بصيغة تسمح بالاتفاق على تفاهم يؤمن الاستقرار في لبنان ما بعد وقوف الحرب في غزة، والهدف أن يكون طويل الأمد وليس مؤقتاً. أما الحزب فكان واضحاً بأنه مُنفتح على الحوار والمناقشة عند حصول وقف إطلاق نار أو هدوء في غزة".
وفي الشق المتعلق بالملف الرئاسي، وإذْ يوضح بو صعب أنّه "لم يقل أي طرف بالمباشر أن الملف الرئاسي مرتبط بالجنوب، إلّا أنّه وفق تحليله فإنّ "الاستقرار في الجنوب يتطلب استقراراً سياسياً يحميه، إذ لا يمكن القيام بترتيبات أمنية وتكون كافية حتى لو تم توزيع حتى 20 ألف عنصر من الجيش في المناطق الحدودية من دون وجود قرار سياسي يضمن الاستقرار، بالتالي لن يعطي إنتشار الجيش أي نتيجة في هذه الحالة مهما كان عددهم. في المقابل، يمكن أن يكون عدد الجيش 10 آلاف وأن يستقر الهدوء في الجنوب في ظل وجود إتفاق سياسي. من هنا جاءت أهمية زيارة هوكشتاين عند توسيع مروحة اللقاءات التي عقدها مع العديد من الأفرقاء، ومنهم الرئيس السابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط".
ويستبعد بو صعب "خوض هوكشتاين في التفاصيل الرئاسية خلال زيارته، إلّا أن توسيع دائرة لقاءاته يُقرأ بشكل إيجابي، خصوصاً أنّ ذلك يساعد على التوصل إلى حلول سياسية في المستقبل. الإنفتاح بين مختلف الأفرقاء في لبنان هو الحل، وهذه الخطوة عند حدوثها ستثبت بأن اللقاءات التي حصلت لم تعد تعني الإستقرار في الجنوب، وبأنها ذات طابع سياسي وليس امنيا فقط، وانها تناولت ملفات سياسية الى جانب ملف الإستقرار الأمني في الجنوب".
ورداً على سؤال يؤكد بو صعب أن "الزيارة لم تكن صفر نتيجة بل هي تتمة لمساعيه السابقة. ومَن يعرف طريقة عمل هوكشتاين يدرك أنه يُواصل تفاوضه ويستمع لمختلف وجهات النظر بهدف تحديد قواسم مشتركة يمكن البناء عليها لإرضاء الطرفيْن وحينها يمكنه تقديم إقتراحه. ويؤكد أن "لدى المبعوث الأميركي تاريخاً ناجحاً في التفاوض في لبنان"، متوقعاً أن "يستمر في مساعيه لحين الوصول إلى نتيجة وإرساء الاستقرار الذي ينشده اللبنانيون بالدرجة الأولى".