منذ سقوط لبنان في هاوية الانهيار المالي قبل سنوات، تحوّلت الأسعار إلى المادة الادسم بالنسبة للبنانيين الذين أكلَ انهيارُ الليرة الأخضرَ واليابس... فحملت وزارةُ الاقتصاد وزرًا ثقيلا، خصوصا لناحية مراقبة الأسعار التي كانت دائمة التفلّت والتي تابعها اللبنانيون كمتابعتهم لـ"طلعات الدولار ونزلاته".
ورغم استقرار سعر الدولار في السوق السوداء منذ أشهر، إلا أن الخوفَ من تلاعبٍ بالأسعار استمرّ، خصوصًا بعد الحرب على أوكرانيا التي رفعت أسعارَ بعض السلع، لتتبعها الحربُ على غزة والـ"ميني - حرب" جنوبا التي بثّت الرعبَ في النفوس ليس أمنيّا فقط إنما أيضا اقتصاديّا واجتماعيّا.
وفي هذا الإطار، عقد وزيرُ الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الاعمال أمين سلام اجتماعًا مع منظمة الغذاء العالمية بحضور المدير العام للوزارة الدكتور محمد أبو حيدر، حيث تم الإعلان عن إطلاق مبادرة مشتركة بين وزارة الإقتصاد والمنظمة العالمية تهدف إلى تعزيز شفافية الأسواق ومكافحة الفساد في سبيل حماية المستهلك.
ويرتكزُ هذا المشروع على نشرِ أسعارِ السلع الرئيسية وليس الغذائية فقط والتي تزيد عن 20 ضمن 450 نقطة بيع على كامل الاراضي اللبنانية، ما من شأنه أن يتيحَ مراقبةَ الأسعار، ومعرفةَ متوسّط سعرِ السوق وهو أمرٌ يسهّل على المواطنين معرفةَ التكاليف المعيشية ومقارنة الأسعار.
كما يساعدُ المشروع على نشرِ لائحة شهرية بمتوسّط أسعارِ السلع في الأسواق الأمر الذي يسمحُ لمراقبي حمايةِ المستهلك بتتبّع التغيّراتِ السعرية للسلع الرئيسية على المستوى المحلي كما العالمي، مما يساهمُ في تحقيقِ استقرارِ الأسعار وحماية القدرةِ الشرائية للمواطنين، لانه سيُصبحُ في متناولهم ما هو شبيهٌ بمركزِ استطلاع.
ومن هذا المنطلق، وفي حال رصدِ أي تغيّر في الأسواق أو تفاوتٍ بالاسعار بين محافظةٍ وأخرى، يمكنُ لمصلحة حمايةِ المستهلك أن تصوّبَ عملها وعملَ المراقبين، وإذا تبيّن أن الأسعار ارتفعت في النقاط كلها، فحينها نكون امام احتمالين: إما أن المشكلة هي عند المستورِد فتتمّ مساءلتهُ ومحاسبتهُ، أو تكونُ نتيجة لارتفاعِ الأسعارِ عالميا.
هو مشروعٌ يشكّل ركيزةً أساسية لانتظام الأسعار في لبنان، ويُعوَّل عليه لحماية المواطن... عساهُ يكون الخطوةَ الأولى في طريقٍ طويل تسلكهُ القطاعات الأخرى لإنقاذ ما يمكن إنقاذهُ على المستوياتِ كافة.