لا يزال العالم يسعى جاهدا لمنع وصول نيران غزة الى لبنان، وامتدادها من جنوبه الى كامل اراضيه. امس، حط وزير الخارجية البريطانية ديفيد كاميرون في بيروت، في زيارة خاطفة تأتي من ضمن جولة اقليمية يقوم بها، هدفها حث لبنان الرسمي على التقيد بالـ 1701، لانه السبيل الوحيد لابعاد الحرب عن البلاد.
كاميرون حمل اقتراحات عملية للمساهمة في التهدئة، منها انشاء ابراج مراقبة تضبط الامن على طرفي الحدود اي عند الجانبين الاسرائيلي، واللبناني على ان يتراجع حزب الله الى شمالي الليطاني التزاما بالقرار 1701. وقال الدبلوماسي البريطاني "هناك بديل جيّد يتضمن تطبيق القرار 1701، وهذا يعني أن ينقِل "حزب الله" قواته إلى شمال نهر الليطاني، والترسيم الصحيح للخط الأزرق على الحدود، ورفع مستوى التدريب والاستفادة من الجيش اللبناني للقيام بالمزيد من الدوريات الحدودية. وأعتقد أننا إذا جمعنا هذه العوامل معاً، بحذر، يمكننا أن نثبت أن هناك طريقاً للسلام والاستقرار بدلاً من الحرب. ولكن علينا أن نتحرك بسرعة".
الا ان الدولة اللبنانية كررت على مسامعه المقاربة ذاتها التي تضع عقبات امام تطبيق القرار الدولي وامام مساعي اعادة السلام الى الجنوب. فلبنان الرسمي، وفق ما تقول مصادر مطّلعة لـ"المركزية"، يتمسك بالحل الشامل في المنطقة، اي انه يربط بين التهدئة في الجنوب والتسوية الفلسطينية – الاسرائيلية. وقد قال امس وزير الخارجية عبدالله بوحبيب "اننا نرفض انصاف الحلول في الجنوب. اسرائيل تريد ان يتراجع الحزب الى شمالي الليطاني كي يعود المستوطنون، الا اننا رفضنا ذلك ونريدها ان تنسحب من الاراضي التي تحتلها جنوبا كي يعود الهدوء الى المنطقة الحدودية".
ايضا، يحث لبنان الرسمي العالمَ على تكثيف مساعداته وتجهيزاته المرسلة الى الجيش اللبناني. ووفق ما تقول المصادر، فإن اكثر من موفد دولي سمع من المسؤولين اللبنانيين ان الجيش غير مستعد بعد لضبط الحدود الجنوبية. وفي هذا الكلام، تلميحٌ الى ان الجيش اللبناني، كما هو اليوم، بقدراته وعديده، غيرُ قادر على ردع اسرائيل او مواجهتها، وفي هذا الكلام ايضا تبنّ لنظرة حزب الله الى المؤسسة العسكرية.
وفي وقت يحث المجتمع الدولي على تنفيذ القرار الدولي الذي بموجبه، يجب ان ينتشر الجيش اللبناني واليونيفيل، وحدهما، في جنوب الليطاني، وان يتراجع حزب الله الى شماله، بما يحبط المخططات الاسرائيلية العسكرية تجاه لبنان... يأتي لبنان الرسمي ليُبلغ العالم ان ثمة حاجة لتعزيز الجيش ودعمه اكثر، كي يتمكن من الانتشار جنوبا ويمسك بأمنه.
كل هذه المعطيات، لا تُقدم الدعم او الدفع اللازم للمساعي الدولية لاقناع اسرائيل بعدم شن حرب على لبنان. واذا كان ذلك، لا يعني وفق المصادر، ان الامور ذاهبة "حتما" نحو السيناريو الاسوأ، الا ان الاكيد هو ان موقف لبنان الرسمي، لم يكن منذ اللحظة الاولى لاندلاع المعارك او "عمليات الاشغال" في الجنوب، في 8 تشرين الاول الماضي، حاميا للبلاد ولامن اللبنانيين، بل وقفت الحكومة ولا تزال في الموقع الخطأ ولم تتخذ اي اجراء او تدبير او موقف ينتفض لسيادتها ويبعد لبنان عن "ممر الفيلة"...